كنا ونحن أطفال لا نعرف سوي عيدين. العيد الصغير والعيد الكبير. العيد الصغير في نهاية شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. والعيد الكبير «عيد الأضحي» أيام الحج. وكنا ننتظر كل عيد منهما بفرحة ولهفة الصغار الأبرياء. كان انتظار العيد حلوا مثل العيد نفسه. هكذا انتظار كل شيء جميل! في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان كنا نعرف روائح وتباشير العيد الصغير «عيد الفطر. من استعدادات البيوت المصرية الشعبية لعملية «كحك العيد». كنا نفرح كثيرا ونحن نتخيل طعم الكحك بالسكر والبسكويت والغريبة. وكنا نغضب قليلا عندما يضطروننا لحمل صواني الكحك إلي الفرن و العودة بها ساخنة فوق رؤوسنا الصغيرة! وسواء في العيد الصغير أو الكبير كانت الفرحة الكبيرة حقا فى ملابس العيد الجديدة. كنا ننام ليلة الوقفة، ونحن نحتضن الحذاء الجديد الى جوارنا فى الفراش! ولا تكتمل فرحة العيد الكبير طبعا الا بخروف العيد. كان الناس فى الأحياء الشعبية يتمسكون بشراء الخروف كمظهر للتباهى أكثر منه كأضحية! كانت ليلة وقفة العيد الكبير وكل ناس وبيوت الحى. سعداء البهجة تخرج من نوافذهم وشرفاتهم . فقط بيتنا كان حزينا موحشا. فقد تصادف أن أحوالنا المادية كانت بعافية! انزوي إخوتى الصغار فى حجراتهم فى حزن. كيف يكون العيد بلا خروف ولا ملابس جديدة. وبالقطع لن تكون هناك عيدية ايضا. لزم أبى رحمة الله حجرته يدخن فى صمت وشاهدته أمى رحمها الله تدخل عليه الحجرة وسعت حوارهما.. قالت له: مالك زعلان فى ليلة زى دى؟ رد عليها: يعنى موش شايفة.. موش صعبان عليك منظر العيال قالت له فى حنان وهى تسحب من يديها غويشة ذهبية: خد بيعها وصرف نفسك قاطعها: أخد ذهبك؟؟ قالت له: ذهبى .. ما هو انتا اللى جايبو! اقتنع ابى.. ارتدي ملابسه وخرج بسرعة. وعاد بعد سويعات قليلة حاملا أكياسا مكتظة بملابس العيد الجديدة وجاء خلفة صبى يسحب خروفا يحدث ضجة جميلة من المأمأة ! اشتعلت كل مصابيح البيت وغمرته الفرحة. وإخوتى الصغار يقلبون ملابس العيد سعداء كانت ليلة جميلة ذبحنا وفرحنا. وجاء العيد الكبير.. واخذنا العيدية !