«مغارة علي بابا.. استغلال المناصب.. إمبراطورية للفساد.. حلم الثراء السريع».. هذه معانٍ تجسدت في البورصة، وباتت صورة ذهنية للسواد الأعظم من المواطنين.. كلمات وتعبيرات اعتقد الجميع أنها سقطت من القاموس، لكن في زمن «الإخوان» لا شيء يسقط فاختياراتهم للمسئولين تتم لمن ينفذ خططهم، دون النظر إلي تاريخ هذه القيادات إذا كان ملوثاً بالفساد من عدمه، فلا مكان للفائدة وإنما السمع والطاعة هي أساس الاختيار، وسيكون الأمر مكسباً إذا كان الوضع يتعلق بمؤسسات مالية مثل البورصة. عاطف الشريف، رئيس البورصة الجديد، واحد من الأسماء المجهولة في مجتمع سوق المال، تم اختياره ونائبه أشرف كمال للتستر علي بيزنس الجماعة ومسئول إخواني معروف في الوسط المالي.. «عاطف» صعد بسرعة الصاروخ منذ تعيينه بالبورصة عام 95، واستطاع أن يجيد اللعب بالثلاث ورقات للتقرب من رؤسائه، كما يصفه بذلك أصدقائه. المرحلة الأولي كانت في مشوار «الشريف» مظلمة، لكن مد له بعض أقاربه العاملين في سوق المال أيديهم وكان أولها التعيين في البورصة، رغم حصوله علي تقدير لا يتيح له فرصة العمل بمؤسسة مالية في حجم البورصة، فشل «الشريف» في عامه الأول في إثبات ذاته في البورصة، وبالتالي حصل علي إجازة لمدة عام سافر خلالها خارج البلاد، لكن عاد بعد قرابة عام، ليبدأ رحلة الصعود. مر «الشريف» بمحطات عديدة كان أسوأها مع سامح الترجمان، رئيس البورصة خلال الفترة من 98 حتي 2004، وذلك لرفض «الترجمان» أن يكون «الشريف» من رجاله، وحاول «الشريف» التلميح ل «الترجمان» أنه بصدد تأسيس جريدة البورصة وقتها، وبذلك يكون «الترجمان» الخاسر، ثم افتعل «الشريف» أزمة تسريب مرتبات البورصة والمحظوظين لعضو مجلس الشعب كمال أحمد للإطاحة ب «الترجمان» ولكن فشل في مخططه واستمر «الترجمان» إلي أن ترك المنصب في أغسطس 2004. المحطة الثانية في مشوار «الشريف» بدأت مع تولي محمد عبدالسلام الذي رأس البورصة وقتها لمدة 10 أشهر من 11/8/2004 حتي 30 يونيو 2005، ووقتها أدخلت البورصة نظام الساعة، التي كان يتم تحديد تنفيذ العملية بيعاً وشراء، من خلال التوقيت وكان يتم التلاعب في هذه العملية من خلال التلاعب في التوقيت وتغيير العمليات لصالح عملاء محددين، واتهم «الشريف» وقتها بالتورط في هذه العمليات لتحقيق مكاسب غير مشروعة. لم تكن هذه الواقعة الوحيدة في مشوار «الشريف» بل استطاع أن يثير أزمة بين محمد عبدالسلام وماجد شوقي رئيس البورصة من عام 2005 حتي 2010، حول أسهم البورصة في مصر للمقاصة وأحقية المقاصة في البورصة، وظهر بذلك أمام «عبدالسلام» و«شوقي» بصورتين كي ينال ثقتهما، وبالفعل نجح في ذلك، واعتقد الاثنين أن «الشريف» مع كل منهما، وتمكن الوضع ل «الشريف» عقب تدبير مؤامرة ضد أحمد عبدالرحمن ومحمد الصياد بتصوير «فيلا» عبدالسلام وتسريبها إلي الصحف بعنوان «شهريار البورصة المصرية» وخلال هذه الفترة شهدت البورصة انتعاشاً كبيراً، بدأ التلاعب مع شركات السمسرة بالإيقاف، وبالتالي كانت التظلمات حينما تقدم كانت تمر علي الحاكم بأمره في الشئون القانونية، وكان يحيلها إلي واحد من أصدقائه المحامين العامل بسوق المال مقابل حصوله علي استشارة بمبالغ باهظة كانت تتم مناصفة مع الحاكم بأمره وتضخمت ثروة الاثنين. في لمح البصر أصبح «الشريف» مديراً عاماً للشئون القانونية، أمين سر مجلس الإدارة، وهي مكانة تتيح التعرف علي اتجاهات السوق والأسهم المستقبلية وتتيح له معلومة لا يعلمها السوق وتفتح للقائم بها «مغارة علي بابا» وتحقيق مكاسب من الأسهم وأسعارها المستقبلية وهو ما يتعارض مع السوق يساهم في التربح والكسب غير المشروع لصاحبها. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أن «الشريف» استغل منصبه بالبورصة وكان مهندساً لعملية فساد وتم تقديم بلاغ بها للنائب العام عقب ثورة يناير في 14 فبراير 2011 برقم 1779 لسنة 2011 عرائض النائب العام، وتضم المخالفات توقيع «الشريف» بخط يده علي إيصالات أمانة مقابل تسهيل أعمال غير قانونية، وتخص بعض الشركات طبقاً للبلاغ مما يعد تربحاً من منصب وظيفته، وهو ما يتعارض مع قانون سوق المال، وطالب البلاغ بإيقاف «الشريف» عن العمل، وكذلك التحري عن أمواله وأرصدته بالبنوك وممتلكاته الشخصية.