سويسرا الحصان الأسود ل يورو 2024 تقصى حامل اللقب إيطاليا بعد الفوز عليها 2 / 0 وتتأهل رسميًا لدور ربع نهائي البطولة    باسكرينات لعدد من المنشورات.. أحمد موسى يفضح جماعة الإخوان الإرهابية على الهواء    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    اقتصادى: مؤتمر الاستثمار يبحث عن رؤية استراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى    ما مصير أموال التصالح بقانون مخالفات البناء؟.. القانون يجيب    مدبولي يُثمن توقيع أول عقد مُلزم لشراء الأمونيا الخضراء من مصر    رئيس الوزراء يلتقي رئيسة منطقة شمال إفريقيا والمشرق العربي بشركة إيني الإيطالية    مصر تبحث مع ألمانيا إنشاء مركزًا لصيانة وإعادة تأهيل ماكينات حفر الأنفاق    النائب العام الفلسطينى السابق: يجب وقف جريمة الإبادة الجماعية فى قطاع غزة    حدث في 8 ساعات|أخطاء في بعض أسئلة امتحان الفيزياء.. وموعد تشكيل الحكومة والمحافظين الجدد    بعد 8 أعوام.. الجامعة العربية تلغي تصنيف حزب الله "منظمة إرهابية"    وفد شؤون الأسرى المفاوض التابع للحوثيين يعلن وصوله إلى مسقط    ليروي ساني يقود هجوم ألمانيا ضد الدنمارك في يورو 2024    طريقة التقديم في موقع ادرس في مصر 2024 للوافدين.. الأوراق المطلوبة والرسوم    مبابي يختبر قناعا جديدا قبل مواجهة بلجيكا في أمم أوروبا    حجازي يكشف موقف تصحيح اللغة العربية للثانوية العامة.. وموعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية    امتحان الفيزياء للثانوية العامة 2024.. تعرف على طريقة توزيع الدرجات    مع اقتراب عرض فيلم جوازة توكسيك.. هل تسيطر الكوميديا على أفلام ليلى علوي الأخيرة؟    محمد رمضان يكشف عن تقديم عمل درامي مغربي    "البث الإسرائيلى": إسرائيل ملتزمة بصيغة الاقتراح الذي رحب به بايدن    كاظم الساهر يحيي حفلا غنائيا في بيروت يوم 5 يوليو المقبل    أكرم القصاص: 30 يونيو كانت إنقاذًا حقيقيًا للهوية المصرية    حبس 20 متهماً بتهمة استعراض القوة وقتل شخص في الإسكندرية    احتفالية كبرى بذكرى ثورة 30 يونية بإدارة شباب دكرنس    مانشستر يونايتد يراقب دي ليخت لخطفه من بايرن ميونخ    "مواهبنا مستقبلنا" تحيي احتفالية ثورة 30 يونيو بالمركز الثقافي بطنطا    «نويت أعانده».. لطيفة تطرح مفاجأة من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان كاظم الساهر    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة «إيستي» السويدية تعزيز التعاون في القطاع الصحي    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    تطوير عربات القطار الإسباني داخل ورش كوم أبو راضي (فيديو)    عمرو دياب يطرح ريمكس مقسوم لأغنية "الطعامة"    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    المجاعة تضرب صفوف الأطفال في شمال قطاع غزة.. ورصد حالات تسمم    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    جامعة سوهاج: تكليف 125 أخصائي تمريض للعمل بمستشفيات الجامعة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    الحبس سنة وغرامة 100 ألف جنيه لإنجي حمادة وكروان مشاكل في قضية فيديو المطبخ    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف عبدالرحمن سيف النصر يكتب: الديمقراطية على الطريقة المصرية!


شريف عبدالرحمن سيف النصر
عندما تفتق الذهن البشري عن نموذج "الديمقراطية النيابية" كان الدافع إليه أن نموذج "الديمقراطية المباشرة" لم يستطع أن يفي بأغراض الشعوب.
فالناس لا يمكنها أن تتجمع في الميادين والشوارع بالملايين لكي تفصح عن إرادتها، وحتى إذا كان ذلك ممكنا فإن مناقشة أي قرار وسط الآلاف المؤلفة من البشر لا يمكن أن يسفر عن نتائج ذات معنى، كما أن التعبير المباشر عن وجهات النظر السياسية يتضمن احتمال المواجهة بين المختلفين. فكما سينزل المؤيدون سينزل المعارضون، وهنا لن يكون النقاش هو سبيل الإقناع وإنما القدرة على إحداث أكبر قدر من الأذى بالخصم. ومن هنا حلت صناديق الانتخابات محل المواجهات، وحلت فكرة اختيار نواب عن الشعب محل التعبير المباشر عن وجهات النظر، وظل هذا الأمر محل اتفاق بوصفه الأسلوب الأقرب إلى السلمية في المجتمعات المتحضرة.
ولكن القوى السياسية في مصر قررت أن تخالف هذه القناعات، فعادت خلال الأيام الماضية إلى الشارع لممارسة الديمقراطية المباشرة من جديد، متجاوزة بذلك تراثا إنسانيا لم يصل إلى ما وصل إليه من تفضيل الأسلوب النيابي إلا بعد أن خبر مخاطر وأخطاء ديمقراطية الشارع. ليس هذا فحسب ولكن الديمقراطية المصرية أضافت إلى العيوب السابقة عيبا إضافيا وهو اعتمادها بشكل شبه كامل على كاميرات الإعلام، فأضفت بذلك بعدا استعراضيا، يستبدل أصوات الناخبين بحضورهم المباشر والشخصي، ثم ملاحقتهم بالكاميرات لالتقاط حركتهم وإبراز حشودهم. ولكن كاميرات الفضائيات وهي تفعل ذلك فإنها تمارس تحيزات نابعة من تفضيلاتها السياسية ومن مصادر التمويل التي تعتمد عليها، ولذا فإنها لا تظهر الحشود المتقابلة بنفس النسبة، ولا تقدم تغطية متوازنة لها، وإنما تحرص على إبراز كثرة من تؤيدهم، وضآلة من تعارضهم. هذه المتاجرة بمناظر الحشود بهدف إحراز نقاط سياسية تلهب مشاعر المزيد من الناس وتدفعهم للنزول والاعتصام بالميادين دعما لمؤيديهم.
