لم يكن الحادث الإرهابي الأخير؛ الذي استهدف كنيسة «العذراء» في الوراق وأسفر عن مصرع 4 مواطنين؛ استثناء في تاريخ الاستهداف الإرهابي الممنهج للأقباط في مصر إنما الوضع ازداد سوءاً أثناء حكم الإخوان؛ من أجل زرع الفتنة في قلب مصر؛ وفي محاولة لإرسال رسائل عدة للمجتمع الدولي؛ حتي تظهر السلطة الحالية عاجزة أمام العالم عن حماية الأفراد والمؤسسات الدينية العريقة؛ مما يضر بأمن الوطن ويتنافي مع مبادئ المواطنة وحقوق الإنسان. وباختصار مشاكل الأقباط في زمن مبارك كانت تتعلق بالضغوط الاجتماعية وعدم التصعيد الوظيفي بسبب الديانة؛ بالإضافة إلى وجود تعسف في بناء الكنائس.. وهذه المشاكل لا تزال موروثة كما هي مع صعود الإخوان حتي إزاحتهم من الحكم. جورج إسحاق؛ عضو جبهة الانقاذ الوطنى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أدان كل أعمال العنف الذي يتعرض لها الوطن بأيدي الجماعة. مؤكداً أن استمرار الاعتداء على المسيحيين وكنائسهم أمر لا ينبغى السكوت عليه؛ ويتطلب اتخاذ خطوات أكثر حسماً؛ لأن كل من يسيء إلي الأشخاص أو الممتلكات الخاصة أو العامة فهو في نظر القانون مدان؛ وبالتالي فلابد من محاسبته ومعاقبته علي ما ارتكبه من جرائم ضد الإنسانية ومنها كان حادث الاعتداء على كنيسة العذراء بالوراق الأحد الماضي. وأكد «إسحاق» أهمية وجود فكرة المواطنة باعتبارها الضامن لاستقرار وبناء الأوطان؛ والتي ترسخ مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون النظر إلي ديانتهم أو معتقداتهم أو أفكارهم. ويضيف «إسحاق» أن المشهد القادم سيئ في ظل استمرار العمليات الإرهابية التي يصدر عنها أعمال عنف وقتل الأبرياء بلا ذنب والتي تشير إلي جماعة الإخوان. مشيراً إلي أنه لن تعود عقارب الساعة إلي الوراء؛ فلن تفلح الجماعة فيما تخطط له؛ لأن مصر في طريقها للتقدم بعد الانتهاء من إعداد دستور جديد وانتخابات حقيقية. كمال زاخر؛ المفكر القبطي - أكد ان استهداف الأقباط أمر متوقع في أوقات الأزمات والمراحل الانتقالية؛ لأن وجودهم في الأساس «مرفوض» ومحل قلق من جانب جماعة الإخوان؛ الذين يعتبرونهم كفرة ومشركين وهذا ما ذكر صراحة في تصريحات وخطب عديدة لهم؛ ولهذا يضعونهم دائماً «تحت الفحص»؛ لأنهم يتصورون أن وجودهم يعوق مشروع إقامة الخلافة الإسلامية؛ ومن ثم اضطهادهم وتصفيتهم من وجهة نظرهم إرضاءً لله؛ وهو ما يتنافي مع النقاء الديني ومبادئ المواطنة وحقوق الإنسان. وأضاف المفكر القبطي أن الإخوان يستخدمون الأقباط فزاعة لحمل رسائل لأنظمتهم الحاكمة في الخارج؛ إنما في الداخل فهم يتخذونهم كورقة ضغط للمساومة بينهم وبين المجتمع الدولي بغرض ابتزازه للحصول علي أكبر مصالح ومنافع ممكنة. وتابع: «أن هذه العمليات الإرهابية تصب فى مصلحة الإخوان التى تصاعدت وتيرتها بعد اجتماعات التنظيم الدولى فى بلاد قطر واسطنبول ولاهور؛ إلا أنهم لن يستطيعون تحقيق غرضهم؛ لأن الأجهزة السيادية المصرية تعى هذه الخطة التي لم تحرك ساكناً داخل النسيج الوطني؛ إنما هي ستزيد بالتأكيد من كراهية الشعب المصرى لهم الذى لفظهم الى الأبد». الدكتور صفوت جرجس، رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان، يري أنه منذ ديسمبر 2010 ويدفع المواطنون المسيحيون ثمنا باهظا للحرية؛ حيث خرج المسيحيون لأول مرة فى مظاهرات من داخل الكنيسة إلى التظاهر أمام مؤسسات الدولة وتحديداً فى العمرانية بالجيزة؛ وقامت قوات الشرطة بإطلاق قنابل الغاز عليهم والاعتداء الوحشي على المتظاهرين؛ ثم فاجعة جريمة القديسين فى مطلع 2011 ولم يتم الكشف عن الجناة فى هذه الجريمة الإرهابية حتى الآن؛ ومرورا بهدم كنيسة أطفيح ثم حرق كنيسة إمبابة وهدم مبنى كنسي بأسوان ومذبحة ماسبيرو؛ والاعتداء على الكاتدرائية حيث مقر البطريرك ومؤخراً حرق وإتلاف أكثر من 67 كنيسة بعد فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة وانتهاءً بإطلاق النيران بشكل عشوائي على فرح بكنيسة الوراق. أعرب «جرجس» عن بالغ دهشته من استمرار هروب الجناة فى جرائم العنف الطائفي من العقاب، واستمرار الاعتداء على كنائس الأقباط وقتل المواطنين المسيحيين لأنهم مسيحيون؛ وهو يعد جريمة ضد الإنسانية لأنه استهداف على الهوية الدينية. أكد «جرجس» أن كل هذه الجرائم وغيرها تؤكد على المعاناة التى أصبح فيها الأقباط فى مصر؛ وأنهم يتعرضون لأقسي أنواع الظلم والتنكيل؛ وأن الدولة عاجزة عن حمايتهم وتوفير الحياة الآمنة لهم؛ وأن التاريخ لن يغفر لكل مسئول التراخي عن تفعيل دولة القانون والقبض على الجناة والمحرضين وإجراء محاكمة عادلة لهم. ويطالب «جرجس» الحكومة المؤقتة بتحمل مسئوليتها التاريخية بمواجهة هذه القضية والدفاع عن مواطنة المسيحيين فى ظل ما تشهده مصر والشرق الأوسط من تقلبات تعمل على تفريغ المسيحيين العرب وتشجيع الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة بحثاً عن الأمان المفقود فى أوطانهم. ويؤكد «جرجس» أهمية دور المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والدراسات فى تسليط الضوء على المخاطر الجمة التى يتعرض لها المواطنون المسيحيون فى مصر، وأن مستقبلهم مغلف بالمخاطر فى ظل افلات الجناة من العقاب واستمرار خسائر الأقباط النفسية والمعنوية والعددية دون اكتراث الدولة بالبحث عن حلول تشريعية أو عملية من شأنها إيقاف نزيف الدماء وتفعيل القانون وبناء الدولة الوطنية الدستورية الحديثة، وأنه لا وقت للتصريحات المغلفة بكلمات التهدئة وتطييب الخواطر، فالموقف أصبح فى غاية الخطورة وينبغي اتخاذ قرارات وخطوات أكثر صرامة لإنقاذ الموقف.