هى ثورات جاءت تؤكد على بداية جديدة سطرتها الشعوب العربية بدماء أبنائها وتعلن عن عهد جاء على يد إرادة شعبية حرة انتفضت لترفض الظلم والاستبداد وتعلن عن بزوغ شمس الصحوة التى أعلت آفاق الحلم فى أذهان الوحدة العربية ولكن لطالما ارتبط إعلاء راية الحرية بإسقاط راغبات وأهواء من يحاولون إثارة الفرقة, والانقسامات بين أركان الجزيرة العربية لإقامة دويلات تدعم الإرهاب الصهيو أمريكى وهدم الكيان العربي. ما بين ثورات الربيع العربي وانقضاء عصور الظلم يقف الشعب السورى مناضلاً أمام نظام قام على مبدأ القهر والاستبداد واستمر فى مد العرس الدموي فى المدن السورية, لا يلتفت إلا لمن يرفعون رايته دون النظر إلى من جاء من أجل الدفاع عن شعب واحد.. شعب يمثل مصدر سلطته وشرعيته , تفتت أرجاء الشوارع السورية التى أصبحت ساحات دموية بين مؤيدي هذا النظام البائد ومعارضيه, ذلك الكم من الأزمات الذي يثير الشك ويدفعنا للتساؤل هل للكيان الأمريكي ذراع فى تلك الانقسامات ؟ وماذا يخفى وراء عباءة التدخل فى الشأن السورى ؟! كان الصراع السوري فى الأصل ينقسم إلى الصراع العلماني الإسلامي، والصراع بين اليمين واليسار، حيث تخطى الصراع المسألة السنية العلوية، ليمتد إلى مذاهب معقدة تشكل المجتمع السوري ، حيث كانت المعارضة قبل قيام الثورة تنقسم إلى المجلس الوطني السوري في أسطنبول، المعترف به دولياً، والذى يتشكل أساساً من جماعة «الإخوان المسلمين»، و ليبراليين مستقلين ، أما الجانب الأخر فكان يتألف من مجلسين علمانيين يساريين وهما يعاديان النظام ويهدفان إلى إقصائه عن السلطة. إلا أنهما، على عكس المجلس الوطني، لا يريدان إنهاء كل التشكيلات القائمة و يشددان على الحاجة إلى الحفاظ على الدولة السورية. وقد أدَّى اعتماد بشار على سياسته الدينية فى ذلك الوقت لتعزيز موقفه ضد المعارضة إلى وجود انقسامات فى العلويين المواليين للنظام السورى حيث كان هناك قطاعا كبيرا من العلويين يشعرون بحالة من الإحباط الشديد، نظرًا لفشل قوات النظام فى القضاء تماما على المعارضة السورية، فى حين أن البعض الآخركان يرى أن سياسات الأسد تعد دربا من المخاطرة بمستقبل البلاد. وفى ظل الأحداث الجارية والساحات الدموية التى تجتاح الشوارع السورية ظهرت العديد من الانقسامات بين أبناء الجيش السوري وشعبه ويرجع الانقسام بين أفراد الجيش السوري إلى أن صفوف قادة الجيش السوري تزخر بالعلويين الموالين للرئيس السوري بشار الأسد مما قلل أي احتمال ظهور ضغط عسكري عليه فى ظل تنامي الاحتجاجات ضد نظامه الفاسد ويرجع ذلك إلى حرص النظام الحالي تعيين موالين علويين في كل المواقع المهمة بداخل الجيش بحيث يتمكن النظام من هزيمة أي مساع للإطاحة به خارج السلطة . وقد انقسم الجيش السوري فى عهد الرئيس الحالي إلى "الجيش النظامي " و " الجيش الحر " الذى يراه البعض ممثلاً للغرب وممولاً منه والجماعات المسلحة التكفيرية التابعة للقاعدة وأن الهدف من عملياتهم هو استنزاف الجيش النظامي وإنهاكه وإحداث أكبر خسائر ممكنة لإضعاف الكيان السوري وكما أثبت تقرير المراقيبن الدوليين استخدام "الحر " للأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري . بينما وصلت حالة الاستعصاء إلى ذروتها في سوريا ، وخاصة لأن الجيش وأجهزة الأمن كانت الخيار الأساسي للسلطة في قمع الاحتجاج، بل دفعت بها السلطة بغية أن تخرج الانتفاضة عن مسارها السلمي المدني، وعبر نشر أقسى درجات العنف والضغينة . وقد ساهم هذا العنف فى خلق عنف مضاد، الأمر الذي جعل البعض من أفراد الجيش يفضل الانفصال عنه والانضمام إلى بعض فصائل المعارضة(الجيش السوري الحر)، مبديا اتّهامات للجيش الموالي للنظام ووصفه بأنّه جيش عقائدي، في تلميح ضمني إلى أنّه طائفي أو ذو مشروع غير وطني. وأما عن مايحدث الآن في الشمال الشرقي لحدود سوريا فما هو إلا بداية لتقسيم المدن الحلبية حيث يسيطر حزب العمال الكردي على تلك المنطقة واحتمالية انضمامها إلى حزب الاتحاد الكردستاني وأكراد تركيا مستقبلا لتشكيل جزء الاتحاد الكردي سيؤدى ذلك إلى المواجهة مع تركيا وإثارة التوتر والصراع بين الدولتين. و على خلفية تلك الانقسامات فلم يقتصر الانقسام حول الشأن السورى على الشعب فقط بل امتدَّ إلى مواقف الدول العربية والأوروبية حول ضرب سوريا بحجة واهية من قبل الكيان الصهيو أمريكى لحماية الشعب وإيقاف استخدام الأسلحة الكيميائية فقد علت أصوات سيدة العالم أمريكا لتندد بضرورة التدخل واقتحام سوريا زاعمة أمام شعوب العالم أنها تريد حماية الشعب السوري من خطر تلك الأسلحة خافية فى جعبتها الهدف الأساسى ألا وهو السيطرة على سوريا وضمها إلى لائحة الدولة التى قضت على هويتها وتقوم بأبداتها الآن ، إلا أن الموقف الروسي لم يستطع تخطي خلافه مع الكيان الأمريكى حيال التدخل العسكري فى الشأن السورى , حيث وقفت موسكو مع الأسد فى مواجهة أى خيار عسكرى كما رفضت بعض الدول العربية ذلك التدخل السافر فى الشأن السورى. ولا يزال الشعب السوري متصدياً لتلك الهجمات التى تلاحقه والأطماع التى تحيط به يُصِر على موقفه ضد أى تعنت من قبل سلطة الأسد أو تدخل خارجي ولكن يبقى التساؤل الذى يطرح نفسه "إلى مصلحة من تئول تلك الانقسامات ؟ هل ستحتل سوريا المرتبة الثالثة فى قائمة انتهاكات الولاياتالمتحدة ؟!