قدم الدكتور أسامة الأزهري المشرف العام على مكتب رسالة الأزهر نداءًا إلى مختلف أطياف الشعب المصري قال فيه: يا شعب مصر الكريم، اجعلوا يوم 30 يونيو يوم مرحمة، لا يوم ملحمة، وحافظوا على سلمية التظاهر، واحذروا حذرا شديدا من إراقة الدماء، ولا تجعلوا أي انتماء حزبي أو فئوي يمزق الانتماء الأكبر، والذي هو الانتماء إلى مصر، وقد أمرنا الشرع الشريف بحفظ الأوطان، وحفظ الأنفس، وحذر تحذيرا شديدا من القتل وإراقة الدماء وإزهاق الأنفس، (وائتمروا بينكم بمعروف)، واختلفوا بمعروف. وإذا تعرض أحدكم لمن يستفزه أو يهاجمه فليقل له: (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ)، وإذا تحولت الآية الكريمة إلى شعار نلتزمه جميعا فلن تراق الدماء أصلا، وقد أَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم الراية يوم فتح مكة إلى سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَلَمّا مَرّ سَعْدٌ بِرَايَةِ النّبِيّ صلي الله عليه وسلم نَادَى: يَا أَبَا سُفْيَانَ، الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَة،ِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلّ الْحُرْمَةُ، الْيَوْمَ أَذَلّ اللّهُ قُرَيْشًا، فَلما أَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم حَتّى إذَا حَاذَى أَبَا سُفْيَانَ نَادَاهُ أبو سفيان: يَا رَسُولَ اللّهِ أُمِرْت بِقَتْلِ قَوْمِك؟ زَعَمَ سَعْدٌ وَمَنْ مَعَهُ حِينَ مَرّ بِنَا قَالَ: «يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلّ الْحُرْمَةُ الْيَوْمَ أَذَلّ اللّهُ قُرَيْشًا» وَإِنّي أَنْشُدُك اللّهَ فِي قَوْمِك ، فَأَنْتَ أَبَرّ النّاسِ وَأَرْحَمُ النّاسِ وَأَوْصَلُ النّاسِ، قَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا نَأْمَنُ سَعْدًا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فِي قُرَيْشٍ صَوْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم: «الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ، الْيَوْمَ أَعَزّ اللهُ فِيهِ قُرَيْشًا»، ثم أمر صلى الله عليه وسلم بتحويل الراية من سعد إلى غيره من الصحابة، نقول: هذا وقد كان التعامل يوم الفتح مع كفار مكة المقطوع بكفرهم، ورغم هذا فقد جعله صلى الله عليه وسلم عليهم يوم مرحمة لا يوم ملحمة، وعزل من قادة جيشه من نادى بجعله يوم ملحمة، فكيف بنا اليوم في مصر، يكفر الناس بعضهم بعضا، ثم يريدون جعله يوم ملحمة، تراق فيه الدماء؟!! وقد كان معروفا من خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم حتى عند غير المسلمين أنه أَبَرّ النّاسِ، وَأَرْحَمُ النّاسِ، وَأَوْصَلُ النّاسِ، نسأل الله تعالى أن يحفظ الوطن بحفظه الجميل، وأن يجعل عاقبة ذلك اليوم رشدا.