محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»    استشهاد شخصين وإصابة 11 آخرين في الغارة الإسرائيلية على وسط بيروت    جيش الاحتلال يشن 3 غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت    حقيقة مقتل النائب أمين شري في الغارة الإسرائيلية على بيروت    نصر: ممدوح عباس تبرع بأكثر من 120 مليون جنيه للزمالك.. ولم نغلق صفحة راموس    «في حاجة غلط».. إبراهيم سعيد يعلق على عدم استدعاء إمام عاشور لمعسكر المنتخب    وكالة مرموش تكشف تطورات مستقبله مع فرانكفورت بعد وصول عروض مغرية    وزير الثقافة: سنظل داعمين لكل الفنون إيمانًا بأهميتها في صون التراث وهويتنا الوطنية    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    جلسة نقاشية لأمانة الشئون النيابية بحماة الوطن بشأن أجندة التشريعات المرتقبة    عيار 21 الآن بعد الارتفاع.. أسعار الذهب اليوم الخميس 3 أكتوبر بالصاغة (عالميًا ومحليًا)    وزير الكهرباء يبحث مع "سيمنس" الشراكة فى مجال توليد الطاقة    رئيس مياه دمياط يؤكد ضرورة تطبيق أفضل نظم التشغيل بالمحطات لتقديم خدمة متميزة للمواطنين    أتلتيكو مدريد ينهار برباعية في معقل بنفيكا بدوري أبطال أوروبا    بعشرة لاعبين.. يوفنتوس يهزم لايبزج في ألمانيا بدوري أبطال أوروبا    "يد الأهلي ضد برشلونة وظهورعبدالمنعم".. مواعيد مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    رياضة ½ الليل| صلاح يتخطى دروجبا.. حسام يقهر سام.. نيمار إلى البنك .. وسقوط الريال    بايرن لا يفوز على أستون فيلا.. إيمري يضرب ضحيته المفضلة ويلحق الهزيمة الأولى ب كومباني    حار نهاراً ومعتدل ليلاً.. حالة الطقس اليوم    حدث ليلا| حقيقة زلزال المعادي.. وحقوق المنوفية توضح تفاصيل واقعة سب أستاذ للطلاب بألفاظ نابية    قتلت زوجها بمساعدة شقيقه.. الجنايات تستكمل محاكمة "شيطانة الصف" اليوم    ضبط 400 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    حار نهارا معتدل ليلا.. تعرف على طقس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    ضبط بدال تمويني تصرف فى كمية من الزيت المدعم بكفر الشيخ    ضبط تشكيل عصابي بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بطوخ بالقليوبية    نشرة التوك شو| الزراعة تتصدى لارتفاع أسعار البيض والبطاطس.. وتأثر النفط والذهب بالضربات الإيرانية    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 3 أكتوبر.. «ثق بغرائزك واتبع مشاعرك الصادقة»    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    دمياط.. انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية بقرية شرمساح    «احذر خطر الحريق».. خطأ شائع عند استخدام «الإير فراير» (تعرف عليه)    اغتيال صهر حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على دمشق    عمرو موسي والسفير العراقي بالقاهرة يبحثان القضايا العربية على الساحة الدولية    زوجة دياب تمازحه بال«وزة» ..وتعلق :«حققت امنيتي»    انتى لستِ أمه.. 4 نوعيات من النساء ينفر منهن الرجال (تعرفي عليهن)    الأحد المقبل.. وزارة الثقافة تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة بحفل موسيقي غنائي (تفاصيل)    "أهمية القراءة في تشكيل الوعي" على مائدة معرض الرياض الدولي للكتاب    د.