على مدى ما يزيد على قرن من الزمان، وحوادث الطرق قضية مطروحة للنقاش فى البرلمان، والجهات البحثية، ومؤسسات الحكومة، ووسائل الإعلام.. وغالبًا ما ينتهى كل نقاش من تلك النقاشات بتوصيات ومقترحات لمواجهة سلسال الدم المراق على أسفلت شوارع مصر. ووُضعت قوانين وتشريعات، وصدرت قرارات ومراسيم للتصدى لحوادث الطرق..ثم بعد ذلك كله مازالت الدماء تجرى على الأسفلت، حتى أن العام الماضى وحده شهد قتل أكثر من 7 آلاف مصرى تحت عجلات وسائل المواصلات، وفى الأيام القليلة الماضية شهدت البلاد حادثين مرورين بشعين فى أقل من عشرة أيام راح ضحيتهما العشرات من الأبرياء، حيث لقى 11 شخصا مصرعهم وأصيب 30 آخرون، فى حادث تصادم حافلة نقل عام بسيارة نقل "مقطورة" بطريق الزعفرانة البحر الأحمر. وفى أوائل الشهر الماضى، توفى 20 شخصا إثر سقوط حافلة فى ترعة بمحافظة الدقهلية بدلتا النيل، حسبما أعلنت النيابة العامة. 15٪ زيادة فى أعداد القتلى.. رغم طفرة التطوير غير المسبوقة واتهمت النيابة العامة السائق بالتسبب بالحادث مؤكدة أنه كان "يتحدث فى هاتفه المحمول" خلال القيادة، وباستجواب سائق الحافلة فيما نُسب إليه من اتهام أنكره، وبإجراء التحليل المبدئى للمتهم تبين تعاطيه مخدرًا، وقد قررت النيابة العامة عرضه على مصلحة الطب الشرعى لإجراء تحليل نهائى له بيانًا لمدى تعاطيه مواد مخدرة، وتقع الحوادث والاصطدامات غالبا بسبب السرعة أو سوء حالة الطرق أو عدم الالتزام بقوانين المرور. قد يكون غريبا أن تتواصل الحوادث رغم تحسن جودة الطرق فى السنوات الأخيرة، فوفقاً لمنتدى الاقتصاد العالمى، ارتفع مؤشر جودة الطرق فى مصر إلى المركز 28 فى عام 2019 بعدما كانت فى المركز 118 عام 2014 كما تراجع بشكل كبير تعاطى السائقين للمخدرات، فحسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعى، حول نتائج حملات لجان الكشف المبكر عن تعاطى المواد المخدرة بين سائقى الحافلات المدرسية، حيث تم الكشف على 2246 سائقا خلال أول 3 أسابيع من العام الدراسى الجارى 2022/2023، بالعديد من المحافظات المختلفة "حيث انخفضت نسبة التعاطى إلى 0.4%، بعدما كانت 12% عام 2017 والسؤال: لماذا تتواصل حوادث الطرق رغم كل ذلك؟.. وهل نحلم بيوم يتوقف فيه قتل المصريين على الأسفلت؟ هذان السؤالان كانا محور طلب إحاطة قدمه النائب محمد سعد الصمودى عضو مجلس النواب، إلى المستشار حنفى جبالى رئيس المجلس، بشأن استمرار حوادث الطرق، والتى زادت معدلاتها فى الآونة الأخيرة وحصدت أرواح 34 شخصًا فى 3 أيام فقط إشارة إلى الحوادث التى ذكرناها سابقاً. خبراء: العنصر البشرى وراء 75٪ من حالات تصادم السيارات وأكد عضو مجلس النواب، فى طلب الإحاطة الموجه إلى وزير النقل "من يوم إلى آخر تقع العديد من حوادث الطرق، التى تحصد ضحاياها بالعشرات من أبناء الوطن، ويصاب فيها الكثيرون من الناس، وما يعصر قلوبنا أن بعض الضحايا هم ممن يخرجون من بيوتهم بحثًا عن الرزق ولقمة العيش أو أداء مهمة أو واجب، كان آخرها حادث أتوبيس الدقهلية الذى راح