رشاد عبده بعد إقرار الكونغرس الأمريكي لقانون الامتثال "الإلزام" الضريبي والذي سوف يتم تطبيقه على الأمريكيين المقيمين خارج الولاياتالمتحدة الأمر يكية "سواءً بشكل مؤقت أو دائم"، اعتبارا من أول يناير المقبل، بهدف مكافحة ظاهرة التهرب الضريبي، وهو القانون المعروف باسم "فاتكا" والذي يلزم كذلك جميع البنوك والمؤسسات المالية من شركات تأمين وأوراق مالية وصناديق استثمار حول العالم "استغلالاً لأسوأ صور العولمة وهيمنة الأقوى" بإبلاغ مصلحة الضرائب على الدخول الأمريكية عن جميع عملائها الأمريكيين الحاليين الذين تزيد حساباتهم ودخولهم عن 50 ألف دولار وكشف حساباتهم أمامها "بعد الحصول منهم على تفويض بذلك". ووفقاً لهذا القانون الجديد فسوف تطبق البنوك والمؤسسات المالية حول العالم قواعد هذا القانون وتفاصيله على عملائها الأمريكيين سواءً كانوا من حاملي الجنسية الأمريكية أو مزدوجي ومتعددي الجنسية أو الحاصلين على الجرين كارد، أو ممن أقاموا بالولاياتالمتحدة لمدة 183 يوما في آخر ثلاث سنوات، وكذا المولودون في أمريكا حتى وإن كانوا لا يقيمون بها بشكل أساس أو غير أساسي، كما ألزم القانون الجديد هذه البنوك والمؤسسات المالية بالإبلاغ الفوري عن حسابات عملائه الجدد من الأمريكيين إلى مصلحة الضرائب على الدخل أياً كانت قيمة حساباتهم وأرصدتهم، وإن عدم الامتثال لذلك سوف يعرضها لعقوبات مالية قاسية. ومن أهم العقوبات التي سوف تفرضها السلطات الأمريكية على البنوك والمؤسسات المالية التي ستمتنع عن الالتزام بتطبيق قانون الفاتكا الجديد "في أي مكان من العالم" هي استقطاع %30 من أية تحويلات أو قيم مالية واردة لحسابات هذه البنوك والمؤسسات المالية من مصدر إيراد أمريكي اعتبارا من بداية شهر يوليو 2014... وأن يتم الاستقطاع كذلك "ولكن اعتباراً من يناير 2017" من حصيلة المبيعات الإجمالية للأدوات المالية "حتى وإن حققت خسائر أو تم نقل ملكيتها"، بالإضافة إلى ضغوط ونفوذ السلطات الأمريكية للتأثير على درجات التقييم الائتماني على هذه البنوك ومن ثم زيادة تكلفة الاقتراض من المؤسسات المالية المختلفة. ولكي تتجنب البنوك والمؤسسات المالية هذه العقوبات الأمريكية، فإن عليها ضرورة تحديث بيانات عملائها من خلال استمارات ونماذج جديدة مستحدثة موضحاً بها جنسية العميل وكذا تفويض من العملاء الأمريكيين بالموافقة على كشف حساباتهم أمام مصلحة الضرائب الأمريكية على الدخل، ويتم بعد ذلك وضعها على حاسبها الآلي وإعادة برمجته بحيث يقوم تلقائياً بالبحث عن العملاء الأمريكيين الخاضعين لضريبة الدخل الأمريكية ورصدهم، وإذا لم يكن سيستم (نظام) البنك يسمح بذلك فإن الأمر يتطلب شراء نظام جديد يكون قادراً على استيعاب كافة التفاصيل التي يحتاج قانون الفاتكا الجديد إليها عند التطبيق، وقد يكون من الأفضل الاستعانة بمكتب مراجعة ومحاسبة متخصص في هذا الشأن، كما يكون على البنك كذلك الاهتمام بتدريب العاملين لديه الذين لهم أية صلات بتطبيق القانون الجديد. ومن الجدير بالذكر أن قانون الضرائب الأمريكي يمنع الازدواج الضريبي، بما يعد ميزة للأشخاص مزدوجي الجنسية إلا أن القانون قد اشترط لتفعيل ذلك وجود اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي بين أمريكا وهذه الدولة التي يقيم ويعمل بها ذلك الشخص الأمريكي مزدوج الجنسية، كما اشترط كذلك قيام ذلك الشخص بسداد ما عليه من ضرائب في بلده الأصلية المقيم بها، وأن يكتب إقراراً بذلك للسلطات الأمريكية المختصة وأن يقدم ما يفيد سداده للضريبة عن كافة مصادر دخله في داخل وخارج الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى لا يتهرب من دفع ما عليه من ضرائب. هذا ويؤكد بعض من الخبراء والمتخصصين الماليين على وجود ثغرة بقانون الامتثال الضريبي الأمريكي الجديد، والتي يمكن للبعض استغلالها والتحايل على القانون والتهرب من تطبيقه، حيث يمكن لهؤلاء الأمريكيين المقيمين خارج الولاياتالمتحدة إيداع أموالهم باسم زوجاتهم "إذا كانت غير حاملة للجنسية الأمريكية" كما يمكن لهم تقسيم وتفتيت وتوزيع أموالهم على أبنائهم بحيث لا تتجاوز قيمة حساب كل منهم للرقم الخاضع للضريبة والبالغ 50 ألف دولار. إلا أن هؤلاء الخبراء والمتخصصين لا ينصحون العملاء الأمريكيين الذين لديهم حسابات ببنوك خارج الولاياتالمتحدة تقسيم أو توزيع أرصدة أموالهم على أكثر من بنك لمحاولة التهرب من سداد ما عليهم من ضريبة، وذلك لأن جميع البنوك سوف تقوم "وفقاً لأحكام هذا القانون" بإخطار مصلحة الضرائب الأمريكية على الدخل بأسماء عملائها الأمريكيين، ومن ثم يمكن بسهولة اكتشاف تكرار اسم نفس العميل في أكثر من بنك، ولا يخفى على أحد بأن مصلحة الضرائب الأمريكية لديها أقوى وأفضل شبكة معلومات على مستوى العالم. كما قد يشكك البعض الآخر من أن تطبيق هذا القانون قد يدفع بعض المواطنين الأمريكيين المقيمين في الخارج من التفكير الجدي في تحويل أموالهم أو جزءاً كبيراً منها إلى بنوك الدول التي لن تطبق هذه القانون كالصين وإيران وروسيا وقبرص، وإن كانت هذه الخطوة قد تؤدي إلى احتمالية سحب الجنسية الأمريكية منهم في حال اكتشافها، وهو أمر لا ولن يحبذ الكثير من المواطنين الأمريكيين التضحية به لما تمنحه لهم هذه الجنسية من مزايا عديدة على كافة المستويات. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية