كليوباترا وحتشبسوت وشجرة الدر سيدات قدن الدولة المصرية، احتلت السياسة المركز الأول فى عقولهن، و لكنهن كن على قدر المسئولية، تربعن على عرش المجتمع المصرى، مجدهم التاريخ، و تفاخرت بهم الأجيال، كن أصحاب رسالة ونضال وهدف، لم يكن حينها صوت المرأة "عورة". كانت يد المرأة بيد زوجها فى كل شئ، لايستخدمها الرجل لحماية ذاته أو منصبه، لا يضعها فى وجه المدفع لتكون ستارا على جرائمه و عنفه، و هذه الشخصيات النسائية القيادية فى المجتمع المصرى لا تدل إلا على مدى الوعى السياسى لدى السيدات المصريات منذ عهد الفراعنة أى منذ 7000 عام مضى. و لكن و إن كانت هذه النماذج قادت جيش مصرفى معارك حربية، أو أدارت أعمال البلاد، فبتغيرالعصر وأحداثه وظروفه يتطورالأداء النسائى معه،وكان أول ما يشهده العصر الحديث من تطور فى وعى النساء بالسياسة، هو خروج النساء لأول مرة فى تظاهرات ضد لجنة ملنر البريطانية و أعمالها فى مصر، و احتجاجا على نفى زعيم الأمة سعد زغلول فى9 مارس 1919 بقياة صفية زغلول "أم المصريين" و زوجة الزعيم الراحل، لتثبت أنها نصف المجتمع، و أن المشاركة هو أسلوب حياتها الذى لا بديل عنه. و شاركتها المناضلة هدى شعراوى، و التى كانت ضمن القيادات النسائية فى تظاهرات ثورة 1919 و التى طالب فيها الكل باستقلال مصر، و وقفت المرأة بجانب الرجل لتوحيد الرأى و الهتاف ضد الاحتلال، و كما شاركته الهتاف شاركته أيضا الموت من أجل الحرية، و سقطت أول سيدتين شهيدتين فى 14 مارس 1919 و هما حميدة خليل وشفيقة محمد، معلنة بذلك صوت التضحية مثلها مثل الرجل. و كانت أبرز الأفعال التحررية التى قامت بها النساء فى هذه الفترة هى قيام صفية زغلول عام 1921بخلع نقابها عند وصولها مع سعد زغلول إلى الأسكندرية لتكون بذلك أول سيدة مصرية تخلع نقابها، وسط مهاجمات ضارية متهمين إياها بعدم الحياء!، و أيدتها هدى شعراوى التى خلعت نقابها أثناء حضورها إحدى ندوات زعيم الأمة الراحل فى أثناء استقباله بعد عودته من المنفى إلى الأسكندرية لتشجع النساء على هذا الفعل، الذى لا يعبر عن تبرج دينى. و جاءت مشاركة البنات و السيدات فى تظاهرات ثورة 25 يناير 2011 مكملة لمسيرة الجهاد السلمى للسيدات المناضلات، اللاتى يدافعن عن حقهن فى التعبير عن رأيهن، يدافعن عن حق أمة، يناضلن من أجل إسقاط نظام فاسد. وقفوا مع الشباب فى وجه قنابل الغاز المسيلة للدموع، و خراطيم المياه، و مدرعات الشرطة، و صمدوا فى موقعة الجمل الشهيرة ولم يتخاذلوا، كان صوت هتافاتهم يلهب حماس الثورة والثوار،كان بياتها فى ميدان التحريروسط المتظاهرين ووسط حماية من شباب الأمة العقلاء إنما هو إيمانا منها برسالتها، و دفاعا عن حق مشروع و ليس خللا أخلاقيا كما عاب عليهم بعض المتشدقين بالإسلام. وكما كان الحال فى 25 يناير، اكتمل المشهد الراقى لتظاهرات السيدات فى ميادين مصر فى ثورة 30 يونيو الماضى، و آثروا أيضا الإنضمام إلى صفوف المتظاهرين لإكمال رسالتهم و دورهم المجتمعى و السياسى، و لكن انقلب الحال بعد 3 يوليو