ضحيته 20 شخصًا، وحادث طريق الفرافرة الذى أودى بحياة 14 شخصًا". وأضاف «الصمودى»، أنه فى السنوات الأخيرة زادت كفاءة الطرق بشكل كبير، فأصبح عدد الطرق المرصوفة وفقًا لتقارير رسمية لأكثر من 10 آلاف كيلومتر، من جملة الطرق المرصوفة والترابية على مستوى الجمهورية المقدرة ب150 ألف كيلومتر، مع هذا التطور كان يفترض أن يقل عدد حوادث الطرق جراء تلك الزيادة، لكن ما حدث من تطور إيجابى فى هذا الصدد، لا يترجم بشكل فعال عند النظر إلى إحصاءات الحوادث. وحذر من زيادة معدلات حوادث الطرق، مع بدء فصل الشتاء، نتيجة الشبورة المائية والضباب الكثيف على الطرق السريعة، لافتًا إلى أن السبب الرئيسى فى حوادث الطرق يرجع إلى العنصر البشرى، والذى يشكل وفقًا لتقارير رسمية 78% من عدد الحوادث. مطلوب وضع صندوق أسود فى كل سيارة نقل لرصد المخالفات ودعا النائب محمد سعد الصمودى، الجهات المعنية بدراسة الحوادث التى وقعت مؤخرًا، والوقوف على أسبابها والعامل المشترك فيها، وسبل مواجهة تلك الظاهرة والتصدى لها، ومن ثم الحد من معدلات حوادث الطرق. من جانبه أكد اللواء أحمد هشام الخبير المرورى، أن الملاحظة الواضحة فى الفترة الأخيرة هى أن السائقين وراء أغلب الحوادث.. وقال: بعض سائقى النقل والميكروباص الذين ينتشرون فى المواقف لا يعلمون شيئاً عن القيادة السليمة للسيارة والأمكنة، وهنا تقع الكوارث والحوادث المرورية ومعظمها تكون من بعض المتهورين من قائدى المركبات، وتقوم إدارات المرور بمجهودات كبيرة لضبط وردع المتهورين، مثل حادث السائق المتهور على الطريق الدائرى، والذى حصل على عقوبة فورية. وأضاف الخبير المرورى، أن هناك بعض السائقين يتعاطون مواد مخدرة خاصة سائقى الميكروباص والنقل الثقيل، ويجب تشديد العقوبات مع عدم إصدار تراخيص قيادة للسائقين المدمنين وهو ما سيسهم فى تقليل الحوادث المرورية المتكررة، بالإضافة إلى ضرورة التحكم فى السرعة الزائدة من خلال وضع أجهزة التحكم فى سيارات النقل سواء الربع نقل أو النصف نقل او النقل الثقيل أو المقطورة". وتابع: أقترح وضع صندوق أسود فى السيارات مثل موجود فى الطائرات والبواخر، لكى يتم تسجيل الحديث الموجود فى السيارات لمعرفة أسباب الحادث لكى يتم تنفيذ القانون بشكل سريع وحاسم. وأكد سامى مختار، خبير السلامة على الطرق، أن العامل البشرى وراء 75% من حوادث الطرق هو العامل البشرى، وذلك بسبب عدم التوعية اللازمة، مقابل 7% بسبب الطرق.. وقال: هناك وسائل كثيرة لتفادى حوادث الطرق والسير على رأسها بعض التوجيهات والنصائح للتعامل مع الطرق خاصة فى فصل الشتاء مع التقلبات الجوية. وأضاف أن من ضمن الأشياء التى تهدد حياة السائق ومن معه عملية تعدد المهام أثناء القيادة، وعلى رأسها تناول الطعام أثناء القيادة أو استخدام الهاتف لأنه يشتت الانتباه عن الطريق والمناطق المحيطة، مما يزيد بشكل كبير من فرص وقوع حادث. وتابع: عدم القيادة بدون أخذ قسط كاف من النوم، أمر كارثى، وللاسف يحدث هذا كثيرا مع سائقى النقل الثقيل الذى يظل بعضهم لمدة 