البحوث الإسلامية يوصى بالإخلاص في العمل واستحضار النية لتحصيل الأجر    وزير العمل يشارك في احتفالية باليوم الوطني ال94 للمملكة السعودية    التحالف الوطني يواصل دعمه للأسر الأولى بالرعاية بسلسلة أنشطة متنوعة    وزير الخارجية: مصر تؤكد خطورة تأثير ظاهرة التغير المناخي على ندرة الموارد المائية    أسعار اشتراكات الطلبة على بعض خطوط سكك حديد مصر    وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى حول المياه    القاهرة الإخبارية: تقارير تفيد بإصابة عامل بميناء إيلات جراء انفجار طائرة مسيرة    فيديو.. أحمد موسى عن أحداث لبنان: لازم نتعلم الدرس    وزير الخارجية أمام مجموعة العشرين: غزة والضفة الغربية دليل على إخفاق المجتمع الدولي    عماد الدين حسين: نتنياهو يسعى لإدخال المنطقة في حرب إقليمية    السوبر الإفريقي، موعد ومكان مران الأهلي الوحيد بالسعودية قبل مواجهة الزمالك    أودينيزي يتأهل للدور الثالث في كأس إيطاليا    تبدأ ب 5650 جنيها، أسعار اشتراكات الطلبة في القطارات الروسي(عادة ومكيف)    درجات الحرارة غدا الخميس 26- 09- 2024 في مصر    "ميتامورفوز" عرض لبناني خيالي في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    في لحظة مؤثرة.. أحمد العوضي يبكي بسبب نور الشريف    أمين الفتوى يوضح حكم "قراءة الفنجان"    بعد تعرضها للتنمر، يابانية تجري أكثر من 20 عملية تجميل    "الكهرباء": تركيب مصيدة قلب مفاعل للوحدة النووية الثالثة بالضبعة في هذا الموعد    واعظات الأوقاف يشاركن في مبادرة «خُلُقٌ عَظِيمٌ» بعدد من مساجد بني سويف    لمواليد «العذراء» و«القوس» و«الجوزاء».. ماذا يخبئ هذا الأسبوع لأصحاب هذه الأبراج؟    أرسنال يرغب في التعاقد مع أوزيل الجديد    «زيرو تحرش».. عام دراسي بدون أزمات وانتشار الشرطة النسائية رسالة طمأنة لأولياء الأمور (فيديو وصور)    أهالى دراو بأسوان لقناة إكسترا نيوز: المياه آمنة ونشرب منها فى أي مكان    مدير الرعاية الصحية للتأمين الشامل بجنوب سيناء: نعمل على تلبية احتياجات المواطنين    نائب محافظ الدقهلية يجتمع بأعضاء اللجنة العليا لمواجهة حرق قش الأرز    وزير الصحة: ضخ 133 مليون عبوة أدوية طبية ل364 مستحضرا دوائيا    رئيس جامعة عين شمس يشهد توزيع شهادات دورات لغة الإشارة المصرية    مصدر من مودرن سبورت يكشف ل في الجول: فسخ تعاقد مروان محسن والوادي    تستغل ابنتيها القصر.. قرار عاجل من النيابة ضد التيك توكر "وحش الكون"    ترحيب واسع بدعم الرئيس السيسي لتوصيات الحوار الوطني.. تعزيز لحقوق الإنسان والإصلاح القانوني في مصر    خالد الجندى: عمليات التجميل والتحول الجنسى فعل شيطانى للحرب على بنيان الله    وثيقة سياسة ملكية الدولة.. مدبولي: هدفنا تعظيم الأصول والعروض غير المناسبة لا نقبلها    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسD تعزيز علاقات التعاون    كلامها حلو.. هشام عباس يكشف تفاصيل ألبومه الجديد وموعد طرحه    وليد فواز يكشف سبب خوفه من دوره في مسلسل «برغم القانون».. قللت وزني    "اليوم" يسلط الضوء على الأوضاع فى لبنان بعد الهجمات الإسرائيلية بالجنوب    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعمل على عزل بلدات وقرى الجنوب اللبناني    وزير التموين يجتمع مع رئيس البريد وممثلى شركة فيزا العالمية لبحث أوجه التعاون    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور؟    محافظ الدقهلية ييستلم دفعة من المواد الغذائية لتوزيعها على الأولى بالرعاية    سكرتير عام مطروح المساعد للأهالي: التصالح هو ميراثك للأجيال القادمة    الأهلي يحفز اللاعبين قبل السوبر الأفريقي    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    وزير النقل اللبناني: لا توجد مشكلات لوجيستية بمطار بيروت.. وملتزمون بقوانين الطيران العالمية    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    بمشاركة أكثر من 40 دار نشر.. افتتاح النسخة الأولى من معرض نقابة الصحفيين للكتاب    وزير الدفاع: التحديات الإقليمية تفرض علينا أن نكون على أهبة الاستعداد    إجراء 267 ألف تدخل طبي في مستشفيات التأمين الصحي الشامل    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    ضبط نحو (14) ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    إصابة 7 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بقنا    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على سالم يكتب :اليأس والخوف وانعدام الأمن وضياع الأمل
نشر في الوفد يوم 14 - 04 - 2013

ما قرأته للتو ليس عنوان مقالي فقط، بل هو عنواني الذي أسكنه. لا أستطيع القول بأن هذا هو حال المصريين جميعا، لكنه في القليل وصف لحالي وحال أصدقائي ومعارفي وكل من ألتقي بهم. لقد تعلمت من قبل أن الكاتب ليس من حقه أن يفرض أحزانه على القارئ، غير أنني عاجز الآن عن الالتزام بذلك بعد أن تجاوزت أحزاني قدرتي على استيعابها، ووجدت أن من حقي على القارئ الذي أبهجته أحيانا أن يشاركني فيها بنصيب.