الماضى، و دخلت السيدات فى حقبة جديدة من التظاهر! و بدون مبالغة فهى بالأحرى حقبة الإستغلال السياسى للسيدات، إذ أقحمها الإخوان داخل اعتصاماتهم، لنرى قمة التناقض بين أقوالهم عن فتيات ميدان التحرير و أن مبيتهم "قلة أدب" ، و بين إجبارهم لنسائهم على الإعتصام فى ميدانى رابعة العدوية النهضة لمدة 48 يوما متواصلا، و تكون هى الشريفة المناضلة!. و إذا كان اعتصامها سلميا فلن تكن هناك مشكلة، يمكن اعتباره دفاعا عن حق يعتبروه مشروعا، و لكن انحرف مسار اعتصام – السيدات – عن السلمية نوعا ما، فأخذوا يحرضون على العنف ضد قوات الجيش و الشرطة، و الخروج فى تظاهرات مسلحة و حملهم للسلاح فى حقائبهم، و قطع الطرق أحيانا، و من أبرز ما قاموا به تنظيم تظاهرات في 20 يوليو2013 أمام وزارة الدفاع، وكان هناك مشهد بثته الكثير من الفضائيات لسيدة منتقبة تعترض سيارة مصفحة، وترقد أمامها لمنع تحركها. كما حدث لأول مرة فى تاريخ الجماعة المحظورة في 22 يوليو،أن تتحرك مسيرات ليلية للنساء المتظاهرات من أمام مسجد الخليل إبراهيم بحدائق المعادي، يرفعن لافتات ضد الجيش والشرطة، وينددن بما وصفنه بالإنقلاب، ويطالبن بعودة الرئيس المعزول. و ذلك بالتزامن مع مسيرات نسائيةتقطع الطريق الزراعي بمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، وتطالب بعودة الرئيس المعزول. كما كانت أبرز المحرضات على العنف ضد قوات الجيش و الشرطة هى عزة الجرف النائبة السابقة بمجلس الشعب المنحل، حيث تناقلت الصحف المصرية، والمواقع الإلكترونية تصريحات خطيرة لها، كان نصها“,” نبشر بأعداد كبيرة من القتلى في صفوف الجيش، والشرطة المصرية، إذا لم يتم الإفراج عن محمد مرسي، مشيرة إلى أن مقتل الجنود كل يوم هو حادث بسيط مما سوف يحدث بعد ذلك، وأنه عندما تأتي طائرات الناتو، وتدخل مصر، سوف يركع الجيش المصري للإخوان، وحينها لم نرحمهم“. و لم يتوقف دورهم فى العنف عند هذا الحد، بل القيام بتوصيل ونقل السلاح والذخيرة إلى المتظاهرين، إذ وجد فيديو مسجل لثلاث سيدات من نساء الإخوان تم القبض عليهن في 18 أغسطس، ليلة أحداث مسجد الفتح الدامية، وبحوزتهن أسلحة ورشاشات إسرائيلية الصنع. و أخيرا أحدث أنواع عنف البنات فى التظاهرات هو اعتداء عدد من طالبات الأزهر على عميدة كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتورة مهجة غالب و التى أبرحوها ضربا بعد أن أوقعوا بها على الأرض، لتشعر بحالة من العنف و العدوانية غير طبيعية، مما قد يشير إلى عدم وجود استقرار بحالتهم السيكولوجية! فهكذا كانت و هكذا أصبحت، كانت ثورية مناضلة تنادى بالحرية والتحرر الفكرى و العقلى، عندما كان المجتمع بسيطا، هادئ النفس، متعقلا و إن أخذ التغيير وقتا ليصبح واقعا و لكنه يحدث، أما الآن فسيئ استغلالها من قبل عقليات ليست متأهلة للقيادة فى أى مجال، دفعت بها لتلقى مصرعها فقط لحماية أنفسهم!، فإذا كانوا هم رجال الدين ألا يذكرون قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " و استوصوا بالنساء خيرا" ؟!.