24 ساعة يعمل متواصلاً مما يؤثر عليه أثناء القيادة. فى السياق نفسه أكد الدكتور حسن مهدى، أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، أن تعاطى المواد المخدرة والرعونة فى القيادة وعدم الالتزام بقواعد المرور هى من أسباب أخطاء العنصر البشرى، مشددا على الاستمرار فى تطبيق قواعد النقل الذكى والذى يكون سببا فى نشر الالتزام بالشارع. وأضاف «مهدى» أن إعمال القانون سيسهم فى ضبط حركة المرور، قائلا: المخالفة تسجل بطريقة إلكترونية ونحن لسنا المدينة الفاضلة والحوادث تقع فى كل مكان ولكن نعمل على تقليل معدلاتها، وكذلك عمل مطبات بشكل عشوائى فى الطرق قد يكون من أسباب الحوادث بنسبة لا تتعدى 7%. وأكد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، ضرورة الاهتمام بزيادة العلامات الإرشادية على الطرق الداخلية والدورانات داخل المدن، وذلك بهدف الحد من زيادة معدلات الحوادث التى تقع نتيجة أخطاء من بعض قائدى السيارات بسبب عدم وجود علامات إرشادية كافية أحياناً، مشيراً إلى أن مصر منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتشهد طفرة لم يسبقها مثيل فى ملف الطرق، من خلال تحسين جودتها وصيانتها المستمرة ورفع كفاءتها. أرقام رسمية أكدت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تراجع عدد إصابات حوادث الطرق إلى حوالى 51 ألف إصابة عام 2021، مقابل حوالى 57 ألف إصابة عام 2020 بنسبة انخفاض 9.3%. بلغ عدد المتوفين حوالى 7 آلاف متوفى عام 2021 مقابل حوالى 6 آلاف متوفى عام 2020 بنسبة ارتفاع 15%. تأتى محافظة الدقهلية الأعلى فى عدد الإصابات، حيث بلغ 11630 إصابة وأقل عدد إصابات كان فى محافظة الأقصر، حيث بلغ 102 إصابة عام 2021. قال جهاز الإحصاء بأن شهر يوليو يعد أعلى شهور السنة من حيث إصابات حوادث الطرق، حيث بلغ 4918 اصابة بينما شهر ديسمبر هو اقل الشهور حيث بلغ 3710 إصابات عام 2021. جاء أعلى عدد مصابين فى الفئة العمرية (- 15 سنة) بعدد 14703 مصابين ويليه فئة (أقل من 25 سنة) بعدد 10134 مصاباً ويليهم فئة (أقل من 35 سنة) بعدد 7156 مصاباً، بينما أقل عدد كان فئة (أكبر من 65 سنة) بعدد 1178 مصاباً عام 2021. جاءت إصابات حوادث الطرق طبقا لمستخدم الطريق فى المرتبة الأولى (الركاب) بعدد 17805 مصابين يليها (المشاة) بعدد 12948 مصاباً عام 2021. 1.3 مليون حالة وفاة بسبب حوادث الطرق فى العالم طبقاً لمنظمة الأممالمتحدة لعام 2019 ثامن أكبر مسبب للوفاة فى العالم بسبب حوادث الطرق طبقاً لمنظمة الأممالمتحدة لعام 2019 54% من الوفيات تكون بين المشاة وقائدى المركبات النارية طبقاً لمنظمة الأممالمتحدة لعام 2019 أكبر مسبب للوفيات بين الشباب فى أعمار 15 - 29 عاماً بسبب حوادث الطرق طبقاً لمنظمة الأممالمتحدة لعام 2019 7 آلاف حالة وفاة من حوادث السير والطرق فى مصر طبقاً للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2021 50 ألف حالة إصابة تقريباً نتيجة حوادث سير وطرق فى مصر طبقاً للجهاز المركزى والإحصاء لعام 2021