حماد عبدالله يكتب: (الروشتة) المؤجل تفعيلها !!    خبير علاقات دولية: مجلس الأمن تحول إلى ساحة لتبادل الاتهامات    ضبط 3 أطنان لحوم حواوشي غير مطابقة للمواصفات في ثلاجة بدون ترخيص بالقليوبية    استطلاع: هاريس تتقدم على ترامب في 7 ولايات متأرجحة    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الخميس 3 أكتوبر 2024    الأمم المتحدة: إعلان «إسرائيل» جوتيريش شخصًا غير مرغوب به قرار سياسي    رئيس جامعة المنوفية يصدر قرارا بندب الدكتور حسام الفل عميدا لمعهد الأورام    «الحوار الوطنى» يعقد جلسة عاجلة السبت لتعزيز الأمن القومى    أمين الفتوى: مفهوم الاحتياج نسبي وهذا هو الفرق بين الحرص والبخل    تنظيم ورشة عمل مهنية للترويح للسياحة المصرية بالسوق التركي    «رجعناهم بالبيجامات الكستور».. تعليق مهم من أحمد موسى في ذكرى انتصار أكتوبر    أمين الفتوى يحذر الأزواج من الاستدانة لتلبية رغبات الزوجة غير الضرورية    الكشف على 1025 حالة ضمن قافلة طبية في الفيوم    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوفد» تحاور الأهلاوي المحكوم عليه في مذبحة بورسعيد

«أحمد رضا محمد» اسم ربما لم يعلق بذاكرتك، ولكن حكايته تحدثت بها مصر كلها، هو أغرب المحكوم عليهم بالإعدام في مذبحة بورسعيد.. لأنه «المعدوم» الوحيد من خارج بورسعيد.. وفوق هذا هو عضو في ألتراس الأهلي!
«أحمد» الطالب بالفرقة الرابعة بكلية حقوق عين شمس، والمحكوم عليه غيابياً بالإعدام في قضية مذبحة استاد بورسعيد، له حكاية مثيرة في كل تفاصيلها.
هو متفوق دراسياً وحصل علي تقدير جيد جداً في التيرم الأول، وكان يحلم بأن يصبح وكيل نيابة بعد شهور قليلة، لكن حلمه تحول إلي كابوس فبعد أن كان يمني نفسه بأن ينضم لسلك القضاء ليحكم بين الناس بالعدل وجد حبل المشنقة يطارده، هذه الصدمة جعلته يغيب عن الجامعة ويختفي.
حاولت الوصول إليه عن طريق أصدقائه وزملائه في كلية حقوق عين شمس، فلم أجد أحداً منهم يعرف له مكاناً، كل ما وجدته لدي زملاء «أحمد» بالجامعة هو عبارة واحدة تقول «أحمد مظلوم».
اتصلت تليفونياً بوالد أحمد وطلبت لقاءه لعلي أجد عنده طرف الخيط الذي يوصلني إلي أحمد، فرحب الرجل ودعاني لزيارته في منزله بقرية «قلما» التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية وحدد لي موعداً في السابعة مساء بعد أن ينتهي من عمله.
وفي طريقي إلي هناك تمنيت أن أجد «أحمد» في منزل والده، ثم عدت واستبعدت هذا الأمر فلا يعقل أن يكون أحد محكوماً عليه بالإعدام ويعيش «عادي كده» في منزل والده، ومع هذا لم أفقد الأمل في أن أجده هناك علي اعتبار أن البلد فوضي والشرطة لا تزال عاجزة عن بسط سيطرتها علي أغلب مناطق مصر.
وصلت إلي «قلما» في الموعد المحدد، فوجدت أغلب جدران منازلها، مدون عليها عبارتين لا ثالث لهما، الأولي تقول «أحمد مظلوم» والثانية تقول «آخر نكتة أهلاوي محكوم عليه بالإعدام».. وفجأة وأنا أسير في شوارع القرية انقطع التيار الكهربائي فتحول كل ما حولي إلي ظلام، ووسط الظلام وصلت إلي منزل أسرة «أحمد».
