أ - أرض الوادي الزراعية، دورها التاريخي هو الإنتاج الزراعي وكفايته لتحقيق أمن مصر الغذائي، هي الدرع الواقية لاستقلالها وتفرغ شعبها إلي الإنتاج والتقدم الحضاري. حتمية حياتية يجب الحفاظ علي كل شبر من هذه الأرض وعدم المساس بها لغير زراعتها، بل تنميتها وزيادتها باستصلاح أراض جديدة. وخير أرض يكون استصلاحها هي امتدادات الأرض المزروعة علي حدود الوادي القريبة من ماء النيل، وعدم تبذير ماء النيل إلي مناطق نائية وفي أرض تمتصها رمالها، وحرارة تحرق الأرض والزرع. أرض الوادي الزراعية، لا يعوضها استصلاح أي أراض جديدة، لا كما ولا كيفا رغم تكاليفها وتبعاتها ولا منطق لعاقل أن يبني سكناً علي أرض يزرعها ليأكل منها ويذهب إلي صحراء نائية يستصلح أرضاً غيرها لتعويضها، فالمقارنة ساذجة الوضوح والفهم. بين أرض خصبتها منذ أمد التاريخ وجديدة رملية لم تذق الطمي والغرين ولو مرة واحدة، أرض ماؤها تحت قدميها وأخري نائية يشرب صناعياً بالبحث واستخراج البترول، أرض تجود بخيرها بمجرد مد سواعد العمل لها والأخري تحتاج عمراً وأجيالاً حتي تؤتي أكلها، أرض هبة »ببلاش« والأخري بالملايين والعرق والجهاد. يجب حماية وادي النيل وأرضه الزراعية من البناء حماية تامة، مهما كانت الضرورات الأخري. وأكثر التعديات عليها خطورة هو العمران والتعمير، لا ولن تجدي أي قوانين البناء عليها أمام ضرورات وحتميات الحياة والتكاثر عليها، البناء العمراني في مصر يبتلع مائة ألف فدان زراعي في السنة الواحدة، يتصاعد عددها سنوياً بما يساوي 4٪ رغم ترسانة القوانين التي تحرم ذلك. لذا يتحتم إخلاء الوادي من المدن والنشاط العمراني بالكامل لملايين المصريين للحفاظ علي أرضه للزراعة الأصلية الأصيلة، ولا يكفي ولا جدوي لتخفيف أعداده ببعض مدن جديدة أو محور تنمية مع بقاء أعداد أخري تعيش وتعمل وتتكاثر بالوادي فتعود بها ريمة لعادتها القديمة، كما تشكل هذه المحاور والمدن الجديدة زيادة الخطورة علي الأرض الزراعية بالوادي. لقربها منه وربطها به بطرق ووسائل اتصال عضوية مما تعمل علي التحام هذه المدن بالوادي وزيادة التعمير والخراب. ب - أراضي الصحراء النائية عن وادي النيل وسيناء وسواحل البحر الأبيض والبحر الأحمر، هي أنسب ما تصلح له لعمران مصر الحديثة بتعدادها الكبير. تعمير وعمران بناء وليس استصلاحاً للزراعة، عمران معاصر يلزمه مساحات أرض واسعة، لنوعية مرافقه، من طرق وكباري ومطارات ومصانع ومخازن ونواد وغيرها. ليس استصلاحاً لزراعة مكثفة بالاعتماد علي أمطار والمياه الجوفية. ولا يعقل استيراد مياه النيل المحددة. أما الزراعة المكثفة اللازمة لملايين المصريين فلا سبيل لها إلا بزيادة الإنتاج الزراعي للوادي وعودة الروح إليه بإبعاد ملايين المصريين وعمرانهم عنه. (3) الإنسان المصري إعادة الروح إلي الإنسان المصري والعمل علي عودة القيم الراقية التي اختزنها عبر آلاف السنين بعد أن طمستها عشرات سنين من الظلم والنفاق والشعارات الكاذبة والقوانين الشاذة والمبادئ التي تضيع معها الحقوق وتختلط فيها الواجبات، مجتمع عدالة ومساواة وحرية، مجتمع مترابط، فيه الوطن للجميع والدين لله.. مجتمع التكافل بين الطبقات وليس الصراع بينها، مجتمع الحب، الخير والعمل وحب مصر، نهضة شاملة بالتعليم الوطني الجاد، لصهر الشخصية المصرية الراقية والتخلص النهائي السريع من وصمة الأمية بين المتعلمين قبل الجهلة، مع تعلية قيم العلم وإجادة العمل والنظام وحقوق الآخر.