اختلف خبراء الاقتصاد وعلماء الاجتماع حول امكانية اجتياح البلاد ثورة جياع الايام القليلة المقبلة ، وبالتحديد قبيل شهر رمضان يقودها الاغلبية الكادحة والفقراء جراء الارتفاع المستمر في اسعار السلع الغذائية الاساسية ،وقلة كميات الخبز المتاحة ،واختفاء انابيب البوتاجاز بأماكن مختلفة , في ظل وجود اكثر من 40٪ من المصريين تحت خط الفقر ، ففي حين استبعد البعض حدوث ما يمكن إطلاق عليه "ثورة الجياع" ، أكد البعض الآخر علي إمكانية حدوثها إذا لم تتحرك الحكومة بسرعة لاستيعاب الموقف ، مطالبين حكومة "شرف" بسرعة اتخاذ خطوات جادة للسيطرة علي السوق وايقاف جشع التجار. وكان عمرو عصفور نائب رئيس شعبة المواد الغذائية قد اكد ارتفاع أسعار ياميش رمضان من 5 إلي15٪ ، كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية بداية من مايو الماضي بنسبة 30٪، وزادت اسعار منتجات اللحوم والألبان من 5 الي 10 والجبن المعلبة بنسبة 8٪ ووصل متوسط الزيادة في أسعار اللحوم المصنعة 12٪. بدأ الدكتور رشاد عبده خبير الاقتصاد الدولي حديثه واصفا زيادة الاسعار بالمشكلة الكبيرة في ظل ارتفاع معدل التضخم وامكانية زيادته الفترة المقبلة , مؤكدا ان الاسعار ستستمر في الارتفاع لتصل مع بداية شهر رمضان الي 30٪.حدأدني، محملا الدولة مسئولية عدم ضبط السوق وانفجار الاسعار ،مشددا علي اهمية تدخلها لتحديد الاسعار، قائلا " لا يوجد تحكم من الدولة في الاسعار وعليها التدخل لتحديدها وضبط السوق من خلال استيراد سلع وتوزيعها بالمنافذ بأسعار أرخص ، وعليها دخول السوق وخلق دور منافس للقطاع الخاص ". وقال "عبده" إن هناك امكانية لحدوث ثورة جياع واحتمالات ذلك قائمة لكن ليس بسهولة ، فكثير من الشعب تضامن مع ثوار التحرير واكملوا معهم الثورة ليس لاهداف سياسية ،ولكن لأخري اقتصادية واجتماعية ، واليوم اين نحن من تلك الاهداف الاقتصادية؟. وشدد "عبده" علي ضرورة استعانة حكومة الثورة بخبراء اقتصاديين لتحسين الاوضاع ،محذرا من امكانية حدوث ثورة الجياع وزيادة تدهور الاوضاع اذا لم تتدخل الحكومة وتتصدي بحزم للاحتجاجات الفئوية وتهيء المناخ للمجال الاستثماري وتوفر الاستقرار الامني، قائلا " قد تحدث ثورة جياع اذا لم تتحرك الحكومة وتعمل علي تحقيق العدالة الاجتماعية وتأخذ مجموعة خطوات تمتص بها غضب الشارع وتعدل من سياساتها المتبعة الفترة المقبلة" , مشيرا الي ان الغلاء هو من سيمكن الفقراء من قيادة الثورة المضادة بل بينما نفي الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم المصري امكانية حدوث ثورة يقودها الطبقة الفقيرة ،قائلا " لا يمكن حدوث ثورة جياع في مصر، فهي طوال عمرها تحوي موارد وخيراً كثيراً كما ان اهلها طيبون وخيرون يساعدون غيرهم من المحتاجين"، واصفا الامر بالمبالغ فيه. وأوضح "المصري" ان الوضع الطبيعي في مصر ارتفاع الاسعار بشهر رمضان سنويا لزيادة الطلب علي المواد الغذائية، فضلا عن قيام التجار باستغلال الوضع باعتباره "موسم رزق " . وأثني "المصري" علي جهود الحكومة المؤقتة الحالية ، مطالبا بعدم التعويل عليها اكثر من اللزوم ،خاصة في ظل محاولات وزارة التضامن التحكم في اسعار السوق ، ومحاولات وزارة المالية زيادة الرواتب ووضع حد أدني للاجور ،مشددا علي اهمية زيادة تحركات الحكومة للتصدي لجشع التجار ووضع رقابة علي الاسعار خاصة الاسمنت والحديد لتشجيع رجال الاعمال علي الاستثمار ،والعمل علي توفير السلع الاساسية خلال شهر رمضان كالسكر والسمن والبلح بالمنافذ الحكومية