المنزل بسيط ومساحته لا تتعدي 100 متر ويتكون من طابقين، طرقت الباب فاستقبلني المهندس رضا، والد أحمد وهو يعتذر عن انقطاع التيار الكهربائي.
أسرة أحمد مكونة من 7 أفراد، الأب ويعمل مهندساً، والأم ربة منزل، وأحمد هو الابن الأكبر و«أول فرحتهم» كما قالت أمه، والابن الثاني أشرف «طالب بكلية نظم ومعلومات في إحدي الجامعات الخاصة»، ثم إبراهيم «تلميذ ابتدائي»، وشقيقين بالمرحلتين الابتدائية والاعدادية الأزهرية.
الإثارة هي كلمة السر في حكاية «أحمد» منذ بدايتها حتي النهاية، لم يكن أحد من أسرته يعلم بذهاب أحمد إلي مباراة الأهلي والمصري المشئومة، ففي الليلة السابقة للمباراة أخبر أحمد والده أنه سيذهب لمشاهدة المباراة مع أصدقائه من رابطة الألتراس في بنها، وافق الأب ولكن أحمد لم يذهب إلي بنها، وإنما اصطحب «عماد» ابن خالته وصديقه «مصطفي يوسف» إلي مقر النادي الأهلي ليستقلوا الأتوبيس الذي سينقل ألتراس الأهلي إلي ستاد بورسعيد، ولكنهم لم يجدوا الأتوبيسات، فذهبوا إلي محطة القطار مع الرابطة، وظهر أحمد في أكثر من مشهد فيديو يعرض لحظات سفر جماهير الأهلي بالقطار المتجه إلي بورسعيد.
طلبت من والد أحمد أن استمع إلي الحكاية من أحمد.. فرد بأسي: «ابني مش موجود في القليوبية كلها».. ثم صمت للحظات.. وقال: «أكون كاذباً لو قلت لك إنني أعرف مكانه بالضبط».. وعندها انفجرت والدة أحمد بالبكاء وعم السكون المنزل كله، وحتي أنهي هذا السكون طلبت من والد أحمد أن يصطحبني إلي غرفته، فأخذني إلي حجرة في الطابق الثاني من المنزل بداخلها سرير يشارك أحمد فيه شقيقة «أشرف» وإلي جوار السرير يوجد «دولاب» صغير ومكتب عليه كتب القانون الخاصة بأحمد، وعلي جدار الحجرة علم كبير للنادي الأهلي وشعارات ألتراس الأهلي.. استوقفني شعار كبير علي جدار الحجرة يقول «يوم ما أبطل أشجع هاكون ميت أكيد».
لاحظ والد أحمد وقوفي أمام هذا الشعار، فقال معلقاً: «أحمد كان عاشقاً للأهلي منذ الصغر.. وكان اليوم اللي يكون للأهلي ماتش يوماً خاصاً جداً، فإذا فاز الأهلي يفرح كأنه يوم العيد، وإذا خسر الأهلي يحزن وينام من غير ما ياكل».
وأضاف: «ابني مظلوم وما حدث له لا يمكن السكوت عليه ولن يهدأ لي بال حتي يبرىء القضاء ابني».
وواصل والدموع تملأ عينيه: «حق أحمد ابني في رقبة 90 مليون مصري ولو حد لمس أحمد هافجر نفسي في دار القضاء العالي.. مستنين إيه مني بعد الحكم بإعدام ابني المظلوم».
وأضاف: «كل المسئولين عن القضية ظلموا ابني.. القضاء والنيابة وإدارة النادي الأهلي التي تجاهلت أزمة ابني.. وتفرغت لصرف ملايين الجنيهات علي اللاعبين ونسيت أن هناك شاباً مظلوماً اسمه أحمد رضا، اتحرم من أهله وبيته ودراسته بسبب مباراة كرة».
صمت المهندس رضا وهو يمسح دمعة تساقطت من عينيه، وقال: «حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مرسي (يقصد الرئيس محمد مرسي) ابني متفوق في القانون، بتقدير جيد جداً في التيرم الأول وكان يحلم أن يصبح وكيل نيابة، ولكن عمره راح ظلماً وعدواناً ومرسي مسئول عن كل ظلم يقع في عهده».
وهاجم والد أحمد الشرطة.. وتساءل: أين كانوا عندما كانت جماهير الأهلي تذبح أمام الجميع؟
وأضاف: «لو حاول أي ضابط أو رجل شرطة يقترب من ابني سوف أفجر قناصة وأقتله».
سألت المهندس رضا: معقول أحمد مختفي ولا تعرف عنه شيئاً؟
فقال باكياً: «أهو اللي إنت بتقول عليه مش معقول هو اللي بيحصل.. يعني هو كان معقول أن ابني اللي بيشجع الأهلي وعضو ألتراس الأهلي من عام 2009 يتحكم عليه بالإعدام بتهمة قتل ألتراس الأهلي؟
قلت: وكيف تطمئنون عليه؟
وقبل أن يجيبني المهندس رضا.. أجاب أشرف شقيق أحمد: «أحمد كان كل يوم يتصل بنا ويطمئننا عليه ولكننا لا نعرف له مكان».
فقلت: ألم تسألوه عن مكانه؟
فقال: سألته مرة وقال إنه في محافظة تبعد عن القليوبية بأربع محافظات ولم يقل لي أكثر من ذلك ولم أسأله أنا وما يهمني إلا أن أطمئن عليه.
صدفة خير من ألف ميعاد
كنت دائماً أسمع مقولة «صدفة خير من ألف ميعاد» ولكنني لم أشهد من قبل هذه الصدفة، حتي عشتها في منزل أسرة أحمد، فبينما أنا في المنزل رن جرس تليفون أحد أفراد الأسرة، فلم يردوا في أول مرة ولا في المرة الثانية، وفي المرة الثالثة رد والد أحمد، والمفاجأة أن المتصل هو أحمد نفسه، وبعد أن سلم علي أفراد الأسرة واطمأن عليهم طلبت من والده أن يسمح لي بالحديث معه.. فوافق.
في البداية سألته عن حاله؟.. فقال بصوت مطمئن: الحمد لله.
قلت: علمت أنك نجحت بتقدير جيد جداً في التيرم الأول؟
فقال: عارف بس إيه معني النجاح وأنا مطارد ظلماً بحكم إعدام.
قلت: الحكم غيابي.
فقال: أقسم بالله أنا بريء وأنا واثق من براءتي، بس كل اللي مزعلني إنني تركت دراستي وسببت لأمي وأبي وإخواتي أحزان كثيرة.
طلبت من أحمد أن يروي لي ما حدث معه في بورسعيد يوم المباراة.. فقال: إحنا وصلنا بورسعيد بصعوبة جداً، وبين الشوطين قامت جماهير المصري بإلقاء شماريخ علي جمهور الأهلي فتركت المدرج حتي بدأ الشوط الثاني، وعندما انتهت المباراة كنت أول الناس الذين خرجوا من الاستاد إلي ممر الموت، الذي مات فيه ضحايا الألتراس نتيجة التدافع علي البوابة الحديدية التي سقطت فوقي أنا وعماد ابن خالتي، إثر تدافع جماهير الأهلي التي كانت تهرب من البلطجية وجماهير المصري التي طاردتهم بالشوم والسيوف، وقتها سقطت علي الأرض بسبب الزحام والتدافع، نظرت حولي، فلاحظت وجود أحد عساكر الأمن المركزي، فاستغثت به، فأسرع نحوي وأنقذني من الموت تحت الأقدام، وبعدها ظللت كالمغشي عليه لفترة، ولما استرددت وعيي بحثت عن «عماد» ووجدته، فانطلقنا سوياً نبحث عن صديقنا «مصطفي» فوجدناه قد فارق الحياة في الممر.
