بداية لقد كانت ثورة الشعب والتى قادها الشباب وهزت اركان مصر كالزلزال وجعلت العالم كله من اقصاه الى ادناه ينظر الينا تقديرا وإعجابا لما قدمته هذه الثورة كحدث غير مسبق و كواحدة من أنقى الثورات الشعبية و من اكبر المفاجآت فى تاريخ مصر و العالم المعاصر حيث خرج شباب مصر متقدمى صفوف المتظاهرين ملتفا من حولهم كل فئات الشعب وكان للقوات المسلحة الباسلة موقف الحسم فى إنجاح تلك الثورة . لقد قامت الثورة فى وقت كان المصريون فيه قد استسلموا لواقع كئيب اسود يسيطر عليه فراغ سياسى رهيب و سيطرة كاملة على مقدرات الوطن و ثرواته و التى هى فى الاصل ملك له و لكل فرد يعيش فى هذا الوطن لمجموعة من االاشخاص استطاعت ان تفرض نفسها على ابناء هذا الشعب دون كفاءة او قدرات تميزهم عن غيرهم.فجيل هذه الثورة من الشباب جمع كل متناقضات عصره ووطنه ما بين الفقر الشديد والذي لا ذنب له فيه لان الذين كانوا يمسكون بزمام السلطة وبأيديهم يتحكمون في مقدرات الشعب طيلة الثلاثين عاما الماضية وما قبلها ايضا بسنوات هم السبب المباشر لإفقار هذا الشعب والوطن . وايضا جمع هذا الجيل ما بين الثراء الفاحش وثقافة ضحلة قدمت له طوال العقود الماضية من عمره وانفتاح رهيب علي العالم من خلال تكنولوجيا العصر والتي سعي اليها باقتدار فنحن امام جيل يحق لنا ان نفخر به ويجب ان تسلم له الراية لانه صاحب المستقبل الحقيقي لهذا الوطن وسواء كنا احزابا او حكاما او في اي موقع سلطة ولان اغتيال هذا الجيل او اي محاولة من اي نوع لاجهاض الثورة جريمة كبري وآثمة سوف ندفع ثمنها امام الله و امام التاريخ.فمن ناحية اذا كنا نريد ان ننهض بهذا الوطن و نرفع من شأنه ويصبح متقدما في مصاف الدول المتقدمة وهو قادر بالفعل علي ذلك بسواعد ابنائه لا بد ان يستند بقوة علي اقتصاد قوي ومتين وهو ما يجب ان يحتل مقدمة الاولويات حيث إن مشروعات التنمية العاجلة قصيرة و طويلة الاجل يجب ان تطرح فورا ولا تؤجل و يجب ان يشارك جميع المواطنين في البناء واقامة المشروعات والحرص علي استثمار معدلات النمو العالية لزيادة الانتاج في كل المجالات فهي الطريق الي توفير الوظائف لجميع الشباب وخاصة المؤهلين ولرفع مستوي المعيشة ولسد العجز في الموازنة العامة للدولة والحد من التضخم ووضع آليات لضبط اسعار السلع و المنتجات والخدمات وتحديد الحد الادني والاقصي للاجور والمرتبات لجميع العاملين بالدولة سواء في القطاع العام او الخاص فلدينا مشروعات كثيرة في كافة المجالات للخريجين في تملكهم للاراضي واستزراعها وخاصة في توشكي و سيناء وممر التنمية الجديد الذي يقترحه العالم الدكتور فاروق الباز وهو مشروع عملاق وغيرها ايضا في مجالات عديدة كلها تعطي الامل في المستقبل وللشباب في المشاركة ليشعروا بان ثمار التنمية والانتاج ستعود عليهم فورا . فمكاسب الثورة يحققها اقتصاد قوي وقد تخلص من الفساد والمفسدين وتخلص ايضا من وضع اقتصادي هزيل اباح لحفنة من اللصوص وعصابة من الاشخاص من رجال الاعمال المفسدين حق امتلاك وطن بأكمله والتصرف فيه طبقا لاغراضهم ومصالحهم الشخصية, ولكي يكون وطنا متقدما لابد ان يهتم بالتعليم اولا لانه سوف يدفع عجلة الانتاج والاقتصاد من خلال البحث العلمي المتقدم الذي بدوره سوف يدفع عجلة التنمية والتطور, ووضع برنامج قومي عاجل لمحو الامية والتي تمثل نسبة ال 40 في المائة والقضاء عليها في الامد القصير, والاخذ ايضا ببرنامج د. احمد زويل مصر في عصر العلم وبالتعاون مع كافة علمائنا المهاجرين بالخارج لتطوير مصر نحو الافضل, ويتأتي ذلك في ظل مناخ واستقرار امني وسياسي فنحن امام مرحلة جديدة من العمل السياسي يتبوأ مكانها الشباب من هذا الجيل مع فتح المجال امامهم لتكوين الاحزاب السياسية للتعبير عن آرائهم وفتح مجالات الحوار لاحتواء افكارهم واحلامهم او انضمامهم لاحزاب سياسية فاعلة وذات تاريخ ناصع وأتوقف هنا عند حزب الوفد بتاريخه ورصيده في وجدان الشعب المصري الذى لا يدخر الشباب وسعا في الانضمام اليه ولانه يجمع كل اطياف الشعب من مسلمين ومسيحيين وليس له اي صبغة دينية او عرقية ويتعانق فيه الهلال مع الصليب . ومن ناحية اخري فان امام مصر فرصة للنهوض بها خاصة بعد قيام الثورة لبناء حقيقي لدولة مدنية ديمقراطية لاول مرة في تاريخها المعاصر تستند الي عدم التمييز بين ابناء الوطن علي اي مرجعيات دينية او عرقية او اقليمية او نوعية فالمواطنون امام الدستور والقانون سواء والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات ولنعطي مثلا علي مسبق فالاسلام هو اول ما اقر مبدأ التعايش مع الاخرين في مجتمع واحد . فيقول الله تعالي ( ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبان وانهم لايستكبرون ) سورة المائدة .. وايضا عندما هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام الى المدينةالمنورة كان يعيش فيها مسلمون و يهود ووثنيون ومنهم ما ليس له ملة فعمل الرسول بما يسمى وثيقة المدينة والتى مضمونها أن كل هؤلاء يعيشون معا فى وطن واحد لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات وهو ما يسمى فى العصر الحديث بالمواطنة واذا اخذت به كافة المجتمعات الغربية و الشرقية فانه سيحل الكثير من المشكلات العقائدية, وفى النهاية يتبقى الدور الاكبر و الفعال على الدعاة فى الديانات المختلفة ليكرسوا مبادئ المحبة والتعارف والتراحم بين الناس جميعا و يصبح بحق الدين لله و الوطن للجميع فالدولة المدنية تقوم على توزيع السلطات وتقاسمها فعلا لا قولا بين مؤسسات الدولة التشريعية والتنفذية و القضائية مما يؤدى الى تكريس فصل السلطات مبدا وممارسة و استقلال القضاء.