تنص المادة «193» من الدستور على إنشاء مجلس للأمن القومى يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويضم فى عضويته رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلسى النواب والشورى، ووزراء الدفاع، والداخلية، والخارجية، والمالية، والعدل، والصحة، ورئيس المخابرات العامة، ورئيسى لجنتى الدفاع والأمن القومى بمجلسى الشورى والنواب، وسمح النص لمجلس الأمن القومى بدعوة ذوى الخبرة والاختصاص لحضور اجتماعاته دون أن يكون لهم صوت معدود. وحدد النص اختصاصات المجلس فى إقرار استراتيجيات تحقيق الأمن فى البلاد، ومواجهة حالات الكوارث، والأزمات بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم نحو احتوائها، وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومى المصرى سواء فى الداخل أو الخارج والإجراءات اللازمة للتصدى لها على المستوى الرسمى والشعبى، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى وقواعد أداء عمله. إذا افترضنا حسن النية فى مؤسسة الرئاسة وراء دعوة القوى السياسية والحزبية لمناقشة تقرير اللجنة الثلاثية عن مشروع سد النهضة، وحسن النية أيضاً فى إذاعة الاجتماع على الهواء مباشرة بدون التنبيه علي المشاركين فى الاجتماع، وتمت الإذاعة على طريقة الكاميرا الخفية، أو على طريقة عادل إمام فى مسرحية الزعيم، أو الشيخ حسنى فى فيلم الكيت كات، فلماذا لم يدع الرئيس مرسى مجلس الأمن القومى لمناقشة هذه القضية الخطيرة التى تقع فى نطاق اختصاصه، وكان بإمكانه حسب النص الدستورى دعوة من يشاء من رؤساء الأحزاب وخبراء الرى وأساتذة الجامعات للاستفادة من آراهم . أنا شخصياً أشك فى أن مؤسسة الرئاسة تريد إحراج الأحزاب السياسية، والقوى الثورية أمام الشعب المصرى والشعبين الإثيوبى والسودانى وشعوب وزعماء العالم وتظهرهم أنهم كيانات متشددة تجنح إلى العنف والقوة العسكرية، وترفض الأساليب الناعمة فى التعامل مع الأحداث. ولا أميل الى تصديق ما يتردد عن أن أزمة سد النهضة ستحظى بنهاية سعيدة كما انتهت أزمة اختطاف الجنود السبعة فى سيناء، وفى اعتقادى أن المتفائلين كونوا آراءهم من كلام أحد رؤساء الأحزاب أثناء الحوار عندما اقترح تهويش إثيوبيا بحشد عسكرى كما حدث فى سيناء حتى تستسلم، وتتراجع عن إنشاء السد! نحن أمام أزمة حقيقية تهدد مستقبلنا وأقول نحن وأقصد بها جميع المصريين من فلاحيها إلى ملاحيها إلى رأس الدولة لأننا أمام قضية أمن قومى، يعنى قضية حياة أو موت، العطش يعنى موتاً، المياه تعنى حياة، صحيح أن المسئول الأول عن حلها هو النظام الحاكم وعلى رأسه الرئيس مرسى، وكلنا المستفيدون من انفراجها والمضارون من تعقيدها لكن ما الذى جعل الرئاسة لا تطبق الدستور فى التعامل مع هذه الأزمة الخطيرة، ولا تحترم الحدث، ولا الخصم، التفوق على الخصم يبدأ باحترامه، لا أقلل من شأن الشخصيات التى لبت دعوة الرئاسة للتحاور حول الأزمة، ولا فى اجتهاداتهم فى التعامل معها رغم اختلافى مع معظمها، لكن فى طريقة الإخراج، دائماً المخرج سيئ، حدث ذلك فى أزمة الجنود المختطفين، حوار القصر حول أزمة المياه إلى فضيحة فى الإخراج، والسيناريو شاهدها العالم وحولتنا من مجنى عليهم إلى جناة، وبدلاً من أن نأخذ مبادرة اللجوء للمنظمات الدولية ضد إثيوبيا للاحتجاج على إقامة السد الذى يهددنا بالعطش والإظلام، أصبحنا ننتظر السماح منها فى عدم مقاضاتنا أمام مجلس الأمن على التهديدات التى أطلقها بعضنا ضدها من الغرف المكيفة، واضطررنا الى الاعتذار لشعبها وشعب السودان الذى ناله من الهم جانب، ما حدث فى حوار القصر ليس شفافية بمعناها المفهوم، ممكن تكون شفافية بس بالعبط، وعلى رأى نشطاء الفيس بوك أنه ناقص نقترح، دس قطعة حشيش فى جيب رئيس إثيوبيا ونلفق له قضية مخدرات، وتنتهى أزمة السد! ممكن يقولون أن الدولة العميقة دبرت هذه الورطة، أو تكون الدولة العبيطة. الحرج وحده لا يكفى ولا الاعتذار. الفشلة لازم يمشوا وكل واحد عارف نفسه!