أربعة من رجال الشرطة المصرية خطفوا منذ عامين في صحراء سيناء بعد الثورة، ثلاثة من الضباط وأمين شرطة، ثم اختفوا.. وهذه الأيام نقرأ ونسمع عن مفاوضات دارت بين خاطفيهم وسلطات مسؤولة.. هم موجودون في مكان ما في غزة، أسرى عند تنظيم ما، وقبلها تم اختطاف خمسة جنود مصريين، يقال إن أحدهم، وكان مسيحيا، أقيم عليه حد الحرابة وقتل بدعوى أنه كافر (مصدر هذه المعلومة وغيرها في هذا الشأن هو السيدة دعاء زوجة أحد الضباط المخطوفين). قيادة حماس بواسطة ممثليها تنفي كل ذلك.. أحد هؤلاء المسؤولين قال في مداخلة تليفونية لزوجة أحد الضباط: «أنا أدعوك لزيارة غزة لكي تتأكدي بنفسك أنه ليس عندنا».. ثم منظومة من الكلمات التي تنضح بالاستهانة بعقول المشاهدين. غير أن السيدة زوجة الضابط المخطوف لم تفقد أعصابها، وأخذت تذكر له أسماء كل من اشترك في خطفه، واسم الجهة التي تحتجزه.
أسمع كثيرا كلمات كبيرة مثل «الأمن القومي» و«تراب أرض الوطن»، أما ما أفهمه منها أنا حقا فهو أن رجال الشرطة الأربعة المأسورين هم الأمن القومي لمصر والمصريين، هم تراب أرض هذا الوطن، وهو ما يعني بوضوح أن قيادة أخرى للمصريين كان لا بد أن تحارب، ليس من أجل استعادتهم فقط بل من أجل جلب من خطفوهم وأسروهم في غير حرب إلى قاعة العدالة في مصر.
الشهور القليلة الماضية من حكم جماعة الإخوان لمصر أثبتت أن الشعب المصري، بأغلبية ضئيلة، اختار للحكم مجموعة من البشر يبدو أنهم أضاعوا أعمارهم في فهم الدين فأهملوا فهم الدنيا أو عجزوا عن فهمها، وأخطر ما عجزوا عن فهمه فيها هو أصول الحكم. أصول الحكم لا طلاسم فيها ولا غموض، إنها أصول وقواعد التعامل بين البشر في كل مجالات الحياة على كل مستوياتها.. لا أحد يسمح لبلطجي بخطف أولاده، وعليه أن يحارب بكل الأسلحة التي يمتلكها لاستعادتهم ومعاقبة كل من ارتكبوا هذه الجريمة وكل من تعاون معهم أو تستر عليهم. هذه جريمة ارتكبت في حق المصريين وعلى الحكومة المصرية أن تدافع عنهم أو تعلن عجزها عن ذلك أو تترك الأمر للقادرين عليه. أما إذا كنا عاجزين جميعا عن حماية أنفسنا فعلينا أن نندثر ونختفي من الوجود لينفذ فينا حكم التاريخ.
