لم يستطيعوا النجاة من بطش قوات الأمن الغاشمة، ولم تحفر أسماؤهم فى النصب التذكارى للشهداء .. آثار 25ينايرستظل باقية على أجسادهم حتي يواريها التراب وكأنها تصرخ "إذا نسيتم ميدان التحرير ستظل عاهتى ذكرى للثورة ". تشير تقارير لجنة تقصى الحقائق بمجلس حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية إلى أن عدد شهداء ثورة 25 يناير وصل إلى 823 شهيداً و7 آلاف مصاب، ومن واقع التقارير الطبية لكل حالة تبين أن معظم الإصابات بالجزء العلوي بالجسم, وأن عدد المصابين في العين فقط بلغ1200, منهم ألف حالة دخلت معهد العيون, و200 حالة بمستشفي "قصر العيني" بمصابة بتهتك بالعين ونزيف حاد وضياع البصر في بعض الحالات, مما يدل علي تعمد قوات الشرطة قتل المتظاهرين أو إصابتهم بإصابات خطيرة تهدم حياتهم. وبالرغم من توقع الكثيرين قيام المسئولين بالتخفيف عن المصابين وتضميد جراحهم بعد الثورة، إلا أنهم فوجئوا بإهمالهم دون علاج أو إجراء الجراحات المطلوبة .. وأن عليهم الانتظار من بين المئات لأخذ دورهم في الجراحة حتى وصل الحال ببعضهم إلى الخروج من المستشفيات دون علاج، ليعانوا الأمرين في المستشفيات الخاصة التي لا يملكون تكاليف العلاج بها خاصة أن المسئولين تركوهم بدون معاش ولم يوفروا لهم فرص عمل مناسبة لحالتهم الصحية التى أصبحوا عليها من جراء إصاباتهم . من بين آلاف المصابين التقت بوابة الوفد ببعض النماذج التى دلت أن الوضع الحالى لا يختلف كثيرا عن السابق حينما كانت التصريحات تطلق دون أفعال ملموسة .. شلل بذراعى محمد اسماعيل احمد .. كان يعمل سائق تاكسي ويكسب قوته يوما بيوم، لديه من الأبناء ستة ..أعجبته فكرة المظاهرات خاصة أنها تنادى بالعدالة الاجتماعية فقرر الخروج مع المتظاهرين ليس من أجله بل من أجل أبنائه ليعيشوا غدا أفضل. يقول محمد: خرجت إلى ميدان التحرير وفوجئت بمهاجمة قوات الأمن لنا وإطلاق الأعيرة النارية علينا، فأصبت بطلق نارى بذراعي الأيسر وتم نقلى على الفور إلى مستشفى القوات المسلحة بالحلمية، وهناك أخرجوا الرصاصة من ذراعى وتم تحرير محضر بالواقعة، وفى اليوم الثانى تم تحويلى إلى مستشفى قصر العينى وقاموا بعمل أشعة رسم عصب على ذراعى المصاب وبعدها اكتشفت أن ذراعى، مورد رزقى الوحيد، أصيب بالشلل, وبين عشية وضحاها أصبحت عاجزا عن العمل. يؤكد محمد أنه صدق تصريحات المسئولين التى أكدت أنه سيتم صرف تعويضات لمصابي الثورة وعلاجهم على نفقة الدولة وسفرهم للخارج اذا استدعت حالتهم ذلك، لكن الواقع كشف أنها مجرد تصريحات على الورق فقط. أين التعويضات محمد حمدى قنديل- 26 سنة - كهربائى.. شارك بمظاهرات جمعة الغضب وتلقي خلالها رصاصة بالعين اليمنى تسببت فى حدوث انفجار بالعين وتهتك الشبكية وقطع مركز الإبصار , نقله أصدقاؤه إلى مستشفى الرمد بروض الفرج وقاموا بتحرير محضر بالواقعة برقم 1243 لسنة 2011 جنح قصر النيل، وتم إجراء جراحة بالعين.. ولسوء حالته الصحية تم تحويله إلى مستشفى قصر العينى هو الآخر وهناك أجريت له جراحة أخرى بعدها أكد الأطباء أنه يحتاج ثلاث عمليات جراحية أخرى..! يقول محمد: حياتى تحولت إلى جحيم بسبب التلف الذى أصاب عينى وتسبب فى حدوث إغماءات متكررة الأمر الذى جعلنى غير قادر على العمل , انتظرت صرف تعويضات أو معاش أو حتى توفير فرصة عمل مناسبة، لكن بكل أسف أصبحنا فى طى النسيان ولم يمض سوى شهور على الثورة، وليت الأمر اقتصر على بمفردى بل أصبحت عاجزا عن توفير العلاج اللازم لأمى مريضة السرطان بسبب عدم وجود مصدر رزق . فصلوني من عملى محمد ممدوح ابو سريع - 24 سنة- متزوج حديثا وزوجته حامل في طفله الأول، عامل بسيط لتوصيل السلع بأحد المحلات، أصيب بطلق نارى بالصدر يوم السبت الموافق 29 يناير وتم نقله إلى مستشفى الهلال لتلقى العلاج اللازم، وتم تحرير محضر برقم 2435 جنح لسنة 2011 وعمل تقرير طبى بحالته والذى أكد حدوث نزيف شديد بتجويف الصدر وتهتك بالرئة اليمنى، لذلك تم تركيب أنبوبة صدرية وبعد أسبوع خرج من المستشفى ليجد نفسه مفصولا من العمل..! يقول: لعجزى عن العمل وعدم تمكنى من القيام بأعمال شاقة ذهبت إلى وزارتى التضامن الاجتماعى والمالية بحثا عن أي تعويضات التى أكد المسئولون أنها ستصرف فى أقرب فرصة، وهناك اكتشفت المفاجأة القاسية وهى أن المصابين لن يصرفوا اية تعويضات!! بصرى ضاع انجى محمد عبد النبى- 19 سنة -تقول : أنا الابنة الكبرى لخمسة أشقاء.. كنا نعيش حياة هادئة لكن دوام الحال من المحال، فقد مرض والدى مرضا شديدا وأصبح عاجزا عن العمل وفجأة أصبحت العائل الوحيد لأسرتى، خرجت إلى سوق العمل فى سن مبكرة وعملت بأحد مصانع الملابس بطنطا وعندما قامت الثورة قررت المشاركة فى المظاهرات لأعبر عن معاناة الطبقة المعدمة، ولسوء حظى أصبت بطلقة مطاطية بالعين اليسرى استقرت بالمخ فتم نقلى إلى مستشفى الجامعة بطنطا، مكثت به 15 يوما بسبب خطورة اصابتى حيث تسببت في نزيف داخلى بالعين وتليف وتمزيق بالشبكية، ولسوء حالتى تم تحويلى إلى مستشفى قصر العينى لعمل الاشعة اللازمة على المخ والعين.. وهناك أكد لى الأطباء أننى فقدت البصر نهائيا بالاضافة إلى صعوبة استخراج الرصاصة من المخ. قررت عدم الاستسلام وعرضت حالتى على العديد من الأطباء لكنهم أكدوا أننى لن أرى مرة أخرى . انجى لم تتلق هي الأخرى أي تعويضات مالية، حتى العلاج والفحوصات الطبية التى قامت بها كانت على حسابها الخاص .. وهي الآن فاقدة للبصر وللعمل ..ولاهتمام المسئولين!