لايزال المعتصمون في ميداني رابعة العدوية والنهضة يطالبون بعودة الرئيس المنتخب محمد مرسي إلي سدة الحكم لانه جاء بالشرعية من خلال انتخابات حرة مباشرة فاز فيها بنسبة 51٫8٪ .. ويرون أيضاً انه استمد شرعيته من خلال صندوق الانتخابات مرة أخري عندما تم الاستفتاء علي الدستور الإخواني التفصيل وقال حوالي 64٪ من المشاركين بنعم.. بما يعني ان الشعب قال لمرسي نعم مرة أخري.. ورغم ان الصندوق لم يعط الرئيس تفويضاً بملكيتها أو ان يفعل بالوطن ما يشاء ولكنه عقد ووعد وعهد بينه وبين الشعب من خلال الحفاظ علي أمن وسلامة واستقرار البلاد وحماية حقوق الإنسان وعدم الانحراف بالسلطة نحو تحقيق أهداف ومصالح جماعته وأهله وعشيرته .. والعمل علي تحقيق أهداف الشعب التي طالب بها في ثورة 25 يناير في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. وإذا خرج عن هذا الخط الذي رسمه الشعب أصبحت مواجهته ومجابهته والوقوف في وجهه أمراً حتمياً .. محمد مرسي انحرف بالبلاد والثورة لتحقيق الأخونة التي حلموا بها أكثر من 80 عاماً.. عمل علي تمكين أهله وعشيرته من مفاصل الدولة من خلال تعيين الوزراء ووكلائهم وكبار الموظفين في دواليب الحكومة.. تراجع علي يديه الاقتصاد والحالة الأمنية ووضع مصر الدولي ولم يحقق إنجازات ملموسة تعطي المواطن أملاً في الغد وأصبح الإحباط واليأس شعار الجميع. انحرفت قيادة محمد مرسي عن الطريق الذي حلم به المصريون للنهوض بالوطن وتحسين الأحوال المعيشية والحد من البطالة لان شغله الشاغل هو تمكين الجماعة.. رغم انه لو كان سار في المسارين معاً النهضة والتمكين ما خرج أحد عليه أو طالب بالرحيل ولكنه عندما تزداد الأحوال سوءاً يوما بعد يوم هناك كانت الكلمة للشعب صاحب الشرعية مرة أخري لتصحيح المسار.. خرج 33 مليون مصري في 30 يونية في مليونيات بكل ميادين التحرير تطالب برحيله.. مرسي كان يستطيع ان يجد لنفسه موضعاً لقدم وسط الجماهير الهادرة لو استمع لصوت العقل الذي مثل القوات المسلحة التي طالبته باتخاذ إجراءات لتصحيح الأوضاع.. كان من الممكن ان يطرح نفسه في استفتاء علي الشعب.. ولكن شيطان الشرعية التبسه وأعمي قلبه وبصره عن حقيقة الملايين الهادرة من الشعب التي طالبت برحيله.. لم يستجب مرسي لنداء القوات المسلحة فكان الكارت الأحمر من الشعب بطرده من المشهد تماماً والتخلص منه.. انحاز الجيش حامي الوطن إلي الشرعية الشعبية حفاظاً علي الوطن ومقدراته ووضع خارطة طريق للمستقبل لم يختلف عليها أحد إلا قليلاً.. جاءوا برئيس منتخب ثم دستور ثم انتخابات برلمانية ثم رئاسية وهذا ما تتوافق عليه كل القوي الشعبية والسياسية والنخب في البلاد. الجماعة المحظورة التي فقدت شرعيتها في أربعينيات القرن الماضي حيث تم حلها وكذلك عام 1954 بقرار من مجلس قيادة ثورة يوليو.. ولكنها عملت في الظلام ولم تخرج إلي النور ولم تستأسد إلا بعد ثورة 25 يناير التي انضموا إليها بعد أيام من قيامها .. وجلبوا العار من خلال عناصر حماس التي اقتحمت السجون وعلي رأسها سجن وادي النطرون حيث تم