مازالت المادة 219 محل نقاش وجدل فى الأوساط الدينية والسياسية، حيث كانت جماعة الإخوان قد وضعتها فى دستور 2012 لإرضاء التيارات السلفية، وجاءت مفسرة للمادة الثانية ولم يتم الاستقرار على رأى بشأنها وشهد الاجتماع الذى عقد برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مع ممثلى الأزهر بلجنة الدستور، مناقشات حول المادة، وظهر أن الاتجاه السائد للأزهر الشريف هو إمكانية إعادة صياغتها أو دمجها فى المادة الثانية. وتنص المادة 219 التى ألغتها لجنة تعديل دستور 2012 المعطل، على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السُّنة والجماعة»، ونصت المادة الثانية على أن «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». وصعدت فيه القوى السلفية موقفها، مؤكدة نزولها للشوارع اعتراضاً على إلغائها، وقالوا إنهم لن يعترفوا بأى تعديلات على دستور 2012. وطالب علماء الأزهر بضرورة إلغاء المادة، واصفين إياها بالكارثية، مؤكدين أنها مادة «طائفية» وصياغتها تخالف أبسط مبادئ اللغة، رافضين وجود أى مزايدات من السلفيين، وأوضحوا أنه تم الإضرار بالدعوة أثناء وجودهم فى السلطة، وأن البلد لا يحتاج إلى تهييج آخر وتلويح البعض بتنظيم مظاهرات بسبب مادة طائفية. وأشاروا إلى أن هناك مواد أحق بأن يتم وضعها فى الدستور بدلاً من المادة 219، لأنه لا يوجد دستور فى أى مكان به مواد مفسرة، وأكدوا أنها مادة معقدة ومتناقضة وستتسبب فى أزمات فى المستقبل، حيث إنها ستتيح ل«أهل السُّنة» من غير المصريين الترشح للرئاسة. أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية فى جامعة الأزهر الشريف، ضرورة إلغاء المادة، ووصفها بأنها «طائفية» وصياغتها تخالف أبسط مبادئ اللغة، وأنها تصف الأدلة بأنها كلية وهذا خطأ فإما أن تكون تفصيلية أو جزئية، والذى يوصف بالكلى أو الجزئى هو القاعدة، وأوضح أن البلد لا يحتاج إلى تهييج آخر، ويجب اعتقال جميع شيوخ ورموز حزب النور، إذا لوحوا بذلك، وأشار إلى أنه أرسل للجنة تعديل الدستور أربع ورقات يبين فيها موقفه من المواد المتعلقة بالشريعة الإسلامية، خاصة المادة 219. ولفت إلى أن تلك المادة جعلت تفسيرها مقتصراً على الجماعة والسُّنة وهذه طائفية لأن الأمم العاقلة هى من تنشئ دستوراً للجميع، فهناك السُّنة والشيعة والأقباط وغيرهم من فصائل فى المجتمع. وطالب «كريمة» الأزهر بألا يخضع لتوجه السلف، لأن ذلك يحجم ويقزم من دوره، وينبغى أن يكون وعاء للكل، وتساءل «كريمة»: ما دخل «المتسلفة الوهابية» بأمور الشريعة الإسلامية؟ فهذا الأمر من اختصاص هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث، وليس مجموعة من الواعظين والدعاة. أكد الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عضو لجنة الخمسين، ضرورة إلغاء المادة 219، مشيراً إلى أنها ستتسبب فى أزمات فى المستقبل نحن فى غنى عنها، وأشار إلى أنه بموجب تلك المادة يمكن أن يتاح ل«أهل السُّنة» من غير المصريين الترشح للرئاسة، وأضاف يجب الاعتذار على وجودها فى الدستور، وأضاف أن من يصر على بقاء هذه المادة يسعى لفرض وصاية على الشعب. ولفت إلى أن المادة الثانية لا تحتاج لتفسير، فالمادة الثانية تنص على 3 أجزاء هى «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، وأشار إلى أن من المنطق أن يجب أن تفسر المادة كلها، ولكن ما تم تفسيره من المادة «مبادئ الشريعة» فقط التى لا يختلف عليها أحد، لأنه لا يمكن تفسير معنى أن اللغة العربية اللغة الرسمية على سبيل المثال. وشدد «الهلالى» على أن هذه المادة متناقضة، مؤكداً أن بقاءها فى الدستور «يزيده تعقيداً»، وأضاف الهلالى، أن هذه المادة جعلت الولاية للفقيه، موضحاً أن «بقاء المادة يعيدنا لولاية الفقيه ويلغى اللجوء للقضاء لتطبيق القانون»، وأكد أن المادة غامضة، لأن مبادئ الشريعة الإسلامية تعرف من الأدلة، لذلك فإن الأدلة يؤخذ منها المبادئ والأحكام، لذلك فالأصل الأدلة والفرع والمبادئ، أما المادة 219 فقد جعلت المبادئ هى من تأتى بالأدلة وهذا خاطئ، بالإضافة إلى أن المادة بها تناقض كبير ومأساة حقيقية. وأوضح عبدالغنى هندى، منسق الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر، أن هناك مواد أحق بأن يتم وضعها فى الدستور بدلاً من المادة 219، لأنه لا يوجد دستور فى أى عالم به مواد مفسرة، وأوضح «عبدالغنى» أن تلك المادة تنافى بشدة مبدأ العدالة الذى نص عليه الإسلام، موضحاً أنه يجب أن يتم عمل مشروع لتقنين استخدام الشريعة، ويتم تقديمه لجدول تشريعى. ورفض «هندى» وجود أى مزايدات من السلفيين، مشيراً إلى أنه قد تم الإضرار بالدعوة أثناء وجودهم فى السلطة، لافتاً إلى أنه حتى لو تم ذكر كلمة «الشريعة» فى كل مادة فلن تطبق، مشدداً على ضرورة البعد عن اللعب بتلك الكلمة من أجل مصالح سياسية. أكد ضرورة أن تقوم دولة القانون على أساس علمى، ويجب أن يترك التشريع الخاص بمواد الشريعة لشيوخ وأئمة الأزهر، ولجنة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية.