لا صوت يعلو فوق صوت وزارة الجباية المسماة باسم المالية.. تخرج لسانها للمواطنين وتقول لهم منكم وإليكم.. الزيادات التي تنادون وتطالبون بها من الأجور والمرتبات سيتم تحصيلها من جيوبكم مع وعد منا بأننا سنردها إليكم بعد التأديب والتهذيب! بالأمس قامت المالية باجراء زيادات كبيرة على أسعار السجائر بحجة مكافحة التهرب من ضريبة المبيعات وحقيقة الأمر أن المالية تسعى بأي وسيلة لتحصيل أموال لتمويل مخصصات الحد الأدنى للأجور وبعض المخصصات الأخرى لديها مثل عجز الموازنة الفاضح.. المدهش والغريب أن «المالية» بعد زيادتها لأسعار السجائر تباري المسئولون فيها بدءاً من الوزير وانتهاءً إلى رئيس مصلحة الضرائب ممدوح عمر في نفي هذه الزيادة والالتفاف حول القرار مستخدمين الحلزونيات الضرائبية في كلامهم والتي لا يفهمها الا المتخصصون في المحاسبة الضريبية.. ونفي المالية للزيادات جاء لتطييب خاطر المواطنين وتخديرهم بالكلام المعسول اعتماداً منهم أن المواطنين «ولاد حلال وأصحاب مزاج وكده كده هيشتروا السجائر علشان إحنا شعب مزاجنجي وبكره هينسوا الزيادات دي» وواقع الأمر مر بطعم الزقوم لأن المواطن أصبح فريسة للحكومة.. في السطور التالية نكشف ما حدث في أزمة زيادة أسعار السجائر. بداية نوضح أن العلاقة العنكبوتية بين وزارة المالية والشرقية للدخان متوترة ولم تكن جيدة في يوم من الأيام رغم نفي كل فريق لذلك.. بين وقت وآخر يحدث شد وجذب بين الطرفين وقضية طوابع البندرول ليست ببعيدة ويتمسك كل طرف بموقفه وفي النهاية يرضخ كل منهما للآخر على طريقة «شيلني وأشيلك» وسيب وأنا أسيب!! فوزارة المالية تحتاج الشركة الشرقية لأنها بمثابة مغارة علي بابا لها فهى الشركة التي تكاد تكون تنفق على الدولة بأكملها وتمول مرتبات العاملين بالقطاع الحكومي كله.. والشركة من جانبها تريد وزارة المالية باعتبار أداة من أدواتها لمحاربة التهريب وحائط الدفاع الأول لهم ضد اغراق البلاد بالسجائر المستوردة والتي تلحق أضراراً جسيمة باقتصاديات الشركة.. الأمر الثاني أن الشركة لن يفرق معها كثيراً زيادة الأسعار لعلمهم أن المواطن سيشتري علبة السجائر مهما حدث وبالتالي ستظل الايرادات والأرباح وإن تأثرت قليلاً سارية وموجودة وفي هذه الحالة تضمن الشركة والعاملون بها انتفاخ جيوبهم بالمرتبات الفلكية التي يتقاضونها شهرياً والتي زادت في عهد رئيس الشركة الحالي المهندس نبيل عبد العزيز ثلاث أو 4 مرات دفعة واحدة ومع ذلك يقول العاملون في الشركة من وقت لآخر بالصوت الحياني.. هل من مزيد؟ الشرقية.. آخر من يعلم مساء يوم الأحد الماضي فوجئت مصر كلها بقرار وزير المالية رقم 30 لسنة 2014 والخاص بزيادة أسعار السجائر وأصدر الوزير القرار بشكل «حلزوني» حتى لا يقول الناس والمواطنون إن وزير المالية يتدخل في تحديد أسعار بيع السجائر بالشركة الشرقية، والأمر الثاني أنه يحارب المتهربين من الضرائب، والأمر الثالث أن القرار لم ينص صراحة على اجراءات زيادات في الأسعار.. يأتي ذلك في الوقت الذي سرت فيه الزيادة لدى كافة التجار والوكلاء والموزعين وتجار التجزئة والأكشاك ومحلات البقالة فور صدور قرار الوزير واختفت السجائر في بعض الأماكن بهدف تخزينها وتعطيش السوق لها، الأمر الذي يؤدي في النهاية الى ارتفاع أسعارها وكله فوائد عند التجار، ضرب الدكتور أحمد جلال عرض الحائط بكل قيادات وزارة الاستثمار مروراً بالقابضة الكيماوية مروراً بالشركة الشرقية عرض الحائط وأصدر قراره «الحلزوني» دون اجراء أية اتصالات مع الشركة المعنية بالأمر في المقام الأول والتي عليها أن تواجه الهجوم الشرس من المواطنين بسبب رفع الأسعار.. نص قرار وزير المالية «الحلزوني» على أنه في حالة قيام الموزع أو التاجر بالبيع بسعر أعلى من السعر المعلن بالقائمة السعرية المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القرار فإن ذلك يعد تهرباً وفقاً للبند «9/د» من المادة 47 من قانون الضريبة العامة للمبيعات.. وكأن وزير المالية استطاع أن يقهر كل المتهربين من الضرائب وبقى تجار السجائر مع العلم أن نحو 80٪ على الأقل من السجائر التي تنتجها الشركة الشرقية تباع في أكشاك وعلى الأرصفة وفي الأسواق من خلال افراد لا يحملون أية بطاقة ضريبة أو سجل تجاري لأكشاكهم والتي انتشرت بشكل شرس خلال الثلاثة أعوام الأخيرة.. يعني مكافحة التهرب الضريبي لن تجد من تحرر ضده أي قضايا وتحصل ضريبة منه وبالتالي فهى تعلم تماماً أن الهدف الأول والأخير من القرار هو الحصول على حصالة الشرقية للدخان وجيوب المواطنين على أكثر من 3 مليارات جنيه سنوياً وهى قيمة الزيادة الأخيرة؟! الشرقية.. آخر من تعلم مساء يوم الأحد الماضي توالت الاتصالات على الشركة الشرقية للتأكد من خبر ارتفاع الأسعار وكانت الصدمة عند مسئولي الشركة أنهم لا يعلمون وهذه مصيبة في حد ذاتها لأنه لا يعقل أن شركة عملاقة يعمل بها 14 ألف عامل لا تعلم بأنها ستطبق زيادة سعرية خاصة بمنتجاتها الضرورية لأكثر من 16 مليون شخص يدخنون في مصر وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية. لن تكون الأخيرة لأن وزارة المالية ترى في الشركة الشرقية أنها بمثابة مغارة علي بابا التي تغترف منها، قامت برفع أسعار السجائر وهى الزيادة الرابعة التي تقوم بها المالية على مدار الثلاث سنوات الأخيرة وهو تدخل سافر من الوزارة في شأن وزارة أخرى بالإضافة الى تطبيقها لمفاهيم الازدواج الضريبي.. كانت أسعار السجائر تصدر بقرار جمهوري نظراً لأهميتها وخطورتها واليوم تصدرها وزارة المالية حسب أهوائها مع العلم أن موظفيها وكتيبة مستشاريها هم المنتفعون أولاً من هذه الزيادات الرهيبة في أسعار السجائر لأنهم يحصلون على مرتبات وحوافز فلكية لا يحصل عليها أقرانهم في القطاع الحكومي بأسره والدليل على ذلك أن كل فئات الشعب قامت في أعقاب ثورة 25 يناير بمظاهرات ووقفات احتجاجية مطالبين بإجراء زيادات على المرتبات الا موظفي وزارة المالية والسبب في ذلك أن كروشهم منتفخة وممتلئة بالمرتبات والحوافز لأن كل دخل الدولة يصب في خزانتهم وهم المتصرفون فيه أولاً وأخيراً! في عام 2010 طبقت المالية زيادة كبيرة على أسعار السجائر وبدأت في الأول من يوليو 2010 ودخلت خزانتها نحو 300 مليون جنيه قيمة الزيادة في أسعار السجائر - حينذاك - في عام 2011 كان قرار وزير المالية الأسبق سمير رضوان بزيادة الأسعار على كافة اصناف السجائر المحلية والمستوردة والمثير أن وزير المالية أفصح عن القرار قبل صدوره بنحو 6 أشهر، وفي عهد المعزول كانت الزيادات الفادحة على أسعار السجائر والتي تراوحت بين جنيهين وجنيهين ونصف الجنيه، واليوم جاء الدكتور أحمد جلال ليلهب ظهور المواطنين بمزيد من الأعباء بالزيادات السعرية الجديدة للسجائر، بالإضافة الى تحميل الشركة المنتجة أعباء اضافية كبيرة عليها خاصة إذا وضعنا في الاعتبار الجيوش الجرارة التي تعمل بها وتصل الى 14 ألف عامل يتقاضون مرتبات وصلت العام الماضي لأكثر من 797 مليون جنيه وكانت لا تعدى العام المالي 2011/ 2012 نحو 676 مليون جنيه الأمر الذي يوضح أن مرتبات العاملين في تزايد مستمر عاماً بعد الآخر.. الأمر الآخر أن مبيعات الشركة والتي سجلت العام المالي 2012/ 2013 نحو 17.9 مليار جنيه تتأثر سلباً وتنخفض بشكل ملحوظ نتيجة انتشار عمليات التهريب للسجائر عبر المنافذ الجمركية المختلفة.. يضاف الى كل ذلك أن استثمارات الشركة في تنام مستمر.. خلاصة القول إن وزارة المالية لم تهتم بالمواطن وضربت بتوقيت الزيادات السعرية عرض الحائط، ورأت أن تسارع بتحصيل الزيادات التي سيحصل عليها المواطنون في مشروع الحد الأدنى للأجور عملاً بمبدأ: «منكم وإليكم»!!