تسريب فيديو تفجير مديرية الأمن بفعل فاعل من «جهة أمنية» كاميرات المديرية صوّرت العملية الإرهابية وغرفة المراقبة سجلت جميع التفاصيل لماذا تزامن انفراد «الوطن» مع تأخر الإعلان رسمياً عن حركة تنقلات قيادات الوزارة؟ هل نبالغ إذا قلنا إن تطورات الأحداث بعد تفجير مديرية أمن القاهرة، باتت تنبئ بأن هناك خيانة، أو على الأقل مؤامرة تقبع فى خلفية هذا العمل الإرهابى الخطير؟ منذ وقوع الانفجار الهائل الذى هز جميع أركان وزارة الداخلية قبل أن يهز جدران تلك المنطقة الحيوية الواقعة وسط واحد من أكثر أحياء العاصمة ازدحاماً وكثافة سكانية، وتدور الشكوك والتلميحات والتكهنات والتساؤلات التى تصب معظمها فى خانة وجود تقصير أمنى أدى الى هذا الحادث المريع، وقليلون من المتشككين كانوا يتجاوزون نظرية التقصير هذه، وصولاً الى اتهام جهات بعينها باصطناع وافتعال الجريمة، لغرض فى نفس يعقوب. وعزز من هذه الشكوك إذاعة وبث لقطات فيديو مصورة للسيارات المستخدمة فى التفجير.. تارة عن طريق موقع وجريدة «الفجر»، وأخرى عن طريق موقع «البلد».. وتم ترويج هذه اللقطات باعتبار أن تصويرها تم باستخدام كاميرات المتحف الإسلامى المواجهة لمبنى مديرية الأمن، والغريب أن أجهزة الوزارة صمتت أمام هذا الادعاء الكاذب، وهى تعلم تماماً أن التصوير تم بكاميرات مثبتة على واجهة المتحف الإسلامى، لكنها تدار من داخل مديرية الأمن نفسها، حيث توجد غرفة تحكم كبيرة بداخلها شاشات تكشف وتراقب جميع الشوارع والطرق والمبانى المحيطة بالمديرية من كل الاتجاهات، من خلال شبكة كاميرات موزعة فى محيط المديرية بالكامل، ومن بينها تلك الكاميرا المثبتة على واجهة المتحف، والمفتوحة على المدخل الرئيسى للمديرية. يقيناً.. ان اللقطات المذاعة خرجت.. أو بالأصح تم تسريبها.. من داخل غرفة مراقبة مديرية الأمن.. والمقصود من تسريبها هو توصيل رسالة واضحة وواحدة وهى أن الانفجار وقع رغم أن هناك عيوناً كانت تراقب كل شىء ولم تفعل شيئاً!! وبالأمس.. وتزامناً مع تسريب معلومات عن إجراء حركة تغييرات وتنقلات داخل وزارة الداخلية، شملت قيادات عليا فى قطاعات مهمة.. فجعنا بلقطات فيديو مذهلة ومرعبة تبثها الزميلة «الوطن» عن طريق موقعها الإلكترونى، وتنشر صوراً مستقطعة منها على صفحات نسختها الورقية، تصور لحظة بلحظة كيف قضى منفذو التفجير ليلتهم بالسيارة المفخخة من الساعة الواحدة صباحاً حتى الساعة السادسة والنصف موعد تنفيذ العملية الإرهابية أمام مبنى المديرية دون متابعة أمنية. خمس ساعات كاملة تم تصويرها وتسجيلها لحظة بلحظة، وتظهر فيها كل تفاصيل «العملية» وأدواتها وأشكال وملامح المنفذين الذين كانوا يتحركون بمنتهى الحرية والأمان والثقة فى أن أحداً لن يمنعهم من تنفيذ جريمتهم!! والغريب أن «الوطن» احتفظت لنفسها بمصدر تصوير اللقطات، واكتفت بادعاء أن هذه الصور الخطيرة «التقطتها كاميرات مراقبة فى شارع حسن الأكبر القريب جداً من مديرية أمن القاهرة».. ولم تقل من الذى صورها تحديداً؟ ومن الذى يستطيع أن يثبت كاميرات فى هذه المنطقة بالذات؟ بالعقل وبالمنطق.. لا أحد يستطيع تصوير هذه اللقطات الا مديرية الأمن نفسها.. ومن خلال كاميرات غرفة المراقبة التابعة لإدارة البحث الجنائى بالمديرية.. ومن قام بالتصوير والتسجيل هو نفسه من قام بتسريب اللقطات الى «الفجر» ثم «البلد» ثم «الوطن».. ولا يستطيع احد الادعاء بأن التسريب تم من خلال جهات تحقيق أخرى.. كالنيابة مثلاً.. لأن الأمر لم يخرج من نطاق أجهزة الداخلية بعد، ولم نسمع أو نقرأ أو نعلم أن المديرية أو الوزارة سلمت شرائط تسجيلات المراقبة الى النيابة أو أى جهة تحقيق أخرى غير تابعة للوزارة. والسؤال الخطير الآن هو: لماذا يتم تسريب هذه اللقطات من داخل مديرية الأمن أو من داخل الوزارة؟ ولمصلحة من؟ بمعنى آخر؟ من المستفيد داخل الوزارة أو المديرية من اثبات التآمر او التقصير داخل الجسد الأمنى نفسه؟ لا معنى لذلك إلا أحد احتمالين.. الأول هو ان هناك جهة بعينها او شخصاً بعينه من الداخل متآمر ومتورط فى الحادث الإرهابى برمته.. والثانى هو أن صراعاً يدور بين جهات أو أشخاص داخل الوزارة والمديرية حول من يتحمل مسئولية هذه الكارثة التى هزت ثقة الشارع فى قدرة أجهزة الأمن على توفير الحماية المطلوبة للبلد، ولنفسها، فى الوقت الذى تخوض فيه حرباً ضروساً ضد جماعات التكفير والإرهاب التى تهدد استقرار وأمن المجتمع. الاحتمالان كلاهما مر.. والتزام الصمت من جانب الوزارة سيزيد الأمر تعقيداً ومرارة.. والمكاشفة باتت أمراً حتمياً لا غنى عنه. فإما أن تبادر الداخلية باتخاذ اجراءات فورية واصدار بيان تفصيلى يحل رموز هذه الألغاز ويزيح غموضها.. أو أن تتدخل يد عليا لتوقف هذه المهزلة وتكشف اطرافها..وما اذا كانت لذلك علاقة بما يتردد حول استمرار اختراق أجهزة الوزارة منذ عهد الحكم الإخوانى، أوعلاقة بحركة التغييرات بين قيادات وزارة الداخلية التى لم يتم اعلانها رسمياً حتى كتابة هذه السطور .. وإنَّا منتظرون