من هول الصدمة لم أكن أعرف ماذا أفعل، وكنت أنا وعماد في حالة هلع وفوجئنا بجماهير المصري تقذف علينا الشماريخ، وبعضهم كان معه سلاح، فجرينا إلي الشارع بحثاً عن مغيث ينقذنا من الموت، وبعد فترة كبيرة من المطاردات في الشوارع المحيطة بالقسم وجدنا سيارة شرطة في دورية، فاستغثنا بالعميد أحمد محمود حجازي، وقلنا له: «الحقونا.. إحنا بنموت».. فقال: «انتو خايفين من إيه».. فأخبرناه بأننا من القاهرة وكنا ضمن الناجين من مذبحة الاستاد، فطمأننا الضابط وأكد لنا أنه سيحمينا وسينقلنا للقسم حتي يطمئن علينا، ويعيدنا إلي القاهرة مع شباب الألتراس الأهلاوي، وطلب منا الدخول إلي سيارة الشرطة، وطلب الضابط بطاقتنا الشخصية، وتحفظوا علي هواتفنا المحمولة بعد أن أغلقوها.
ويواصل «أحمد»: داخل سيارة الشرطة شعرنا ببعض الأمان وانطلقت السيارة إلي قسم المناخ ببورسعيد، وداخل القسم تم تحرير محضر لي ولابن خالتي، وهموا بإدخالنا إلي غرفة الحجز، وقتها أكدنا للضباط أننا من جماهير الأهلي وقلنا لو دخلنا غرفة الحجز مع جماهير بورسعيد هيموتونا، فكان الرد بالضرب والسباب وإدخالنا بالقوة إلي غرفة الحجز.. وقضينا ثلاثة أيام في معسكر الأمن المركزي ببورسعيد منعزلين تماماً عن كافة الأحداث، وتعرضنا للضرب والتعذيب من بعض البلطجية المحبوسين معنا، وقتها طلبت من أحد أمناء الشرطة بالمعسكر أن يتصل بأسرتي.. وقلت: «قولهم بس أنا عايش».
براءة في النيابة
وتتوالي المفاجآت - والكلام مازال لأحمد - بإصدار النائب العام آنذاك الدكتور عبدالمجيد محمود قراراً بحبس كل من ألقي القبض عليه في أحداث المباراة لمدة 15 يوماً علي ذمة التحقيق، وبالرغم من معرفة النائب العام والمحامي العام ببورسعيد بقضيتي، إلا أنني قضيت مدة الحبس الاحتياطي كاملة، كما تم التجديد لي لمدة 4 أيام أخري علي ذمة التحقيق، وأثناء مدة الحبس الاحتياطي صدر قرار آخر من النائب العام بعدم الإفراج عن أي منهم إلا بعد مطالعة وتفريغ الفيديوهات المسجلة علي الكاميرات الموجودة بالاستاد داخل المدرجات.. وبالفعل تم تفريغ الفيديوهات ومطالعتها وتأكدت النيابة من براءتي.. وقال لي وكيل النيابة بالحرف الواحد: «مين المفتري اللي جابك هنا؟».. وصدر قرار بإخلاء سبيلي أنا و«عماد» بضمان محل إقامتنا، وبدون دفع أي كفالة، ووقتها عدت إلي منزلي لأول مرة بعد المجزرة وأغلقت صفحة القضية تماماً.
ومن هول ما رأيته خلال فترة اعتقالي، قضيت فترة منعزلاً عن الدنيا، وبعدها عدت لممارسة حياتي الطبيعية وذهبت إلي كلية الحقوق، وازداد انتمائي لمجموعة ألتراس أهلاوي، فلم أترك أي وقفة احتجاجية تطالب بالقصاص للشهداء إلا وشاركت فيها، وساندت أهالي الشهداء، وكان كلما زجرني والدي طالباً مني الاهتمام بدروسي، أقول له: «أنا كان ممكن أروح مكان صاحبي اللي مات ومش هسيب حقهم».. وقضيت 5 أيام مع الألتراس في الاعتصام أمام مجلس الشعب، وفور صدور قرار من النائب العام بتحويل 73 متهماً إلي الجنايات كان من ضمنهم اسمي تصورت أن الاسم الوارد في القضية هو اسم مشابه لي، ولهذا لم اهتم بالأمر في الجلستين الأولي والثانية للقضية.
