إفلاس لبنان يعيد رسم خارطة المنطقة «استثماريًا».. رؤوس الأموال تعيد دراسة الأسواق وجاذبية اقتصادنا تتزايد شركات عقارية «مصرية» تخطط لفتح منافذ تسوقية خليجية دائمة لاستثمار «السعر الرخيص» بحسابات الدينار والريال والدرهم يبدو أن إفلاس لبنان سيقود لرسم خارطة استثمارية جديدة فى المنطقة فى ظل قراءات ترى أن صناعة العقار المصرى يتوقع لها أن تحقق مكاسب استثمارية على مستوى استقطاب الرساميل الخليجية والعربية. ويتوقع أن تبدأ رساميل خليجية ثقيلة فى هجرة السوق اللبنانى على وقع الصدمات المالية» العنيفة « للبحث عن وجهات استثمارية جديدة وهو الأمر الذى يعزز التوقعات بأن الاقتصاد المصرى سيتمكن من استقطاب المزيد من الاستثمارات الخليجية فى الفترة المقبلة سواء كانت سيادية أو عبر القطاع الخاص. وضمن ذات السياق بدأت شركات عقارية مصرية تتجه صوب دول الخليج لاستقطاب عملاء جدد « مصريين أو خليجيين « فى محاولة لاستثمار «السعر الرخيص» للوحدات العقارية قياسا على مكاسب العملات الخليجية «الدينار والريال والدرهم» مقابل الجنيه خلال الأيام الماضية. ووفقًا لأوساط عقارية فإن جديد هذا التوجه يتمثل فى السعى لتأسيس نوافذ تسويقية دائمة فى بعض الدول الخليجية بالشراكة مع كيانات وشركات عقارية خليجية لإضفاء هامش كبير من المصداقية للمشاريع المخطط تسويقها خليجيًا. ويرى البعض أن هذا التوجه يبدو منطقيًا على أساس أن هذه البلدان تمثل ملاءات مالية عالية يمكن استقطابها بشكل أكثر فعالية فى الفترة المقبلة للاستثمار فى السوق العقارى خصوصًا أن مستثمرين خليجيين كثر يبحثون فى هذه الفترة عن بدائل استثمارية جديدة خصوصًا بعد وقوع لبنان فى شرك الإفلاس. على صعيد آخر كشفت أوساط عقارية أن بعض الشركات بدأت نقاشات موسعة لزيادة الأسعار وفق حسابات دقيقة تأخذ فى اعتباراتها زيادة تكلفة البناء لكن دون الإضرار بالسوق وحيويته وهو الأمر الذى يرجح أن تأتى الزيادة متدرجة وبنسب مقبولة. وتأتى هذه النقاشات لاستيعاب صدمة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها المالية والاستثمارية ومن قبلها صدمة فتح الأسواق العالمية التى أوجدت موجة تضخمية وهو الأمر الذى فتح الباب أمام زيادة مدخلات البناء وارتفاع كلفة النقل بشكل جعل أسعار المنتجات العقارية مقبلة على زيادة «معتبرة» فى أسعارها. وفقا لتقديرات «أصحاب القرار» فى عدد من شركات التطوير العقارى فإن الزيادة المرتقبة لأسعار المنتجات العقارية لن تقل عن 10% وقد تصل إلى 20 أو 25% عن السعر المحدد للعام الجارى قياسا على الوزن النسبى لارتفاع مدخلات البناء فى تكلفة الاستثمار العقارى إلا أن هذه الزيادة المرتقبة ستأتى بشكل متدرج ولن تكون صادمة لضمان عدم كهربة السوق وحفاظا على الوضع التنافسى لهذه الشركة أو تلك. وعليه يمكن القول بأن الشركات التى تمتلك مخزونا من الوحدات ستكون قادرة على الاستفادة من الوضع الحالى على أساس أن تكلفة مخزونها محسوب بالأسعار المسجلة قبل الزيادة وهو ما يمنحها هامش مرونة عاليا للغاية. وضمن هذا السياق رصدت «عقارات الوفد» اجتماعات مطولة تعقدها شركات التطوير العقارى لحساب نسب الزيادة المرتقبة على أسس مالية ومحاسبية واستثمارية تأخذ فى حساباتها هامش تكلفة الإنشاء وهامش الربح المستهدف والمنافسة مع الشركات الأخرى والقدرات الشرائية للعملاء المستهدفين. وهنا يمكن الإشارة إلى أن ثمة تداعيات عميقة ومتباينة تواجه شركات التطوير العقارى بسبب ارتفاع كلفة مدخلات البناء وذلك على النحو التالى: أولًا: شركات متحفظة قامت بتسعير منتجاتها على أساس التكلفة وهامش الربح المستهدف آخذة ضمن حساباتها عامل التضخم واحتسبت له بشكل جيد وهو الأمر الذى يتيح لها أن تواجه هذه المستجدات بأريحية أكثر عبر رفع الأسعار بنسبة مقبولة تضمن لها قدرتها التنافسية فى السوق. ثانيًا: شركات مغامرة اندفعت تحت وقع المنافسة على التسعير المنخفض بعامل أمان متوسط لاحتمالات التضخم وهو الأمر الذى يتيح لها أن تواجه هذه المتغيرات بقدرة أقل بشكل يتطلب أن تكون زيادة الأسعار المرتقبة عالية إلى حد ما وهو ما قد يضعف قدرتها التنافسية فى العام المقبل. ثالثًا: شركات مقامرة سعرت منتجاتها على أساس التكلفة وهامش الربح فقط دون الاعتبار لعامل التضخم، وهو الأمر الذى يضعف قدرات هذه الشركات على مواجهة مثل هذه التغيرات السعرية لمدخلات البناء. ورغم تباين التأثيرات لزيادة تكلفة مدخلات البناء على الشركات إلا أن الشركات التى سجلت تخلفا فى معدلات التنفيذ فى مشاريعها تواجه حاليا واقعا عبثيا على أساس أن الزيادة الحالية لمواد البناء سترفع التكلفة إلى مستوى يفوق بكثير الأسعار المحسوبة عند بدء التنفيذ فى الوقت الذى حققت فيه شركات التزمت بمعدلات التنفيذ لمشاريعها عملية نجاة من الزيادات السعرية المتلاحقة لمواد البناء. ارتفاع أسعار مواد البناء ستكون أشد وطأة على الشركات الصغيرة التى قد تواجه أوضاعا مالية ضاغطة قد تجعلها غير قادرة على البقاء، وهو ما قد يؤدى إلى موجة إفلاسات لمثل هذه النوعية من الشركات. وكشفت أوساط الشركات العقارية أن البعض يدرس حاليا إعادة النظر فى آلية التقسيط طويل الأجل، والتى تصل إلى 15 عاما باعتبار أن هذه الآلية تفتح أبوابًا لاختناقات مالية مؤلمة وفق أسس ائتمانية ترى أنه لا يجوز التعاطى فى مشاريع قضية الأجل بنظام سداد طويل الأجل. وعليه يمكن الإشارة إلى أن هناك شركات قد تتخذ قرارا بخفض آجال السداد إلى ما تحت ال10 سنوات كمرحلة أولى يمكن إعادة النظر لتخفيضها فى مرحلة لاحقة.