في الديمقراطية على الطريقة المصرية إذن صار الإعلام جزءا من المنازلة السياسية، مهمته الأساسية هي محاصرة الإسلام السياسي على نحو كامل، وذلك للتغلب على معضلة التفوق الانتخابي للإسلاميين، فتم استدراجهم إلى ميدان منازلة جديدة، يفقدون فيها ميزتهم الأساسية، أما إعلان نتائج هذه المنازلة فلا يتم في لجان فرز الأصوات ولكن في أستديوهات التوك شو والبرامج الحوارية، وفي كل الأحوال تكون النتيجة معلنة مسبقاً، وهي انتصار الكتل المعارضة بالأغلبية الساحقة، بعد أن يستبدل اسمها لكي تتم الإشارة إليها باسم "الشعب"، فلا تصبح مجرد قوى معارضة ولكنها تصبح الشعب نفسه، كما لو كانت الأطراف الأخرى غير موجودة في المشهد أصلاً.
نزول المعارضين إلى الشوارع، ودخول الإعلام على الخط ليسا أغرب ظواهر الديمقراطية المصرية، فالأغرب بحق أن الجماهير التي نزلت إلى الشوارع، واعتصمت بالإعلام، ورفضت الاحتكام إلى الصناديق، فعلت كل ذلك لا لكي تحافظ على إرادتها حرة، ولا لكي تمتلك قرارها بأيديها، ولكن من أجل أن تستنجد بالعسكريين وتأتي بهم إلى الحكم، وكأننا أمام نسخة من الديمقراطية الفاشية، التي تقبل ما يفرضه العسكر وترفض ما تفرضه إرادة الأغلبية. ولذا فقد كانت قمة الدراما في الديمقراطية المصرية أن يحتفي المتظاهرون المدنيون، بعودة الجيش إلى المشهد السياسي، وأن يتطلع الكثير إلى أن يحتكر الجيش السلطة، ويقضي على تجربة التحول الديمقراطي المدني بكافة تفاصيلها. وقد شارك في هذا العرض الهزلي كثير من القوى الثورية التي التهبت حناجرها ذات يوم بالنداء الشهير "يسقط حكم العسكر"، هذه أيضا أصبحت لا تمانع في عودة الجيش إلى السلطة مرة أخرى، من أجل أن يبدأ مرحلة انتقالية جديدة، تدوم لعدة أشهر أو بضع سنوات.
لقد كان بالإمكان أن تنتظم القوى الرافضة لحكم الإخوان أمام صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية القريبة جدا، لتعبر عن رأيها بشكل سلمي ومتحضر، فتحصد أغلبية المقاعد وتشكل حكومة جديدة، يتولى رئيسها إدارة معظم الملفات السياسية، ويشارك رئيس الدولة في العديد من اختصاصاته، ولكن هذه القوى أبت إلا أن تختار أكثر الأشكال صخباً للتعبير عن رفضها للأداء السياسي للرئاسة والجماعة، ألا وهو النزول إلى الشوارع، مدعومين بكاميرات الفضائيات، التي لاحقتهم وثبتت صور خلفياتها على مشاهد الميادين وهي ممتلئة بهم، وكأنها تقرر بذلك سابقة سياسية، يتعين على المعارضين في المستقبل أن يحتذوها للتعبير عن رفضهم، وهي أن المباراة السياسية يحسمها الطرف الأقدر على إحداث أكبر قدر من الصخب.
إلا أن هذا الأسلوب هو بالضبط ما يجعل المباراة بلا قواعد، فإعلان المغلوب أنه لن يكمل المباراة حتى تتغير قواعد اللعبة بما يضمن له الفوز، أو طلبه من جمهوره أن ينزل إلى أرض الملعب قبل أن تنتهي المباراة أو حتى يستعين بالصديق القوي (المؤسسة العسكرية) للمساعدة في تطويع النتيجة، كل هذه السيناريوهات تنزع عن عملية تداول السلطة شكلها المؤسسي وتتحول بها إلى نمط فوضوي لا يمكن تكراره في المستقبل.
إشارة أخيرة تحملها ظاهرة التظاهرات أمام الكاميرات تتمثل في الإيحاء بأن الديمقراطية المصرية لم تكن أكثر من تمثيلية؛ تظاهر البعض باحترامها ولكنهم عند الجد أعلنوا عن قناعاتهم الحقيقية إزاءها، وهي أن احترامهم لها لم يكن أكثر من ادعاء. فالمثقفون والنخبة الذين صدعوا رؤوس الناس بالحديث عن الشرعية الدستورية، يستخدمون منابر الفضائيات للحديث عن شرعية جديدة تصنع في الشوارع والميادين، أما القوى الثورية فهي ترحب بتدخل المؤسسة العسكرية، وتحضّر لتسليم الجيش مسؤولية البلاد. وكأنها بذلك تعبر عن قناعاتها بأن الإجراءات الدستورية التي انخرطت وشاركت فيها لم تكن أكثر من حبر على ورق، وأن المسار السياسي تحكمه لغة القوة في المقام الأول، فالمشروعية وفقا لها تخرج من فوهة المدفع، وليس من خلال إرادة الشعب بأي شكل من الأشكال.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.