وقبل الجلسة الثالثة فوجئت بإنذار من قسم قليوب يفيد بتحويلي إلي محكمة الجنايات في قضية بورسعيد بناء علي محضر ضبط تم لي في مسرح الجريمة داخل المدرج، ووجهت لي تهم حيازة سلاح وضرب بالشوم وإثارة الشغب.
وواصل «أحمد»: بعد وصول الإنذار تأكد لي أن الاسم الوارد في القضية هو اسمي فاتصلت ببعض أصدقائي وخرجت مظاهرات من الألتراس وأهالي «قلما»، توجهت إلي بوابات النادي الأهلي لتطالب الإدارة بالتضامن معي، وحصلوا علي وعود من الكابتن حسن حمدي بالتدخل وحل الأزمة.
قلت: ولكن أحداً لم يتدخل؟
فقال: قيادات الألتراس التقت أسرتي وبالمحامي المدافع عني، وأقنعوهم بأن محامياً كبيراً قال إنه من الأفضل التكتم علي موقفي حتي لا يفضح ذلك موقف الداخلية في جمع الأدلة وتوجيه الاتهامات، لأن دخول أحد أعضاء الألتراس الأهلاوي كمتهم في حيثيات القضية، قد يستغله المتهمون الحقيقيون في القضية لإفساد ملف القضية من البداية، وإسقاط التهمة عن الجميع بدعوي بطلان الإجراءات وهو ما سيضيع دماء الشهداء.
وقالت قيادات الألتراس لأسرتي: إن براءتي مضمونة وكل المطلوب مني أن اختفي حتي انتهاء القضية وقالوا إنه لو صدر ضدي حكم سيكون غيابياً ويمكن بسهولة الطعن عليه وإسقاطه وضمان البراءة الكاملة لي.
سألت أحمد: وإلي متي ستظل مختفياً؟
فقال: حتي يبرئني القضاء.
عدت أسأله: وهل أنت واثق من البراءة؟
فقال: تمام الثقة.
ابني مظلوم
انتهي حديثي مع «أحمد» وقبل أن أغادر منزل أسرته، قالت لي والدته وملامح الأسي ترتسم علي وجهها: «ابني مظلوم.. ليه يصدر حكم بإعدامه؟.. كل اللي عمله أنه ذهب ليشاهد مباراة كرة مع أصدقائه.. وحدثت المجزرة ويكتب له الله النجاة يكون جزاؤه الإعدام».
وأضافت: «أنا أشعر أنني عايشة في كابوس.. حالتنا النفسية سيئة.. ابننا هيروح مننا».
وواصلت: «ابني أكد لي أنه يعلم القانون تماماً ويدرك أن اسمه ذكر في القضية بالخطأ وسيخرج أثناء الحكم.. وعندما نطق القاضي باسمه مع المحكوم عليهم بالإعدام، لم احتمل الصدمة وسقطت فاقدة الوعي».
وقالت معلقة علي الحكم: «ابني موجه إليه تهم حيازة سلاح ناري وضرب بالشوم ليكون كبش فداء للمتهمين الحقيقيين من الداخلية وجماهير بورسعيد».. وأوضحت أن أحمد كان قد أجري عملية في يديه أضعفت من أعصاب يده، ولا يستطيع إمساك أي شيء وليس ضرباً يؤدي إلي الموت، كما تدعي النيابة، كما أنه هادئ الطباع ولا يميل للعنف في أي مشكلة، واسألوا كل أهل البلد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.