حتي يمكن امتصاص الارتفاع الزائد في الاسعار بالاسواق العادية . وأكد الدكتور أحمد نجم الخبير الاقتصادي ان هناك ازمة اقتصادية تعصف بسوق السلع الاساسية علي مستوي العالم حاليا، وتأثيرها سيجتاح البلاد خلال اليومين المقبلين فتزيد الاسعار ، في ظل زيادة الطلب واختناق العرض ، مبرئاً ساحة الحكومة ،وقائلا " الحكومة تحاول عمل ما ينبغي عليها , ويجب ان تزيد من مراقبة الاسواق بشكل منضبط لتسيطر علي الممارسات الاحتكارية". أما أستاذة علم الاجتماع الدكتورة عزة كريم فأوضحت ان معظم المواطنين يركرون اهتمامهم بشكل مباشر علي لقمة العيش والانفاق علي الضروريات خاصة ما يتعلق بالمواد الغذائية والصحية ، وحتي اهتمامهم بثورة 25يناير ينبع من مطالبتهم بالاصلاح الاقتصادي وتحسين احوال معيشتهم الاقتصادية فمن اهم اسباب الثورة المطالبة بتوفير لقمة العيش ، فإذا ماوجدوا العكس فتصبح احتمالات القيام بسلوك مخالف واردة في ظل اعتيادهم علي تنظيم مظاهرات فئوية تتمتع بشكل من اشكال العنف . واضافت ان المواطن كان يضع آمال كبيرة علي الثورة لتحسين أوضاعه بشكل فوري ،إلا انها وحتي الآن لم تستطع تحقيق ذلك ،فالاسعار في تزايد وأي زيادة حتي لو كانت 10صاغ مردودها سلبي علي المواطن ، لذا فعلي الحكومة مراعاة التحكم في الاسعار والعمل علي تخفيضها لما لذلك من مردود ايجابي. والمشكلة تزداد سوءا في شهر رمضان، فمن المعروف ان الانفاق في هذا الشهر يكون مضاعفاً، واذا وجد المواطن الاسعار في تزايد ستصبح المظاهرات في تزايد ايضا، وعلي الحكومة المؤقتة الحفاظ علي الثورة بمراعاة مثل هذه المشاكل والتي قد تهدر انجازات الثورة بشكل سريع ، فتتصدي للتجار وتزيد من حملاتها التفتيشية الصارمة، حتي تضمن التفاف الفقراء حول الثورة. وفيما يتعلق بإمكانية حدوث "ثورة جياع" اكدت "كريم" انه لايزال هناك بعض الوقت قبل حدوث مثل هذا الامر، فاحتمالية حدوثها الآن ضعيفة جدا، قائلة" قبل الثورة كنت اقول إن ثورة جياع سوف تحدث بالبلاد لعدم وجود امل في المستقبل والفقراء في تزايد ومعدلات النهب والفساد في ارتفاع، اما بعد الثورة وانخفاض معدل السلبيات ولو قليلاً وشعور بوجود امل في المستقبل، أستبعد حدوثها في الوقت الراهن ". بينما استبعدت الدكتورة نجوي عبدالحميد أستاذ علم الاجتماع بكلية آداب جامعة حلوان فكرة حدوث ثورة يقودها الفقراء احتجاجا علي الغلاء، مشيرة الي ان الشعب المصري من صفاته الصبر والتحمل ، كما ان الحكومة تسعي بأقصي جهدها لضبط الاسواق ، وهناك خطوات ايجابية تقوم بها الحكومة لم تكن متوفرة من قبل . وقالت "عبدالحميد" لم نر من قبل وقفات احتجاجية اعتراضا علي ارتفاع الاسعار من قبل أو بعد الثورة ، ولن يحدث ذلك وعلي المواطنين اعطاء الفكر والعهد الجديد فرصة لشرح نفسه. وأوضحت استاذة الاجتماع ان المظاهرات زادت لشعور المواطنين باهتمام الحكومة بأصحابها، فأصبحت توصل صوتهم وتعد القناة الشرعية للحصول علي حقوقهم ، علي العكس السابق , فكان النظام القديم يتعامل سلبيا مع المتظاهرين ، وعلي اصحاب المطالب الفئوية الصبر قليلا , فقد احتملوا 30 عاما فلن يتضرروا لو اصبحوا 31. واعتبر الدكتور احمد زايد استاذ علم الاجتماع قيام ثورة جياع أمر وارد إلا انها فكرة لا يمكن التنبؤ بموعدها , معترضا علي وصفها بهذا المصطلح، وواصفا الشعب بالصبور والمساند لبعضه . وطالب "زايد" الحكومة بالتدخل والوقوف في وجه جشع التجارو إعادة التعاونيات وسرعة إيجاد حلول بديلة , قبل انفجار الاسعار في رمضان وتضاعفها عدة مرات.