استهل الكاتب البريطاني الشهير "روبرت فيسك" مقاله اليوم بصحيفة (إندبندنت) البريطانية متسائلاً عما إذا كان في استطاعة الإسلاميين إدارة البلاد أم لا؟!، وأكد أن مصر هي الاختبار الحقيقي الأول لتجربة حكم الإسلاميين. وأكد الكاتب البريطاني أن بيان الجيش أمس كان محاولة من جانبه لوضع الفرصة أمام الإسلاميين لكي يثبتوا صحة مزاعمهم بقدرتهم على حكم البلاد. وأضاف فيسك قائلاً: إذا لم يستطيع مرسي استغلال تلك الفرصة التي منحها له الجيش، مهلة 48 ساعة لتسوية الخلافات مع المعارضة وتحقيق مطالب الشعب، فإنه لن يعد الرجل المطلوب، وهو ما يجعل الجيش يتبنى "خارطة طريق" لمستقبل البلاد، وإن كنت متحفظًا على ذلك المصطلح لأنه يذكرني بخارطة طريق "توني بلير" لمستقبل الشرق الأوسط. وتابع فيسك قائلاً: الحشود في ميدان التحرير أعلنت موافقتها على ما ورد ببيان الجيش، خاصة وأنه وصف المظاهرات بال"مجيدة"، ولكن علينا أن نفكر جيدًا فيما يعني هذا، فالجزائريون العلمانيون دعموا جيشهم في عام 1992 عندما ألغت الجولة الثانية من الانتخابات التي كان فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكان "الأمن القومي" للدولة في خطر، وقال الجنرالات الجزائريين نفس الكلمات التي استخدمها القادة العسكريين في مصر أمس الاثنين، ولكن الوضع في الجزائر ساء لدرجة قيام حرب أهلية أسفرت عن مقتل 250 ألف شخص. وهذا ما جعل "فيسك" يتساءل عن طبيعة شكل خارطة الطريق التي أعدها الجيش إذا فشل مرسي فى استغلال آخر فرصة له وحل خلافاته مع المعارضة؟؟! وهل ستشمل إجراء انتخابات مبكرة؟؟! وجاء رد فيسك بأن هذا أمر غير مرجح، فلن يقوم جنرال بخلع رئيس ليواجه رئيس آخر. ووصف "فيسك" الحكم العسكري بأنه سيكون شبيهًا بالمجلس العسكري "السخيف" - على حد زعم الكاتب - الذي تولى حكم البلاد في المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط الرئيس السابق "حسني مبارك". وأرجع "فيسك" هذا التشبيه إلى أن المجلس الذى أطلق على نفسه "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" بالتركيز على اختياره كلمة "الأعلى" بدأ في التعامل ب"عنجهية" خاصة بعد أن قوض من سلطات مرسي بإقالة اثنين من كبار قياداته. وقال فيسك: استلم الجيش المصري السلطة من "الملك فاروق" الرجل الذي أذل بلاده وشعبه، تولى "جمال عبدالناصر" الحكم، ونحن جميعًا نعرف ما حدث بعد ذلك، ولكن يجب أن ننظر الآن إلى حقيقة المعركة بين الإسلاميين والعسكر، حتى لو كانت أمريكا في نهاية المطاف ترمي بثقلها وراء "الأوصياء" الذين يرتدون الزي الرسمي للأمة. وتأسف فيسك على ما أهدرته الحكومة المصرية من وقت في محاولة فرض دستور مفُصل للإخوان ودعمت قوانين توقف نشاط جماعات حقوق الانسان وجمعيات المجتمع المدني الأجنبية، مؤكدا أن نسبة 51% من الأصوات التي حصل عليها مرسي في الانتخابات لم تؤهله ليصبح "رئيسا لكل المصريين". وأنهى فيسك مقاله قائلاً: مطالب ثورة 25 يناير وهي "عيش..حرية..كرامة إنسانية..عدالة اجتماعية" لم تتحقق بعد، وتساءل "هل يمكن للجيش أن ينجح فى تحقيق المطالب التى فشل فيها مرسى؟" ويتم ذلك فقط عن طريق وصف المظاهرات ب"المجيدة"، فالسياسيون محتالون لكن الجنرالات يمكن أن يكونوا قتلة.