"يا مأدز".. الكلمة التى كان مأمور السجن ينادينى بها، كان يقول دائما لأهلى "ابنكم عنده إيدز.. محدش يقرب منه".. منه لله فضح أمرى على الملأ أثناء ترحيلى من السجن إلى المحكمة. هو الابن الأكبر لأسرة متوسطة الحال.. فقد الأب منذ سنوات عديدة وعانت أمه معه منذ كان فى المراهقة بسبب إدمانه للمخدرات، لكنها ساعدته حتى خرج من أزمة الإدمان.. بعدها قابل أحد مقدمي خدمة التحاليل التطوعية لمرض الإيدز فقام بعمل التحاليل واكتشف مرضه، وتعرض بعدها لظروف دخل بسببها السجن فكانت فترة سجنه من أقصى الأوقات التي مر بها. يصف هذه الفترة: أول ما دخلت السجن أخبرت الطبيب بحالتى، إلا أنه تعامل معى بأسلوب فظ جدا وفضحنى وجعل الضباط يحبسونى لمدة شهر ونصف فى غرفة متر فى متر تجنبا لنشر المرض، وتم نشر خبر أنى مصاب بمرض معدٍ، وتمت معاملتى فى السجن بمنتهى العنصرية، وانتهت بأن تم نعتى "بالمأدز"، وبعد خروجى من السجن تطوعت في إحدى الجمعيات التي تعتني بالمتعايشين لنقل خبرتى ومعاناتي لهم. من السرطان للإيدز بعد ثمانى سنوات من الزواج رحل زوجها وتركها وحيدة وحرمها أهله من أولادها.. والسبب إصابتها بالإيدز . عن كيفية إصابتها بالفيروس تقول: لم أكن أعرف أن زوجى مصاب بهذا المرض اللعين، فكل ما كنت أعرفه أنه مصاب بالسرطان فقط، وكان يتناول العلاج بانتظام إلا أنني لاحظت أنه في الفترة الأخيرة كان يتجنبنى ويعزل نفسه فى غرفته بعيدا عنى وعن الأولاد. وبعد وفاته اكتشفت أننى حامله لمرض الإيدز.. وعندما عرف أهلى وأهل زوجى حرمونى من أولادى بحجة حمايتهم منى وعدم انتقال العدوى لهم . لم يساعدنى أحد إلا ممرضة علمتنى كيف أتعايش مع المرض دون الإحساس بالوصم والعار، ونجحت في ذلك حتى أنني تطوعت في إحدى الجمعيات التي تضم المتعايشين مع الإيدز لأنقل لهم خبرتي. شباب رجل فقد شبابه وحياته بسبب العلاقات غير الشرعية، كانت لديه ممارسات كثيرة ورغم ذلك لم يكن يتخيل فى يوم من الأيام أنه سوف يصبح موصوما بمرض الإيدز. يقول: كنت أعتقد أن المرض يأتى من ممارسة العلاقات الحميمة مع الأجنبيات فقط، لأن الفيرس غير منتشر بين المصريين، حتى فوجئت أنى مصاب بالمرض الذي انتقل لي عن طريق العدوى من إحدى بنات الليل. وبعد أن عرفت عانيت من العزل من عائلتى، فهجرنى إخوتى وأزواج أخواتى وأصدقائى وجيرانى وأصبحت وحيدا.. ولم أسلم أيضا من التمييز من الأطباء والممرضين بالمستشفى حيث كانت تعاملنى الممرضة معاملة سيئة، فلا تنظف غرفتى والطبيب كان يتعامل معى وكأنى مذنب وليس مريضاً، حتى أن مدير المستشفى التى كنت بها كان يعتبر (عنبر المناعة ) أى عنبر مرضى الإيدز هو عقاب للممرضين غير المنضبطين فى العمل، مما جعلنى أشعر بمدى التمييز والوصم الذى أعيش به . أسرتي والفيروس "نحن أسرة متعايشة مع الإيدز" قالها أب يعانى هو وزوجته وابنه من مرض الإيدز.. ورغم شدة مصابه لم يرحمه الجميع، ففقد عمله بعد أن عرف أهل قريته بإصابته بالمرض.. نبذوهم وأجبروهم على الرحيل من القرية، أيضا أجبره صاحب المطعم على ترك العمل به بحجة أنه خائف على سمعة المحل وأن ينتقل المرض للزبائن. عن