يترقب مجتمع الأعمال والمستثمرون الخطوات المنتظر أن تتخذها الحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة الدكتور حازم الببلاوى لإنقاذ الاقتصاد الوطنى وإخراجه من حالة الركود والكساد الشديدة التى تعانى منها قطاعاته الرئيسية وأدت الى توقف عدد كبير من المصانع عن الإنتاج طوال أكثر من عامين ونصف العام. وتأتى الضرائب على رأس تلك الإجراءات المؤثرة فى حركة الاقتصاد بشكل عام فى تلك المرحلة، لما لها من دور مهم فى استعادة المؤسسات والمنشآت التى تضررت بتداعيات ثورة يناير وتوابعها على معدلات أدائها الطبيعية حتى الآن، وعلى رأسها النشاط السياحى والقطاع الصناعى. ويطالب خبراء المجتمع الضريبى الحكومة الجديدة بضرورة تأجيل طرح تعديلات جديدة للتشريعات الضريبية فى الوقت الحالى، وأن تركز الحكومة كل جهودها على حل المشكلات المزمنة التى يعانى منها المجتمع الضريبى وشرائحة المختلفة منذ سنوات طويلة فى تعاملها مع مصلحة الضرائب، ويرى الخبراء أن الدعم الضريبى للمؤسسات الصناعية والتجارية والاستثمارية بشكل عام له أولوية قصوى لاستعادة النشاط وزيادة معدلات الإنتاجية واستغلال كامل طاقات تلك المؤسسات بما يعود على الاقتصاد الوطنى فى النهاية بمنافع كثيرة تنعكس فى النهاية على زيادة متحصلات الخزانة العامة للدولة من الضرائب والرسوم. وتتواكب مطالب المجتمع الضريبى مع ما أعلنه الدكتور أحمد جلال، وزير المالية، من أنه ستتم إعادة النظر بشأن التشريعات الضريبية التى تم إعدادها مؤخراً وتمثل أهمية كبيرة فى الموازنة وأبرزها قانون الضرائب العامة على المبيعات المقرر ان يوفر نحو 21 مليار جنيه بالموازنة، مؤكداً أنه سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة حسم هذا الملف، مشيراً إلى أنه لم يتم حتى الآن حسم موقف الموازنة من التعديل أو الاستمرار بها لتجاوز تلك الفترة. ويحدد المحاسب القانونى، أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، المشكلات الضريبية التى تحتاج إلى تدخل من الإدارة الضريبية ممثلة فى الدكتور أحمد جلال، وزير المالية، وممدوح عمر، رئيس مصلحة الضرائب، مطالباً بضرورة بحث الحكومة فى أساليب جديدة وغير تقليدية لكيفية مساندة القطاعات الاقتصادية المختلفة سواء من خلال تبسيط الإجراءات الضريبية وتقديم معاملة ضريبية عادلة، أو بتيسيرات لحل أزمة المتأخرات الضريبية ومنح حوافز للسداد المعجل للمستحقات، خاصة أن تجربة منح تلك الحوافز خلال الفترة الماضية أثبتت نجاحاً كبيراً فى دعم الحصيلة الضريبية، إضافة إلى استفادة الممولين منها بوضوح الموقف الضريبى لمنشآتهم بما يساعدهم على التخطيط للمستقبل. ودعا «عبدالغنى» إلى منح اهتمام أكبر بإزالة العوائق وتخفيف الأعباء ومنح مزايا إدارية ومالية لقطاعات الأعمال تساعد المشروعات القائمة على تجاوز الصعوبات الكبيرة التى تواجهها حالياً، وفى ذات الوقت دعم القدرات التنافسية لمناخ الاستثمار المحلى من أجل استعادة الاستثمارات التى هربت خلال الفترة الماضية للخارج وزيادة التدفقات الاستثمارية الراغبة فى إقامة مشروعات جديدة. ويطالب الخبير الضريبي، عادل البكرى، بضرورة إعادة النظر فى المعالجة الضريبية الحالية لحساب المصروفات وقيام المصلحة باستبعاد جزء من تلك المصروفات بدعوى عدم ارتباطها بالنشاط، ما يتسبب فى خلافات ونزاعات ضريبية بعشرات الآلاف منظورة حالياً أمام اللجان الداخلية ولجان الطعن الضريبى، وبعضها يصل إلى المحاكم, كما أن هناك مشكلات تتصاعد يوماً بعد يوم حول مسألة تكييف الإدارة الضريبية لعمليات بيع الأسهم على أنها تمثل نوعاً من أنواع تغيير الشكل القانونى للشركة، وبالتالى إخضاع تلك العمليات للضريبة وهو ما يحتاج إلى تعديل جذرى خلال الفترة الحالية. ويرى المحاسب القانونى، أحمد شحاتة، أنه مع حالة الاضطراب الحالية التى يمر بها سوق النقد بمصر منذ نحو ثلاثة أعوام، أصبحت هناك مشكلة فى المعاملة الضريبية لفروق العملة ضريبياً تحتاج إلى سرعة الحسم، فضلاً عن أن هناك مشكلة أخرى برزت عقب التعديلات التشريعية الأخيرة، تتعلق بمعالجة المخصصات التى تكونها البنوك لمواجهة ديون رديئة أو مشكوك في تحصيلها تحتاج كذلك إلى معالجة وحسم فى إطار المساندة الواجبة للقطاعات الاقتصادية المختلفة. وأشار «شحاتة» إلى أن هناك مشكلات أخرى تتعلق بمعالجة المخصصات وتشكيل وصلاحيات لجان فض المنازعات الضريبية بأنواعها، والتى تحد من عمل تلك اللجان فى الوصول إلى هدف فض تلك المنازعات وعدم ذهابها إلى المرحلة القضائية لتسويتها من خلال المحاكم بعد سنوات طويلة تتعطل فيها عمليات تحصيل الضريبة، مطالباً حكومة «الببلاوى» بحل تلك المشاكل ووضعها ضمن خطة إدارة الأزمة لإخراج الاقتصاد الوطنى من أزمته الراهنة سريعاً.