الانطباع الوحيد الذي يخرج به أي مصري حول هاتين الواقعتين وواقعة قتل الجنود على الحدود عند رفح، أن الحكومة المصرية تجامل حماس في غزة، أو أنها ليست حازمة في التعامل مع هذا الأمر. الذي قيل ونشر حتى الآن يفيد بأن جماعات جهادية مسلحة في غزة لا صلة لها بحكومة حماس المقالة، هي المسؤولة عن هذه الحوادث. حتى مع الإقرار بذلك فهذه تقسيمات داخلية لا شأن لنا بها، الحكومات تعرف الحكومات فقط، وما يحدث في قطاع غزة تسأل عنه الحكومة المقالة هناك، تلك الحكومة الصديقة التي نستقبل زعماءها هنا في مصر ونتفاوض معهم ونساعدهم في التفاوض مع الآخرين، ونساعدهم فوق الأرض وتحتها. لو أن الحكومة المصرية جادة حقا بشأن هؤلاء الضباط - وأنا أنصحها بأن تكون جادة - فعلى الأقل كان بوسعها أن تبلغ هؤلاء السادة - إثباتا لحسن نيتهم - بأنهم في المرة القادمة التي ينزلون فيها أرض مصر عليهم أن يصطحبوا معهم رجال الشرطة المختطفين، أو يؤجلوا زياراتهم إلى أجل غير مسمى، مع الاحتفاظ بالطبع بحقنا في محاكمة من ارتكبوا هذه الجريمة.. هذا أبسط ما يمكن عمله. على الحكومة المصرية وعلى الجماعات الفلسطينية الجهادية أن تعرف أن حياة المصريين عند المصريين أكثر أهمية من كل قضايا الأرض، وأننا إذا كنا قد خسرنا مائة ألف شهيد في حروبنا مع إسرائيل كثمن مدفوع لوقوفنا مع الشعب الفلسطيني فنحن على استعداد لدفع المزيد من أجل الحفاظ على حياة المصريين وكرامتهم وكبريائهم.
لم ندخل عين الإعصار بعد في مصر، وما يخبئه لنا النظام والزمن قد يكون أسوأ بكثير مما عشناه منذ الثورة حتى الآن. لا أحد يتعلم من أخطائه، غير أننا في كل الأحوال لا بد أن نتحمل بصلابة فترة الرئاسة الأولى لكي تمر بأكبر قدر من السلام. الخروج عن الشرعية يؤدي بنا إلى الوقوع في لا شرعيات متتابعة ومهلكة، هذا ما يجب أن يعرفه قادة الشارع السياسي. ليس المطلوب إزالة نظام جماعة الإخوان، بل المطلوب هو خطوط دفاعية تحمي الناس من القوانين المنهمرة على رؤوسهم. لا أعتقد أننا سنرى مرة أخرى تلك الطوابير التي لا نهاية لها أمام صناديق الانتخابات في تلك الأيام التي امتلأت فيها قلوب المصريين بالأمل والصدقية. ولعل ذلك هو ما دفع مجلس الشورى لإصدار قانون جديد شدد في مادة منه عقوبة الغائبين عن الانتخابات بغير عذر وجعلها غرامة قدرها خمسمائة جنيه، طبعا الذين أصدروا هذا القانون يعرفون جيدا أن هناك قرى بأكملها في مصر لا يوجد فيها هذا المبلغ، حتى لو فتحت جيوب الناس جميعا وعصرتها عصرا، ويعرفون أيضا أنه لا يمكن عمليا تطبيق هذه العقوبة على المصريين تماما كما فشلوا في إرغامهم على الالتزام بحظر التجوال في مدن القنال. لقد سئم المصريون هذه اللعبة وتأكدوا أن طرود الديمقراطية والعيش والحرية والكرامة الإنسانية التي تسلموها كانت كلها فارغة لا بضاعة فيها. تستطيع إرغام أي مواطن مصري على الالتزام بقانون أصدرته لحماية الحكومة أو للانتقام من خصومها، ولكن ما هي الطريقة التي ترغمه بها على الذهاب إلى صناديق الانتخابات وقد امتلأ قلبه باليأس منها وعدم جدواها؟ هناك طريقة واحدة هي أن يؤمن بأنك صادق وجاد وتعمل بالفعل من أجله، وأنك ستحميه في الأرض والبحر والجو، وأنه عندما يخطف بعض القتلة المجرمين أولادك أو يقتلونهم على أرضك فإنك ستقيم الدنيا ولا تقعدها وتحارب بكل ما تحمله من أسلحة من أجل سلامتهم وعودتهم إلى أهلهم وبلدهم.
هذا عصر يتحرك فيه المواطن ويمارس عمله في حماية الدولة وليس في حماية الأسرة أو الطائفة أو القبيلة أو العشيرة.. وإذا عجزت الدولة عن أداء هذا الدور، فلا أحد في حاجة إليها.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.