حكاية مرضه يروى الأب أنه كان مدمن مخدرات وكان يتعاطى كل أنواعها حتى بعد زواجه، إلا أنه بعد معرفته أن زوجته حامل قرر التعافى من الإدمان وعدم العودة إليه مرة أخرى، لكن أحد أصدقاء السوء أبلغ عنه الشرطة وتم حبسه بتهمة التعاطى. وفى السجن عندما اكتشف أنه مصاب بالايدز طلب من زوجته وابنه إجراء تحاليل مماثلة، وهنا كانت الصدمة فقد اكتشف أنه نقل المرض لزوجته وابنه.. ومن هنا بدأت معاناة العائلة من الوصم والعار وتم طردهم من القرية وإجبارهم على الرحيل.. وفارقهم الأهل والأصدقاء والجيران. رسائل من مصر كانت هذه بعض القصص التى قام منتدى مكافحة الوصم والتمييز ضد الأشخاص المتعايشين مع الفيروس بجمعها ونشرها فى أول دراسة تحت عنوان "رسائل من مصر ". أوردت الدراسة أن العدد التقديرى للمتعايشين بالإيدز فى مصر يبلغ 11 ألف شخص، وذلك حسب تقديرات برنامج الأممالمتحدة، وقد بلغ عدد الحالات التى تم حصرها حتى عام 2009 حوالى 3919 شخصا بينهم 1078 فى مرحلة الإصابة. هذه الأرقام تشير إلى أن تصنيف مصر من الدول المنخفض فيها معدل انتشار المرض، إلا أنها من الدول المعرضة لارتفاع معدل الإصابة فى الفترة القادمة، وذلك بسبب الوصم والتمييز الذى يعانى منه المتعايش حيث يمثلان عائقا أساسيا فى طريق الوقاية الفعالة من الفيرس. فالعزلة والمعاملة العنصرية والحرمان من الأهل والكشف عن الإصابة دون موافقة المريض، بالإضافة إلى الانتهاكات والإساءات اللفظية التى يتعرض لها المتعايش فى مراكز الرعاية الصحية والخوف من الطرد من عيادات الأطباء .. جميعها تجعل المريض يتردد مئات المرات قبل طلب العلاج مما يجعل الأشخاص المشتبه فى إصابتهم يمتنعون عن العلاج والرعاية الطبية، وذلك لارتباط الفيروس فى مصر بالموت أو العلاقات غير المشروعة أو المثليه الجنسية. وقد أوضحت الدراسة التى أجريت على 153 متعايشاً بالمرض أن 51.6% يشعرون بالوصم من المجتمع، و43% يشعرون بالتغير فى نظرة الآخرين لهم، و42% يشعرون بالعزلة وأيضا 66% يقومون بعزل أنفسهم عن المجتمع، إلا أن 46% يشعرون أنهم مفيدون للمجتمع ومتفائلون من جهة المستقبل. كما أبرزت أن الوصم يؤثر سلبيا على تناول المتعايش للمضادات والعلاج، وأن القطاع الصحى من أكثر القطاعات التى تزيد من إحساسهم بالوصم والتمييز بسبب النميمة التى تصدر من الممرضات والأطباء تجاه المتعايش. جبهة إعلامية وعن تأثير الإعلام على زيادة إحساس الوصم للمريض كشفت الدراسة أن وصف الفيروس فى وسائل الإعلام المختلفة بالرهيب والقاتل والمميت، وربطه بفضائح وجرائم وسلوكيات غير أخلاقية، وأنه مؤامرة أجنبية تهدف إلى تدمير الشباب المصرى، وتصوير المتعايشين فى الصحافه والإعلام كمذنبين، والكشف عن هوياتهم دون احترام سريتهم يؤثر فى تكوين جبهه ضد المتعايشين ويزيد من نظرة المجتمع السلبيه تجاههم. وحول حال المرأة المتعايشة بالإيدز أوضحت الدراسة أن النساء أكثر جهلا بحقوقهن، ونظرة الناس لهن أكثر قسوة، وينظر إليهن على أنهن مذنبات بالرغم أن معظم الحالات التى تعاملت معهم الدراسة أكدت أنه تم انتقال المرض إليهن من خلال الزوج.