هل يمكن لأحد أن يطمس التاريخ؟, بالتأكيد لا؛ ولكن الوضع فى بورسعيد يختلف قليلا, فالتاريخ سيذكر دائمًا أن المهندس الفرنسى فرديناند ديليسبس هو صاحب فكرة توصيل البحرين الأبيض بالأحمر؛ بل أنه كان المشرف على حفر القناة رغم ما كان فيها من استعباد وصخرة لأجدادنا، ولكن سيذكر التاريخ أيضا أن أبطال بورسعيد عام 1956 هم من قاموا بإسقاط التمثال من فوق قاعدته المطلة على المدخل الشمالى لقناة السويس باعتباره كان أحد رموز الاستعمار. ولكن عندما طرحت فكرة إعادة التمثال لقاعدته مرة أخرى وأرسلت فرنسا أحد مهندسيها الذى أعاد ترميم التمثال، وقدمت عرضًا جيدًا بإنشاء مركز ثقافى فرنسى على نفقتها الخاصة وتحويل المنطقة المحيطة بالتمثال لقطعة من فرنسا، وجلب المئات من السياح أسبوعيًا لمشاهدة التمثال الذى يعد أحد التحف المعمارية، وتبنت الفكرة جمعية أصدقاء ديليسبس فى فرنسا هاجت الدنيا، ولم تقعد ورفضت بعض التيارات السياسية الفكرة وظل التمثال مهملا داخل ترسانة بورسعيد البحرية ببورفؤاد عرضة للتلف والإهمال. ورفضت التيارات السياسية أي أفكار لإعادة التمثال مرة أخرى لقاعدته والتى كان من بينها تحويلها إلى منطقة للصوت والضوء تحكى تاريخ بورسعيد وحفر القناة والحروب التى مرت بها القناة وتعرضها للغلق ثم إعادة افتتاحها من جديد بعد تطهير المجرى الملاحى من الألغام. كل هذه الأفكار ذهبت أدراج الرياح وظل التمثال مهملا كما هو، وفجأة انقلبت الدنيا رأسا على عقب فور تسريب معلومات عن نقل التمثال للإسماعيلية ليوضع داخل متحف يجهز حاليا ورفض البورسعيدية نقل التمثال وأصبح الأمر حائرًا ما بين نقل التمثال للإسماعيلية أو عودته لقاعدته أو وضعه فى حديقة مواجهة للقاعدة. وتم تنظيم عدد من الندوات والوقفات الاحتجاجية لرفض نقل التمثال للإسماعيلية والكل حريص على أن يظل موجودًا ببورسعيد, والاستفادة بالعروض الفرنسية لتنمية المنطقة وتطويرها. ويظل الوضع على ما هو عليه وهو بقاء التمثال مهملا داخل ورش ترسانة بورسعيد البحرية. فهل تتحرك القوى الشعبية للاتفاق على مصير التمثال، وقبول العرض الفرنسى وتسجيله كأحد أهم القطع الأثرية فى بورسعيد بحيث لا يخرج منها؟. فى الوقت الذى نفت فيه هيئة قناة السويس حسب تصريحات طارق حسانين المتحدث الرسمي ما تردد عن نقل تمثال ديليسبس إلى متحف قناة السويس العالمي المزمع إقامته بمقر الشركة العالمية للقناة في مدينة الإسماعيلية، ولم يتحدد بعد نقل التمثال إلى مقر المتحف من عدمه. مشيرا إلى أن أعمال ترميم المبنى تستغرق فترة زمنية قد تمتد للعام المقبل 2014 وأنه جاري التنسيق مع الجانب الفرنسي لإتمام أعمال تنفيذ المتحف.