بلدوزر الإخوان يدك علي أرض الوطن بعنف وجرأة يُحسد عليها لهدم حواجز الدستور والقانون والشرعية وصولا للاستيلاء علي كل مفاصل الدولة المصرية فيما سمي بخطة التمكين. - وقد تمكنوا بالفعل من إجبار المجلس العسكري علي إجراء انتخابات مجلس الشعب قبل وضع الدستور وتم لهم ما أرادوا واكتسحوا انتخابات مجلس الشعب الذي سارع بتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بمنهج ترزية الدستور والقانون في عهد الرئيس السابق مبارك.. فرأينا جمعية تأسيسية بشكل وطعم ورائحة فصيل الإخوان والسلفيين لتفصيل دستور علي مقاسهما، وبدا أن البلدوزر قد وصل للمحطة الأولي ولكنه لم يستطع التقدم إذ انفجر تحته لغم المحكمة الدستورية الذي أبطل انتخابات مجلس الشعب وأوشك أن يحكم ببطلان الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري فسارع الرئيس إلي اختطاف رخصته الدستورية وأصدر إعلانه الدستوري الشهير فارضا الحصانة الشاملة علي قراراته الماضية والحاضرة والمستقبلية ومانعا المحكمة الدستورية من الحكم ببطلان الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري، حيث استمرا رغم أنف الشرعية الدستورية وتحت حماية مليونيات الإسلام السياسي المحاصر للمحكمة الدستورية لمنعها من الاجتماع في سابقة بلطجة نادرة علي الدولة المصرية وصولاً لاجتماع الجمعية التأسيسية في ليلة لا تنسي للإسراع في سلق الدستور، ورأينا المستشار رئيس الجمعية يقدم دستوره للرئيس محمد مرسي ويصدره فوراً في أكبر ضربة للتمكين من العمود الفقري للدولة المصرية.. وكان من توابعها إسراع مجلس الشوري لمناقشة وإقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب القادم لولا أن خاب ظنه بصدور حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان هذا القانون وإحالته للمحكمة الدستورية العليا مما أثار ثائرة قادة البلدوزر وسارعوا للطعن علي الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت بدورها حكمها النهائي يوم الأحد الماضي بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب وتأييد إحالته للمحكمة الدستورية العليا للفصل في عدم دستوريته.. وهكذا اصطدم البلدوزر بصخرة الدستورية مرة أخري وحاول إزاحة الصخرة بحشد عشرات الآلاف في مظاهرات حاشدة حاصرت دار القضاء العالي منادية بتطهير القضاء وسرعة إقرار قانون السلطة القضائية الذي يهدف إلي الإطاحة بثلاثة آلاف وخمسمائة قاض بحجة زيادة أعمارهم علي ستين عاما التي ستصبح سن الإحالة الجديدة إلي المعاش لو تم إقرار القانون. - والسؤال الذي يفرض نفسه.. لماذا يُصر الإخوان علي تصفية ثلاثة آلاف وخمسمائة قاض قبل إجراء انتخابات مجلس النواب القادم؟؟ والجواب.. أنهم يستعيدون التاريخ عندما طالب دعاة حقوق الإنسان بإجراء انتخابات مجلس الشعب تحت الإشراف الكامل للقضاء بحيث يكون هناك قاض لكل صندوق.. وعندئذ تحجج الرئيس السابق مبارك ورجاله بأنه لا يوجد عدد كاف من القضاة للإشراف الفعلي علي عشرات آلاف اللجان الانتخابية الفرعية والعامة التي كان مضطرا لإسناد اللجان الفرعية لموظفين خاضعين للحزب الوطني ويقومون نيابة عنه بتزوير الانتخابات، كما حدث في لجنتي الانتخابية عندما ذهبت إليها ووجدت رئيسها قد أشر أمام اسمي بأنني أدليت بصوتي فاتهمته بالتزوير وكانت قضية حكمت فيها محكمة النقض ببطلان الانتخابات في تلك الدائرة وأدانت المتورطين في التزوير من الشرطة وموظفي الإدارة وحتي المستشار وكيل التفتيش القضائي المنحاز للسلطة. - وكانت حجة الحكومة في ذلك الوقت من عام 1990 إنها مضطرة لإسناد رئاسة وسكرتارية لجان الاقتراع الفرعية لموظفي الإدارة والاكتفاء بقاض من اللجنة العامة.. وهي نفس الحجة التي سيرفعها حزب الإخوان عند انتخابات مجلس النواب القادم حتي يتسني تزوير الأصوات في اللجان الفرعية للتمكين الإخواني بالسلطة التشريعية بعدما تمكنوا من منصب رئيس الجمهورية. - وإذا عُرف السبب بُطل العجب.. فلا يتعجب أحد من الحملة الشرسة الشعواء علي القضاء والمليونيات والتهديدات بمحاصرة المحاكم ودار القضاء العالي.. بل وبيوت القضاة لترويعهم ودفعهم إلي بيوت الطاعة للأخونة القضائية. - وحسناً فعل نادي القضاة بعقد الجمعية العمومية للأعضاء يوم الأربعاء الماضي والقرارات التي أصدرها محذراً مجلس الشوري من إقرار التعديلات علي قانون السلطة القضائية والنص علي إنزال سن المعاش إلي ستين سنة وتسريح كبار القضاة فوق الستين ويزيد عددهم علي ثلاثة آلاف قاض فيما يعتبر مجزرة جديدة للقضاة بقصد تحقيق هدف سيئ لاستمرار نظام الحكم الحالي ولو بالتزوير الفج لانتخابات مجلس النواب وغياب الإشراف القضائي الكامل علي الصناديق بحجة عدم كفاية عدد تعدد القضاة. - وإذا فرض وصدر التعديل علي قانون السلطة القضائية كما يريد نظام حكم الإخوان.. فإن ذلك التعديل سوف تبطله المحكمة الدستورية العليا كما فعلت في سابقة قضائية تعلقت بالقانون رقم 82 لسنة 2000 الذي عدّل المادة 121 من قانون تنظيم الجامعات، وأصدرت المحكمة حكما في يوليو 2002 بعدم جواز إهدار الحقوق المكتسبة لأساتذة الجامعة الذين بلغوا سن السبعين قبل صدور القانون المذكور وسيكون ذلك لغماً دستورياً آخر لإيقاف البلدوزر المهووس بنظام الحكم المهدد بالانفجار في وقت قريب بإذن الله «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» صدق الله العظيم.