بعد أيام قلائل من محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم تصدرت ما تسمى ب«جماعة أنصار بيت المقدس» المشهد الإعلامي نظير بيان لها أعلنت خلاله مسئوليتها عن الحادث، وقدمت بين يدي إعلانها اعتذارا للشعب المصري عن فشل المحاولة، محذرة من تواجد المواطنين بالقرب من المنشآت العسكرية خلال الفترة المقبلة، بما يوحي باحتمالية تجدد التفجيرات بالقرب من المنشآت الحيوية أو استهداف الشخصيات العامة حسبما يشير البيان. بيان الجماعة الجهادية الذي حظي باهتمام بالغ من أجهزة الأمن ،نال الاهتمام ذاته في الأوساط الإعلامية والشعبية، ممهوراً بتساؤل ملّح عن حقيقة تلك الجماعة، ومدى مصداقية بيانها، يأتي ذلك نظير استدعاء ذاكرة الأحداث بيان داخلية «حبيب العادلي» في أعقاب حادث تفجير كنيسة القديسين الذي ثبت كذبه في أعقاب ثورة 25 يناير. ذهب خبراء الحركات الإسلامية «المنتمين للتيار الإسلامي» إلى المفارقة بين بياني الداخلية في أعقاب الحادثتين «الحالية» –اغتيال الوزير، والسابقة «تفجير القديسين»، زاعمين أن المقاربة بينهما تشير إلى تعمد تضليل الرأي العام بإلصاق التهمة بفصيل «جهادي» يطيح باحتمالية تورط جهات أخرى في حادث الاغتيال، ويدفع بقوة ناحية استمرار نهج الوزارة في افتعال الأحداث للتشويش على السجال السياسي الحالي بين السلطة التي تريد المضي قدما في «خارطة الطريق»، وجماعة الإخوان المسلمين التي تصر على عرقلة المسار تحت زعم مخالفته ل«إرادة الشارع المصري». بعيدا عن تحليلات الإسلاميين، تشير وقائع ما بعد ثورة يناير إلى بروز عدد من الحركات الجهادية على سطح المرحلة الانتقالية ،جراء عدة تفجيرات استهدفت مواقع خط الغاز بين مصر والأردن وتوجيه عدة ضربات إلى تل أبيب، أعقبتها بيانات باسم جماعة «أنصار بيت المقدس» تعلن خلالها مسئوليتها عن الأحداث ،تلك الوقائع تؤكد وجودا حقيقيا لتنظيم جهادي وليد يسعى إلى إثبات موقعه بين الحركات الجهادية في سيناء عبر توجيه ضربات متلاحقة لأماكن حيوية باعتبارها أهدافاً تحقق فخراً للجماعات المتنافسة على صدارة المشهد في شمال سيناء. تنظيم أنصار بيت المقدس وفقا لرواية مصادر سيناوية قريبة من المشهد عمره «عامان» على الأكثر، تبلورت معالمه بعد استباق مؤسسيه ضربات «إثبات الذات» التي توقفت تماما في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، أبرزها هجمات ضد إسرائيل منها إطلاق صاروخين فى أغسطس 2012 على إيلات الإسرائيلية بالقرب من الحدود المصرية،و الهجوم الذى وقع فى سبتمبر 2012 على الحدود الإسرائيلية، والذى أسفر عن مقتل جندى إسرائيلى وإصابة آخر. و«أنصار بيت المقدس» واحدة من عدة جماعات «جهادية» تنشط في سيناء، كجماعة جند الإسلام، وتنظيم الرايات السود، والتكفير والهجرة والجماعة الجهادية والتوحيد والجهاد وجماعة أنصار السنة، وبحسب المصادر ذاتها-فإن تلك الجماعات دمجت في كيان يعرف ب«جماعة مجلس شورى المجاهدين – أكناف بيت المقدس»، هذا الكيان الذي أعلن مسئوليته عن إطلاق صاروخ جراد على مدينة إيلات الإسرائيلية من سيناء في أغسطس الماضي، ردا على مقتل أربعة مسلحين بسيناء في غارة قالت الجماعة إنها شنت بواسطة طائرة إسرائيلية بدون طيار. تعرف الجماعة التي ربما تشير إلى اسم «حركي»، بأنها الأقرب أيدلوجيا وتنظيميا ل«القاعدة» وجماعة» جند الله» بقطاع غزة، يكشف عن ذلك بث الجماعة في أحد تسجيلاتها مقتطفات من مقطع لزعيم تنظيم القاعدة- أيمن الظواهري - يثني فيه على المجاهدين المشاركين في تفجير خطوط الغاز –على حد تعبيره. على صعيد التباين بين حقيقة الجماعة أو وهم مسماها، قال مصدر جهادي –رفض ذكر اسمه- إن «أنصار بيت المقدس» أقل التنظيمات ظهورا في شمال سيناء، وهو ما يثير الحيرة من ناحية تواجد هذا التنظيم من عدمه. يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه مصدر سيناوي – طلب عدم ذكر اسمه - على وجود حقيقي لجماعة أنصار بيت المقدس، ظهر مع بداية تفجير خطوط الغاز ،لافتا إلى احتمالية صدق رواية الداخلية من ناحية تحميل «أنصار بيت المقدس» مسئولية اغتيال الوزير. ولفت المصدر إلى أن ثبوت تورط الجماعة فعليا في محاولة «اغتيال» وزير الداخلية، يعني وجود أذرع للجماعة في القاهرة تمكنها من تكرار التفجيرات بالقاهرة خاصة مع تأكيد الجماعة على ضرورة ابتعاد المواطنين عن المنشآت العسكرية والحيوية.