«مستعدون لتعديل قانون التظاهر».. هذا ما أعلن عنه الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، كمحاولة منه لتهدئة غضب القوى السياسية والثورية التى تهدد بالدخول فى صدام كبير ضد حكومة الببلاوى، حال تم إقرار قانون التظاهر وتمريره. «حالة الرفض الشعبى لقانون التظاهر انعكست بشكل واضح على تباين المواقف داخل أروقة الرئاسة نفسها حيث تواترت أنباء عن طلب نائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين من الببلاوي تأجيل مناقشة القانون إلى حين عرضه على منظمات حقوق الإنسان، لكنه فوجئ بوجوده في جدول أعمال مجلس الوزراء الأخير وهو ما يطرح كثيراً من التساؤلات حول مصير هذا القانون الذى لاقى استنكارا من كافة الفصائل السياسية، معتبرة اياه قانوناً يتعدى على حرية الرأي والتعبير ويأتي بالسلب على مكتسبات ثورة الخامس والعشرين من يناير، ويشوه الموجة الثانية من ثورة الثلاثين من يونيو الماضي. وعلى الجانب الآخر هناك أصوات أخرى تنادى بتمرير القانون قبل انتهاء حالة الطوارئ فى منتصف الشهر القادم بدعوى الحفاظ على الآمن القومى وأنه فى حالة تعارض الحرية مع الأمن القومى فإن امن البلاد وسيادتها هو الخيار الأوحد الذى لا يعلو عليه شىء. بين الطرفين من يرون أهمية وجود قانون التظاهر أسوة بكافة الدول الغربية، شريطه ألا يتم الجور لا على سيادة الدولة وفى نفس الوقت يحفظ للمواطن حقه فى التعبير عن آرائه بحرية كاملة. وقد لقى قانون التظاهر رفضا من القوى الثورية وفى مقدمتها حركة تمرد التى دعت إلى مظاهرات حاشدة حال موافقة الرئيس المؤقت عدلي منصور على القانون، الجائر على الحريات، على حد وصفها. السياسيون من جانبهم حذروا من إقرار مثل هذا القانون الذى سيفجر صداما كبير بين النظام وبين القوى الثورية التى خرجت فى 30 يونيه من اجل اسقاط محمد مرسى ونظامه، خاصة أنهم يعتبروا هذا القانون الذى يتكون من 26 مادة «صنيعة إخوانية»، كما يمكن أن يحدث مصالحة بين الإخوان والقوى الثورية للوقوف معا ضد السلطة الحاكمة إذا أصرت على إصداره، وهو ما يترتب عليه مواجهة كبيرة خاصة أن القانون يحظر على المتظاهرين أن يعتصموا أو يبيتوا في أماكن المظاهرة، أو يتجاوزوا المواعيد المقررة للتظاهر، أو يخلوا بالأمن أو النظام العام، أو يعطلوا مصالح المواطنين، أو يؤذوهم أو يعرضوهم للخطر، أو يقطعوا الطرق والمواصلات أو يعطلوا حركة المرور. كما يمنح القانون الحق لوزارة الداخلية في فض المظاهرات بالقوة عقب إجراءات شكلية، ويمنع حق الاعتصام تماما، كما يمنع الاقتراب من العديد من الجهات مثل دور العبادة والبرلمان وأقسام الشرطة وغيرها لمسافة تتراوح بين 50 و100 متر، فضلا عن توقيع عقوبة السجن والحبس والغرامة، لمخالفة بعض نصوص القانون. حول القانون ومصيره قال المهندس محمد الأشقر المنسق العام لحركة كفاية، إن كافة المعلومات المثارة حول قانون التظاهر لاتعطى انطباعاً جيداً، وهو ما يثير مخاوف عامة الناس والمثقفين والساسة على حد السواء، لأن صدور مثل هذا القانون فى ظل وجود حالة الطورئ، يثير الدهشة. وتابع « كما انه بعد الانتهاء من حالة الطوارئ فسيكون قانون مكافحة الارهاب هو الأنسب ليكون قادرا على مواجهة الشغب والانفلات الأمنى والتفجيرات فهى امور اخطر وأشد ضراوة من المظاهرات، لافتا إلى أن خروج مشروع التظاهر بهذا الشكل المتعجل يبدو وكأنه صنع خصيصا لكبح جماح الإخوان المسلمين. وأكد «الأشقر» أن عناد الحكومة وإصرارها على تمرير القانون سيخلق صداما كبيرا مع القوى الثورية وسيزيد من اللغط والاحتقان فى الشارع، مدللا بما حدث مع حركة كفاية إبان ظهروها وما ترتب على قمع مظاهراتها من زيادة مساحة الظهير الشعبى لها ومن ثم نجاحها فى تحقيق أهدافها. وأوضح أن أى قانون يصدر يكون انعكاساً للحالة المجتمعية التى تشهدها البلاد، ولما كان الوضع فى البلاد لايحتمل اصدار مثل هذا القانون فعلى الحكومة ان تشعر بنبض الشارع وتستجيب لرغباته حتى لاندخل فى دائره الفوضى من جديد واتفق معه فى الرأى الدكتور إسماعيل أبو سعادة، رئيس حزب السلطة الشعبية، مؤكدا أن قانون التظاهر لن يمر لأن الواقع المجتمعى كله رافض له، موضحا انه بإقرار القانون سيثبت أن «المجتمع الحكومى» انتصرت إرادته على جمهور الشعب المصرى وهو الأمر الذى ولد ثورة الغضب فى 25 يناير وما بعدها فى 30 يونية للتخلص من النظم الاستبدادية التعسفية، وهو ما يبدو الآن من محاولة الحكومة تمرير مثل هذا القانون رغما عن الرفض الشعبى له. وتابع: «الشعب المصرى لم تخلق له الأسوار إلا ليتسلقها ولا القوانين التعسفية الا ليخترقها وعلى الحكومة أن تعى ذلك جيداً» رافضا المبررات لتمرير هذا القانون، مؤكدا أن كل الدول الغربية ملزمة بحماية مواطنيها، ماداموا سلميين وينادون بمطالب عامة سلمية. ورفض أبو سعاده استغلال فكرة وجود قانون التظاهر فى دول العالم بما لا يخدم صالح الوطن مؤكدا أن أى قانون تنظيمى لابد أن يوضع من أجل صالح الشعب وليس الحكومة، وأن روح الدساتير فى القانون الدولى تعنى ان لجميع الشعوب الحق فى التظاهر وعلى جميع الحكومات أن تستجيب لرغبة الشعب. وأكد أبوسعادة أن الشعب المصرى لن ترهبه القوانين الجبرية، وأن الادعاء بأن هذا القانون وضع للحد من مظاهرات الإخوان حق يراد به باطل فالشعب المصرى اعتاد الديمقراطية وعرف طريقها ولن يقبل ان ينتزعها أحد منه مرة أخرى. من ناحية أخرى انتقد جمال أسعد، الناشط القبطى، الحملات المشنة على قانون التظاهر واصفا إياها بالمزايدة السياسية من أجل تحقيق مصالح خاصة، دون مراعاة الظروف السياسية للبلاد. وأكد أسعد ضرورة تغليب مصلحة البلاد العليا خاصة فى ظل الأحداث الملتهبة والتهديدات التى تحاصر البلاد من كل حدب وصوب ويلقى عشرات الأبرياء حتفهم جراء انتشار الارهاب الأسود فى البلاد. وشدد أسعد على ضرورة صدور قانون التظاهر لمواجهة ما وصفه بحالة مجتمعية ملحة وعدم الاستقرار الذى تشهده البلاد. ورفض أسعد الربط بين قانون التظاهر الذى صدر إبان مرسى وقانون الببلاوى مؤكدا أن القانون الجديد يراعى حريات المواطنين وتم تعديل وحذف كثير من البنود التعسفية التي كانت في قانون مرسي. وحذر أسعد من عدم تمرير القانون لأن ذلك من شأنه أن يطيل حالة الفوضى التى تشهدها البلاد مؤكدا أن قانون التظاهر موجود فى كافة بلدان العالم.