لعل ذيوع ظاهرة «البرلماني المستقل»، لا ترتد فقط إلي دأب الأنظمة الحاكمة علي تشويه صورة الأحزاب السياسية، لدى الرأي العام، باعتبارها من دواعي بث الفُرقة داخل صفوف المجتمع، التي ينبغي أن يراها الحاكم دائماً في حالة «منتظمة»، لا يشوبها «رأي مخالف»، حامل دائما «لأجندة خارجية» !!، باحث عن «مصالح ذاتية» علي حساب «استقرار» الوطن !!، الذي هو في حقيقة الأمر ليس إلا استقرار الحاكم بعيداً عن أي محاولات قد تُفضي إلي تداول السلطة، فذلك أمر كان دونه قائمة طويلة ليس الاعتقال أكثرها قسوة، وأصبح مع الدكتور مرسي، دونه الدم!! كذلك من تداعيات ظاهرتنا الغريبة المتمثلة في «البرلماني المستقل»، أن أصبحت العملية الانتخابية في مصر أشبه «بالمصاهرة»، حيث ترتفع قيم «النسب»، والقربى، والثراء، والوجاهة الاجتماعية، وهي محددات تتطلب مجموعة من «المهارات» التي لا ترتبط بأي إدراك سياسي، ومن ثم لا مجال للحديث عن برنامج انتخابي، كعقد بين الناخب والمرشح، يمكن الرجوع إليه عند مساءلة المرشح فيما بعد، بل وأثناء تمتعه بمقعده البرلماني، كما يحدث في الدول الديمقراطية. وفي ظل هذه الأوضاع، تبدو الأحزاب كيانات غريبة، تطحن في الهواء، بحثاً عن بيئة سياسية واعية تستوعب حقيقة مفادها أن ظاهرة «البرلماني المستقل»، هي الأب الشرعي لظاهرة «النائب الخدمي»، وهو أيضاً من المفاهيم المغلوطة، عن عمد، في حياتنا السياسية. فليس من شك أن الاحتياج إلي «النائب الخدمي»، حيث لا يدرك النائب من مسئوليته شيئاً سوى «تخليص» مصالح أبناء دائرته لدى الوزراء، فيقف مُهاناً علي باب الوزير، أو أمامه في البرلمان، فيتحول الوزير من موظف عام يخضع لرقابة ومساءلة «النائب الخدمي»، إلي صاحب فضل عليه، إن هو ساعده علي كسب تأييد أبناء دائرته، فوافق علي قضاء مصالحهم، في ظل ما يعبر عنه ذلك من انسداد قنوات التواصل بين الناس والحكومة، وانهيار قيمة الرأي العام لدى النظام الحاكم. وتبقي الرقابة علي الحكومة، والتشريع، أدواراً مُهملة، تكتظ بها الأدبيات السياسية، دون سند لها من الواقع، فيتولاها في الواقع من هم في الدائرة الأقرب من «رأس النظام»، سواء في الاتحاد الاشتراكي، أوفي لجنة السياسات، أو في مكتب الإرشاد!!، وأذرعهم البرلمانية ممن يحظون بثقة النظام، حيث سقوطهم في سقوطه، وإن كان فشلهم في إدارة الدولة لا يعني أبداً فشل النظام؛ ذلك أن مثل هذه الأنظمة لا تفشل أبداً!!، وإن أضاعت «بعض» الوطن، أو فرقت «كل» الأمة! «الوفد»