يكاد الإرهاب أن يتحول لجزء من الحياة اليومية في عالمنا المعاصر، فلا يكاد يمر يوم دون أن تقع عملية إرهابية فى مكان ما من العالم داخليا وخارجيا، وتحتل أنباء الإرهاب مكان الصدارة فى وسائل الإعلام وتحظى – بما تحتويه من إثارة – بجذب الانتباه والاهتمام من الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية وانتماءتهم السياسية ولم تعد المشكلة مقصورة على دولة بعينها وإنما مشكلة دولية بكل معنى الكلمة. اللواء سلامة الجوهري رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بالمخابرات الحربية الأسبق ليوضح، ويفسر، ويجيب عن كل المسكوت عنه في تفسير الإرهاب الذي تشهده مصر حالياً. بداية ماذا يعني الإرهاب فى رأيك؟ - إن الإرهاب هو نشاط مجموعة تعتنق فكراً معيناً ولديها اعتقاد أنها علي صواب وأن كل المجتمع من حولها كافر طالما يعارضها فى الرأى، وهذا ممثل فى فكر الجماعات الجهادية والإسلامية، حيث لديهم اعتقاد راسخ أنهم يقضون على الكفار بتطبيق الشريعة الإسلامية ومن يفعل ذلك يدخل الجنة، وكل هذه معتقدات داخلية لديهم ولذلك نحن نسمى الإرهاب «إرهاباً أعمى». وما هى الأسباب الرئيسية التى أدت إلى ظهور هذا الإرهاب الأسود حاليا فى مصر؟ - الإرهاب فى مصر بدأ يطفو على السطح منذ التسعينيات على يد التيارات الإسلامية بمحاولات مختلفة منها المحاولة الفاشلة لاغتيال محمد عبدالحليم موسى، وزكى بدر، واغتيال رفعت المحجوب. لكن هل الإرهاب محاولة للقفز على السلطة أم ارتزاق سياسي؟ - هى محاولة لمساندة عناصر معينة للقفز على السلطة، وهم الأداة المساعدة المأجورين بالمال نتيجة لاتفاقات ووعود معينة، وعلى ذلك فالإرهاب هو الأداة المنفذة لآخرين للاستحواذ على السلطة. سلسلة الاغتيالات السياسية.. هل هى مرحلة لعودة الإخوان للسلطة أم هى محاولة لإرهاب من يعمل فى ملفاتهم؟ - هى محاولة للتفاوض والخروج بمكاسب لكن رجوعهم للسلطة أصبح من المستحيل، وما يحدث من تفجيرات واغتيالات يهدف للوصول الى مكاسب معينة ونلحظ أن نغمة الإخوان عن مرسى بدأت تقل في مطالب الإخوان والنغمة الموجودة الآن هى الإفراج عن المعتقلين. ما هو دور الحكومات وأفراد المجتمع لمكافحة الإرهاب؟ - دور الحكومة أن تعرف ما هى مسببات الإرهاب وتقضى عليها، وأنا أرى أن مسببات الإرهاب هى الصحة والتعليم والفقر وهي قضايا يجب توجيه أكبر قدر من الاهتمام لها، ولا بد من اتخاذ قرارات حاسمة، خاصة أن الشارع المصرى يرى أن «الببلاوى» غير حازم، ولابد أن يكون هناك وعى من المجتمع وكل من يعمل فى الأجهزة الأمنية لابد أن يكون لديه نوع من تأمين نفسه ويدرك أنه مستهدف ويغير خط سيره ويكون حذراً فى الاتصالات التليفونية لا يقول أسراراً، فهناك الكثير من التسجيلات تمت وكل الجهزة الأمنية والاتصالات كانت تحت السيطرة (مراقبة) أثناء وجود الرئيس المعزول، لذا لابد أن يكون هناك وعى من الناس للقضاء على الإرهاب والمطلوب من كل مواطن اذا وجد شخصاً تصرفاته غامضة أن يبلغ عنه فورا، لابد من القضاء على السلبيات عند الناس وتوافر الإيجابيات واليقظة فى تصرفاتهم؟ هناك فجوة بين المجتمع المدنى والمؤسسات الأمنية.. فما رؤيتكم لمعالجة تلك الفجوة؟ - صحيح الأجهزة الأمنية تتمثل فى المخابرات العامة والمخابرات الحربية الممثلة فى القوات المسلحة ووزارة الداخلية وبها أمن الدولة وعناصر خارجية تتبع لوزارة الخارجية والسفارات أيضا لها دور كبير في جانب الإمداد بالمعلومات، هناك تواصل وروابط وتبادل معلومات على أحسن ما يكون مع هذه الأجهزة، وإن كنت أعترف بأن هناك ثغرة حدثت فى الشارع المصرى مع وزارة الداخلية نتيجة الممارسات الخاطئة التى كانت تتم فى العهود الماضية لأن الداخلية هى التى تحتك بالمواطن فى الشارع، لذا المواطن دائما يشعر بفجوة وسوء معاملة واضطهاد، لكن الجيش بعيد كل البعد عن هذه المنظومة نهائيا، الجيش لم يدخل المنظومة إلا بعد 25 يناير، لذا هم يحاولون الزج بالقوات المسلحة.. لكن نلحظ أن السياسة الآن فى طريق جيد ووزير الداخلية أختلف أسلوبه عما قبله ومن اللافت للنظر أن أسلوب الضباط فى الشارع المصرى اختلف عن ذى قبل، وهذا حقاً ما يحتاجه المواطن والآن نلحظ أن معظم الشعب المصرى راض عن تعامل الشرطة والقوات المسلحة وليس هناك أى سوء فى المعاملة، لكن الطرف الآخر الذى يسعى للسلطة هو الذى يحاول ان يسيء للأجهزة الأمنية، لكن الآن لا أرى فجوة بين الشعب ووزارة الداخلية فقد تم إصلاحها، والطرف الآخر حاول عمل فجوة بين القوات المسلحة والشعب لكن حدث مردود عكسي والناس أرتبطت أكثر بالقوات المسلحة. هل تعتقد أن قانون مكافحة الإرهاب يحد من موجات العنف؟ أى قانون يمكن له أن يحد من الإرهاب، المشكلة تكمن فى تطبيق القانون، لابد أن يطبق بآلية وحزم وإصرار، وأطالب الدولة والحكومة أن تعلن أن الإخوان جماعة إرهابية معادية للدولة وليست جماعة محظورة فقط، إن الإخوان يريدون إفشال الجامعات خاصة مع عدم وجود حرس جامعة، لذا أطالب برجوع حرس الجامعة فى أسرع وقت. هل حقاً أن ثورة 30 يونية أوقفت مخططاً أمريكياً لتركيع مصر؟ - بكل تأكيد نعم ثورة 30 يونية أوقفت مخططاً أمريكياً لتركيع مصر، فمن المعروف أن الحقائق لن تظهر إلا بعد مرور سنوات، اليوم قيل إن الرئيس المعزول مرسى كان على اتفاق مع امريكا لتعزيز شرعيته فى البلد مقابل أن يترك مرسي آلاف الأمتار من الشريط الحدودى لرفح بعمق 40 كيلو وواجهة 13 كيلو، لتوطين الفلسطينيين وتخفيف الضغط عن إسرائيل مقابل استمرار الإخوان فى الحكم. وأذكر أيضا أن كان هناك اتفاق أن مرسى تنازل فى الحدود الجنوبية عن حلايب وشلاتين للسودان وأنكره رغم أن كل هذا الكلام مسجل، ومسئول بالسودان أكد ذلك، و«مرسى» كان يفعل كل هذا من أجل البقاء فى السلطة وهناك اتفاقيات بين مرسي وحركة حماس والدليل على ذلك أن طوال عام لحكم المعزول لم يتم توجيه طلقة تجاه إسرائيل، ولن ننسى أن حليف امريكا فى الشرق الأوسط هو إسرائيل، والرئيس أوباما قال هذا الكلام علناً: أن أمن إسرائيل من أمن أمريكا والذى يهمه فى المقام الأول إسرائيل وليس مصر، ولذلك بدأ بإضعاف العراق وتكسير الجيش العراقى الذى كان من أقوى الجيوش العربية الموجودة ، ثم انتقل إلى الجيش السورى، والجيش الوحيد الموجود الآن هو الجيش المصري. لقد كان كل هذا بالطبع مخططا والدول العربية كلها غافلة عن هذا الموضوع. لكن هل تعتبر القضية الفلسطينية جزءاً من العنف والإرهاب فى المنطقة وما هو دور كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس فى مساندة الإخوان؟ - القضية الفلسطينية ليس لها دور نهائيا فى العنف، و«حماس» الآن أصبحت الحكومة المقالة وغير معترف بها اليوم لكنها تحاول إقامة جناح للإخوان داخل فلسطين والرئيس الشرعى لها هو محمود عباس وهو في حالة عدم وفاق مع حماس، لذا فإن حماس اليوم تعد جماعة منشقة تفرض سيطرتها بالقوة داخل فلسطين وليس لها علاقة بالقضية الفلسطينية، ومصر لن تتنازل عن القضية الفلسطينية وستظل داعمة لها، وأؤكد أن ما يحدث الآن ليس من الفلسطينيين أنفسهم ولكن من حماس والكتائب المنتمية لها. هل ممكن للإرهاب الأسود أن يطور نفسه مع غلق منافذه المختلفة ؟ - أعتقد أنه نتيجة لغلق الأنفاق ومنافذها ومعابر رفح فإنه لا يتبقى سوى منفذ كرم أبوسالم مع إسرائيل لكنه تحت السيطرة، فمن الطبيعى أن يصبح كل الناس الذين كانوا متواجدين في سيناء موجودين في الإسماعيلية والشرقية لوجود أواصر بينها وبين قبائل كثيرة داخلية. وأعتقد أن الإرهاب سيتزايد، إلى أن تستقر الأمور فى مصر وذلك بوجود الرئيس المنتخب ومجلس النواب (الشعب) والدستور. لكن الحكومة الآن تعمل بأياد مرتعشة، وللأسف كل الوزراء الآن متخوفون من اتخاذ قرار ويعملون بأياد مرتعشة، وهو ما يعني عدم اتخاذ قرارات حاسمة، لكن بكل صراحة لولا وجود القوات المسلحة لكنا دخلنا فى حرب أهلية. ما رأيكم فيما قيل إن المشير طنطاوي سلم البلد للإخوان؟ - الذى فعله المشير طنطاوى والمجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية إذا لم يحدث كانت البلد ستحترق، هناك الكثير هاجموا المشير طنطاوى وقالوا إنه سلم البلد والسلطة لكن ما فعله كان «صح» جداً وربنا كان يريد ذلك لأنه إذا وقف المشير طنطاوى ضد الإخوان آن ذاك كانت البلد ستحترق، لأن الشعب كله كان متعاطفاً مع التيار الدينى نتيجة ما شهده من الحزب الوطنى السابق من ممارسات فساد، لذلك كانت الناس تقف مع الإخوان، وإذا كان الجيش وقف ضد الإخوان لوقف الشعب أمام الجيش وأصبحت هناك مجازر، لكن بعد ما أخذ الإخوان الحكم عاماً كاملاً وبعد أن احتك بهم الشعب واختلف معهم، نلحظ ان الشعب يقف مع القوات المسلحة ولا يقف مع الإخوان. ملف الطابور الخامس يمثل خطرا شديدا على كيان الدولة.. كيف تتم مواجهة هذه الفئة المارقة؟ - هذا الطابور معروف والمفترض أن تأخذ الحكومة موقفاً حازماً مع هذا الطابور الذى زرعه المعزول داخل الوزارات والهيئات والمحافظات والمجالس المحلية والهيئات فهم معروفون بالاسم، فما المانع من خلعهم وبترهم من هذه الأماكن؟ اغتيال مبروك هل وراء حادث اغتيال الضابط محمد مبروك المسئول عن ملف الإخوان، مخابرات أجنبية.. أم كانت رسالة من جماعة الإخوان لكل من يفتح ملفاتهم؟ - المقدم محمد مبروك لم يكن وراء اغتياله مخابرات أجنبية لأنها أكبر من هذه العملية، لكن إذا وجدنا الشهيد قتل فى مكتبه أو مشنوقاً فى منزله بطريقة معينة أو وضع له السم، هنا يكون اغتياله من مخابرات أجنبية مثلما حدث مع الرئيس ياسر عرفات واللواء عمر سليمان، وهذه الحقائق لن تظهر إلا بعد مرور سنوات مثل ما ظهر الآن حول حقيقة اغتيال عرفات، لذلك أقول وأؤكد أن الإخوان هم الذين قتلوا الضابط مبروك ولهم مصلحة فى قتله لأنه يعمل فى الأمن الوطنى فى النشاط الدينى المتطرف سواء الإسلامى أو المسيحى أو اليهودى أو الشيوعى، وهو من أعد مذكرة هروب «مرسي» وتخابره ومعه تسجيلات ووثائق، وقتل مبروك ليس مقصوداً منه قتل القضية لأنه ليس شاهد عيان، لكنها رسالة وإرهاب للضباط وكل من يعمل فى ملفاتهم، والقضية لها ملفاتها وتسجيلاتها وأى ضابط يقتل غيره من الضباط سيكمل مكانه من واقع التسجيلات والمستندات والأدلة وليس كشاهد عيان، وأنصار بيت المقدس أعلنت مسئوليتها عن الحادث وقالت إنها ستوالى التهديدات والاغتيالات وهذه رسالة من الإخوان المسلمين بالتعاون مع بيت المقدس، وأشير إلى أن هناك مخططاً لاغتيال الأدباء والمفكرين والإعلاميين والشخصيات العامة مثلما كان يحدث فى التسعينات. لكن ماذا عن قصة ال 17 أفغانياً الذين دخلوا مصر فى عهد الرئيس المعزول مرسي بتأشيرات للدراسة فى جامعة الأزهر واختفوا فجأة؟ - هناك 17 أفغانياً دخلوا مصر بتأشيرات للدراسة فى جامعة الأزهر فى عهد المعزول وقطنوا في 4 شقق سكنية فى مدينة نصر ولم يلتحقوا بجامعة الأزهر وعندما عزل مرسى تركوا هذه الشقق ولم يلتحقوا بجامعة الأزهر، فمن هؤلاء الأفغان وأين هم الآن ولماذا لم يتقدموا بأوراقهم لجامعة الأزهر، أرجو من الجهات المعنية والحكومة ووزارة الخارجية وجامعة الأزهر الإجابة عن هذه الأسئة لأن هذا الموضوع فى منتهى الخطورة. ما أحلامك للمستقبل؟ - أحلم وأتمنى أن يتم اقتلاع وبتر الإرهاب من جذوره تماماً من داخل البلد وهذا لن يتم إلا بمعالجة وإصلاح منظومة الصحة والتعليم ومعالجة الفقر، وأن يشعر كل الناس بالانتماء والولاء، الإخوان ينتمون لفكر معين لكن ليس لديهم الولاء للبلد.. ومن الجانب الأمنى أتمنى القضاء على الإرهاب الدولى بتبادل المعلومات وتجميعها من السفارات بالخارج وأن ندرس كل نشاطات الجماعات الإرهابية على مستوى العالم والوطن العربى وكيفية أساليبهم وتسليحهم وأموالهم من أين تأتى؟.. ومن هى الرأس المدبرة لهم؟.. والتعرف على تدريباتهم العسكرية وأماكن تمركزهم؟.. لابد أن تكون أجهزتنا الأمنية على علم بكل هذا، فهم يعرفون أسلوب أنصار بيت المقدس والقسام والفرقان فكل جماعة لها أفكارها وأسلوبها، لذا أطالب بالقضاء تماماً على الدراجات البخارية والسيارات التى تسير دون لوحات خلفية، وللأسف الكمين يسأل عن الرخص فقط ولا ينظر للوحات الخلفية، أتمنى وأطالب برجوع الكونسطبل والعربات الأتارى. كما أتمنى النهوض بالمنظومة الأمنية وحسن التعاون مع دول الجوار لأن الإرهاب سيدخل فى المقام الأول من الدول الحدودية، لذا لا بد من تأمين حدودنا من جانب فلسطين وليبيا والسودان والبحر الأحمر والتعاون على أعلى مستوى فى تبادل المعلومات مع جيراننا، وأتمنى تفعيل قانون الإرهاب الدولى معهم، ولابد أن تكون كل الدول لديها الاستعداد للقضاء على الإرهاب الدولى.. وأتمنى من الرئيس القادم أن يهتم بشمال سيناء لأنها أرض الفيروز، وأن يحب أيضاً البحر الأبيض وميناء بئر العبد الذى للأسف يصدر أجود أنواع الأسماك للخارج، مثل ما كان مبارك يحب البحر الأحمر وجنوب سيناء. باختصار.. كيف ننهض بالمنظومة الأمنية إلى الأفضل؟ - هذا يتطلب مراعاة متطلبات ضابط الداخلية والصف وأمناء الشرطة والجنود لكى يؤدون واجباتهم بشكل صحيح ومنضبط، وتحسين رواتبهم يجعلهم يرفضون أية إغراءات مادية، وبدل أن يكون هناك 50 ضابطاً فى القسم وكل ضابط يحصل على 2000 جنيه الأفضل أن يكون 10 ضباط فقط وكل نوبتجية 4 ضباط وأعطى لكل ضابط ستة آلاف جنيه وسنجد الكفاءة العالية فى العمل، وأيضاً لابد من إعطاء الضابط تسليح مواكب فلا يجوز إعطاء الضابط طبنجة 9 ملى والمجرمون يواجهونه برشاشات، لا بد أن يكون رجل الأمن سلاحه أفضل من سلاح المجرم والإرهابى، ولابد من تطوير عربات الشرطة للضباط، وقصر وجود العربات المتطورة على القيادات.