سألني لماذا دعا الإخوان الي جمعة لتطهير القضاء بعد الحديث الذي أدلي به مرشدهم السابق بأنه سيتم التخلص من اكثر من 3500 قاض؟ أليس الرئيس مرسي «إخوان» ولهم الأغلبية في محلس الشوري؟ هل يحتاجون الي مظاهرة حتي يجبروا الحكومة علي تعديل قانون السلطة القضائية؟ ودستورهم نظم عملية إقرار مثل هذا القانون؟ وأضاف: وما هي حكاية حزب الوسط الذي يلعب دور المحلل للإخوان فهو الذي سارع بتقديم مشروع القانون إلي الشوري وكان هو من قدم قانون الحرمان السياسي قبل انتخابات الرئاسة للبرلمان المنحل والذي حكمت المحكمة الدستورية بعد دستوريته، وهو الحزب الذي يلعب دور المعارضة الكومبارس الآن مثل أحزاب أمن الدولة ايام مبارك؟ ابتسمت وقلت له: إن النظام السياسي المصري في مأزق ليس الحاكم فقط ولا الإخوان، ولكن كل من يدعمهم داخلياً وخارجياً، وكل من يحاول إنقاذهم من الورطة الكبيرة التي وقعوا فيها، فمصر تمر بمرحلة الخطر الاقتصادي أي أنها علي وشك إعلان الإفلاس بعد تعثر مفاوضات صندوق النقد وكل تأخير في الوديعة القطرية أو الليبية سيزيد هذا الخطر ولن تجد الحكومة الأموال لاستيراد بعض الحاجات الأساسية أو شرائها محليا مثل القمح المحلي، حتي الأرز لم يصرف علي بطاقة التموين من 3 أشهر، والبديل مكرونة والحصص التموينية سيتم تخفيضها بنسبة 30 %، بجانب أزمة السولار المستمرة وانقطاع الكهرباء، فالجماعة في مأزق وتريد أن تشغل الناس عن هذه الكارثة، وكارثة مثل حريق محكمة جنوبالقاهرة، وأحداث الكاتدرائية، إنها تريد تحويل دفة اهتمامات الناس إلي قضية هي فقط للشو الإعلامي، ولتشويه صورة القضاء المصري محلياً بعد أن تم تشويه سمعته دولياً. فالأوضاع في تدهور وكل زيارات الرئيس للخارج إن كانت بها اتفاقيات جديدة فلن تنفذ إلا بعد شهور، وهو الأمر الذي يهدد النظام بثورة أخري، وقد بدأت بوادرها بزياده كبيرة غير الاحتجاجات الفئوية ومظاهرات السولار والبواتجاز والخبز، وأي محاولة لإلهاء الناس عن الواقع المر الذي تمر به مصر هي محاولات فاشلة، وتوزيع الاتهامات علي المعارضة وعلي الخارج وعلي الإعلام وعلي القضاة كلها محاولات للهروب من الأزمة، ووقتها لن يفيد الدعم القطري أو الأمريكي في تهدئة الأوضاع لو انفجرت. أما حكاية حزب الوسط فأغلب قياداته كانوا من الإخوان أو قريبين منهم، وهم في تنسيق دائم حتي قبل الثورة، فالمهندس أبوالعلا ماضي رئيس الحزب كان أميناً عاماً مساعداً لنقابة المهندسين وكان الأمين العام الدكتور محمد علي بشر وزير الإدارة المحلية، وكان مجلس النقابة أغلبه من الإخوان، وكان العمل مستمراً. وعلي مايرام، وكانت معارض السلع المعمرة ومعارض البناء والتشييد وتأجير أندية المهندسين كلها تسند الي أعضاء في جماعة الإخوان أبرزهم خيرت الشاطر وعصام الحداد، إلا أنه بعد فرض الحراسة علي النقابة، وانصراف كل واحد ذهب الي البزنس الخاص به كان التنسيق والتعاون مستمراً، حتي عندما رفض الوسط التحالف مع الإخوان في الانتخابات البرلمانية الماضية كان هناك تنسيق بينهم، وهذا ليس عيبا في حد ذاته ولكن العيب أن تكون ملكياً أكثر من الملك، فحتي عندما تم اختيار وزير من حزب الوسط اختاروا وزيراً ليس له من الخبرة السياسية والقانونية ما يقنع المواطن العادي به وتم تحميله ما لاخبرة أو طاقة به، مثل إعلان 21 نوفمبر. فحزب الوسط يلعب دور المحلل من الناحية السياسية بعد أن فشل في أداء دوره كحلقة وصل بين النظام والمعارضة الحقيقية، وتحول مع آخرين إلي أحزاب تحت الطلب يلبون أي دعوة توجه لهم من الرئاسة تجدهم يهرولون بدون حتي تفكير فيما ستتم مناقشته في الاجتماع ورأينا حواراً أذيع علي الهواء مباشرة مؤخراً وتعهد الرئيس بأن يوصي بتنفيذ نتائج الحوار، ومرت الأيام ودارت، ولم نجد أي توصية صدرت من الرئاسة الي صاحب القرار العالي لتنفيذ نتائج هذا الحوار الذي كان أشبه بحوار الطرشان. فليس حزب الوسط الذي يلعب هذا الدور، فهناك أحزاب تلعب دوراً أخطر من الوسط ومنها حزب البناء والتنمية فهم سرعان ما نسوا ما كانوا يقولونه عن العنف وعدم اللجوء الي العنف، عندما هدد مجموعة من الشباب بالصعود الي المقطم ومع أول إشارة خرج علينا قيادة في الحزب تدعو الي محاصرة بيوت القضاة والمحاكم، فهذا الحزب ومعه بعض الأحزاب السلفية هي أحزاب لتخويف المصريين، فقيادات هذه الأحزاب هي التي أدخلت العنف الي مصر وأدت الي تأخير عملية التنمية سنوات، بعد أن قام النظام السابق بصرف المليارات لمكافحة إرهابهم الذي وصل الي كل مكان في مصر وهي أموال استقطعت من مخصصات التنمية، مهما فعلوا فلن يصدق أحد أنهم دعاة سلم وحوار وتسامح، وتصريح حصار منازل القضاة خير دليل علي كذب ما كانوا يدعونه بأنهم ضد العنف. كل محاولات الإخوان وحوارييهم والمشتاقين لن تجدي في إلهاء المصريين ولن يستطيعوا تمرير مشروع قانون السلطة القضائية لأن أي مساس بالقضاء سيؤدي إلي هروب باقي المستمرين خصوصاً أن الجماعة تدرس تأميم بعض المنشآت الاقتصادية الخاصة بأوامر قضائية، وبالتالي سيزيد الوضع الاقتصادي سوءاً وثورة الجياع ستكون قريبة جداً ووقتها لن تأكل الإخوان وحدهم بل كل النظام السياسي في مصر ومكوناته.