تهريب محمد مرسي و34 قيادة إخوانية واعترف «مرسي» بذلك من خلال مداخلة مع قناة الجزيرة عقب هروبه مباشرة.. مدعياً ان أهل الخير قاموا بفتح السجن وأطلقوا سراحه هو ومن معه من قيادات الإخوان.. الجماعة أصلا فاقدة للشرعية فهي لا تخضع لقوانين البلاد، وبالتالي فهي تمثل دولة داخل دولة.. وجاء محمد مرسي ليزيد من توغلها وسيطرتها علي أجهزة الدولة.. لذلك فهي تحارب معركتها الأخيرة بكل شراسة بعد ان فطن الشعب بعد عام واحد للخديعة والكذب الذي مارسه ضده محمد مرسي وجماعته من أجل تقديم مصر علي طبق من ذهب للتنظيم الدولي الذي لا يعترف بالوطنية ويحلم بالخلافة.. الجماعة حشدت أنصارها من المحافظات وجاءوا إلي ميدان رابعة العدوية تاركين حالهم ومالهم.. بعضهم جاء بالنساء والأطفال دروعاً بشرية خشية الهجوم علي الميدان وهذا لن يحدث طالما ظلوا في اعتصامهم السلمي.. محمد بديع ومحمد البلتاجي وعصام العريان وصفوت حجازي وعاصم عبدالماجد يتخفون وسط هذا الحشد من المواطنين الذين غرر بهم باسم الدفاع عن الشريعة والشرعية.. هذه الدروع البشرية مستمرة بأمر هؤلاء خشية خروجهم من الميدان وتقديمهم إلي العدالة فكانت نداءات الدم والزحف علي الحرس الجمهوري وكانت الكارثة. من في رابعة ونهضة مصر مواطنون مصريون تتلاعب الجماعة بهم وهي تقود معركتها الأخيرة بحجة نصرة الإسلام.. فهل من قام بالثورة غير مسلمين؟ وهل الإسلام أصبح حكراً عليهم.. فمن يسير معهم ويأتمر بأمرهم فهو مسلم ومن يخالفهم الرأي فقد خرج عن الملة والدين؟.. لقد أعلن الفريق السيسي في بيانه الذي حدد خطوات المستقبل إنه لا إقصاء لأحد ولا لفصيل سياسي وديني والوطن به متسع للجميع.. ورغم ذلك هم مصرون علي نداء الدم والعنف الذي أسفر عن سقوط عشرات الشهداء من المصريين.. فلا فرق بين إخواني وجندي ومواطن لا ينتمي إلا لجماعتهم.. أكثر من 55 مواطناً في موقعة الحرس الجمهوري و12 مواطنا في المنيل ومثلهم في عبدالمنعم رياض و18 مواطنا بالإسكندرية وأكثر من ألف مصاب في عموم الجمهورية.. أليست حرمة الدم المسلم أشد عند الله من هدم الكعبة المشرفة.. أين شيوخنا وأفاضلنا وعلماؤنا من التيار السلفي والجماعة والأزهر الشريف؟.. أين صوت العقل؟ لماذا تريدون لمصر ان تصبح سوريا أخري وهذا لم ولن يحدث لان هناك جيشاً عظيماً ينتمي لشعبه وشعباً طيباً لا يقبل بطريق العنف والدم. ما يحدث الآن هو صراع سياسي بين جماعة انتحرت وفي النزع الأخير تتمسح في شرعية لا تمثلها لانها محظورة وبين شعب استمد شرعيته بعد ان أفاق سريعاً للمؤامرة التي تهدف إلي تقسيمه وتفتيته.. يا جماعة الخير في رابعة ونهضة مصر عودوا إلي رشدكم فكلنا مسلمون وموحدون.. نرجوكم عودوا إلي بيوتكم وأفيقوا من غفوتكم حقنا لدمائنا جميعا.. قادتكم يضحون بكم وقد هربوا أولادهم وزوجاتهم إلي خارج البلاد من أجل ان يتلاعبوا بشعارات نصرة الإسلام والشرعية التي لم يفعلوا لهما طوال عام كامل من التمكين.. كفانا كذبا وتضليلا من أجل الله والوطن والفرصة لازالت قائمة في الدخول للمعترك السياسي مرة أخري.