أتابع جهود المحافظين الخارقة لإعادة الأمن والنظام إلي شوارعنا، وبالذات د.جلال سعيد محافظ القاهرة ود.علي عبدالرحمن محافظ الجيزة بحكم ان المحافظتين هما الأكبر والأشهر والأكثر سكاناً.. ولكن ذلك لا يتجاهل كل محافظات مصر.. فالمشكلة واحدة. والحل واحد. المشكلة تكمن في تراكم قضية خطيرة تتمثل في زحف الباعة الجائلين حتي أصبحوا دائمين! في البداية كانوا «يسرحون» ومعهم «البسطة» يقفون بها علي الأرصفة- علي استحياء- أمام أبواب المحلات، ولكن بعد أن تغلق أبوابها. الآن وبسبب تكاسل أو خوف السلطة نزل الباعة من الأرصفة التي أصبحت قاعدة لتحركاتهم إلي عرض الشوارع نفسها. وأين؟ في أعظم وأشهر شوارع أي مدينة.. وعيني عينك. وبعد أن كان الباعة يهرولون حاملين بضاعتهم بمجرد أن يلمحوا شرطة الحي.. أصبحوا يتحدون الحي وقسم الشرطة.. وكل المديرية.. بل كل سلطات المحافظة. وانقلبت الآية!. وتعاظمت سلطة الباعة. وأصبحوا عصابات منظمة يحميها بلطجية بالأجرة يتصدون لأي سلطة تحاول إبعادهم. وزادت المشكلة تفاقماً، وأصبح من الصعب إبعادهم. أي تطهير الشوارع منهم. لأن أحداً لم يستطع التصدي لهم.. فتحت كل «فرشة» سلاح بدءاً من الشومة أو السنجة أو قرن الغزال.. وحتي فرد الخرطوش: والجدع يحاول الاحتكاك بهم.. وبعد أن كان الباعة يتجمعون في مناطق بعينها مثل سوق الإمام الشافعي أو سوق التونسي علي سبيل الحصر.. وفي أيام بعينها: سوق الجمعة. سوق الثلاثاء.. أصبحت كل شوارع مصر: أسواقاً عشوائية دائمة. والجدع من محافظي مصر من يتصدي لهم.. أو يحاول إبعادهم.. ولو بعد توفير أماكن مجمعة وبديلة وفي القاهرة- مثلاً- تحولت أشهر الشوارع إلي عشوائيات لبيع كل شيء.. ولا مانع من سوق للدعارة! وزادت أزمة سيولة المرور بعد أن سدت هذه الأسواق معظم مساحات الشوارع ولم تعد تسمح إلا بمرور سيارة واحدة! واختفت السلطة تماماً من هذه الشوارع.. إلا سلطة البلطجية. بل وأغلق هؤلاء شوارع كاملة في مدينة الجيزة.. وتحولت بعض ميادينها إلي ساحات ولا أسواق القري المخصصة للحمير!. واعترف ان هذه أصبحت مشكلة عامة في كل مدن مصر.. وفي المقدمة المدن السياحية. والمعترض يخبط رأسه في الحائط.. واعترف أن معظم المحافظين يفعلون المستحيل لاعادة انسيابية المرور ومواجهة هذه الأسواق العشوائية ولكن ما إسن تعطي قوة السلطة ظهرها للمنطقة بعد أن يطهروها.. حتي تعود «ريمة لعادتها القديمة».. وكأن الباعة يخرجون ألسنتهم للسلطة بداية من شرطة الحي إلي رئاسة الحي نفسه إلي مدير الحملة ومدير الأمن.. والمحافظ علي البيعة. وهؤلاء الباعة يطبقون المثل القائل: سكتنا له.. فدخل بحماره. وأن ما نحن فيه الآن انما هو ناتج صمت السلطة لشهور طويلة.. وبالتالي باتت الأمور تحتاج حلاً حاسماً. وهذا لن يتحقق إلا بمساعدة قوية من الأهالي. فإذا كان الأهالي- ومعهم التجار- يتضررون فإن في أيديهم أن يتعاونوا مع السلطة لمواجهة هذا السرطان. دون أن تقع معارك يسقط فيها الكثيرون. ولكن بعد أن توفر السلطة المحلية أماكن بديلة.. أي أسواقاً بديلة يعرضون فيها بضاعتهم. في أسواق منظمة مخدومة بالمواصلات ودورات المياه وباكيات مرقمة حتي لا يعتدي بائع علي مساحة جاره. وذلك علي أن يدفع الباعة رسوماً بسيطة مقابل استغلال هذه المساحات. وأن يتوسطها «كشك» للشرطة بتليفون وخدمة مستديمة لحماية المترددين والمشترين وحمايتهم من البلطجية.. ومن النشالين. علي أن تكون هذه «السويقات» تحت عيون السلطة حتي لا تتحول إلي بؤر لتوزيع المخدرات وحماية الخارجين علي القانون. وبالطبع يجب ألا تكون هذه السويقات في الحدائق العامة، كما فكر أحد المسئولين يوماً في تجميعهم داخل حديقة الأزبكية الأثرية.. وعلينا أن نتعلم من أجدادنا الذين كانوا يقيمون الأسواق هذه علي حواف القري وكما كان سوق الإمام.. وسوق التونسي، حتي سنوات قريبة في القاهرة. وأعلم أن هذه مهمة صعبة للغاية أمام كل محافظ. وكل مدير للأمن. ولكنني أعرف أن هذا هو ما يطالب به كل الناس، في أي مدينة. ولا نستمع لما يردده البعض من أن هذه الأسواق يجب أن تكون وسط الناس.. لأن المشتري هو الذي يبحث عن هذه الأسواق. وإذا نجحنا في ذلك نقول اننا شعب متحضر. وسوف نصفق للجميع.. للمسئولين وللناس.. وأيضاً للباعة الذين يجب أن نساعدهم.. ويساعدونا في إعادة الأمن للشوارع.. والأمان لكل الناس.