الحنان الذي يغمر الطفل في شهوره الأولى، وهو ينام في أحضان أمه، يعد مصدرا هائلا للصحة النفسية لكل من الرضيع وأمه فهو دليل كفاءة وايمان من الأم بدورها الإنساني ومسئوليتها عنه، وهو حجر الاساس في بنيان عقل الرضيع وفؤاده وتكوين وجدان مستقر يغمر حياة الرضيع بالاطمئنان والثقة فى هذا الكون كما ان نومه فى احضان امه يجعله ينام بسرعة واستقرار . ويقول د.أحمد ابو العزايم استشاري الطب النفسي، إن نوم الرضيع بعيدا عن امه يشكل عبئا كبيرا على قدراته الفسيولوجية ويعد مصدرا للاضطرابات النفسية والاجتماعية . فقد اثبتت الابحاث الحديثة ان نوم الرضيع بعيدا عن امه فى سريره الجميل المزركش والمغطى بالزخارف كقصر صغير معناه شيئان ... اولهما الحرمان من دفء الام وحنانها ومن صوت ضربات القلب الرقيقة التى تعود عليها وهو فى بطن امه فهو يحس مع البعد عن هذه النبضات بالغربة والصمت فى بداية حياته . ثانيهما ان الام عندما ينام ابنها الرضيع بجوارها يكون نومها خفيفا خوفا من ان تصيبه بالاذى اذا انقلبت عليه ولذلك فإنها تستيقظ بمجرد ان يتأوه وهذه الاستجابة السريعة مصدر كبير للراحة النفسية والاستقرار والشعور بالثقة والامان للطفل تجاه العالم الجديد . وعلى العكس من ذلك فإن نومه بعيدا عن امه سيجعل نومها عميقا ولن تستيقظ ما لم يبك بكاء مريرا. إن هذه اللحظات من عمر الرضيع عندما يستيقظ فيجد نفسه وحيدا هي لحظات من الرعب الحقيقي ولذلك فإنه يبدأ في البكاء فإذا لم يستجب له فإنه يبدأ فى الصراخ وهو نداء متواصل ويشكل التأخر فى الاستجابة لنداءاته مصدرا للآلام النفسية الشديدة ومصدرا لعدم الاطمئنان ونذيرا خطيرا وفقدانا للامان وهى ذكريات تترسب فى ذاكرته ورغم نسيانها الا انها تجعله فاقدا للامان عاجزا عن الاطمئنان للمجتمع المحيط به بدون سبب يذكره مما يجعله يفقد الثقة فى نفسه وتتعقد امور حياته . ويضيف د.أحمد ابو العزايم ان الابحاث الحديثة تؤكد ان نوم الرضيع وحيد فى شهوره الاولى يؤدى الى توتر شديد وهذا التوتر يؤدى الى ارتفاع كبير فى معدلات افراز هرمون الكورتيزول مما يؤثرعلى المنطقة اسفل قشرة المخ ويؤدي الى اضطراب فى كميياء الجهاز العصبى مما ينتج عنه تعود الرضيع على التوتر الذى قد يستمر باقى عمره وهو ما يعنى حدوث المرض بدون وجود مشاكل وراثية ومعاناة تستمر الى مرحلة المراهقة والشباب . ان هرمون الكورتيزول يجعله دائما على استعداد للتوترات ويقلل من تحمله لمستويات التوتر المرتفعة مما يجعله قابلا للاصابة بالامراض النفسية وقد يصعب عليه الشفاء من هذا التوتر فيصبح سمة لشخصيته تعيق نموه النفسي. ومن هنا يجب ان نحرص على نوم الرضيع مع آبائهم وامهاتهم حتى الشهر الثالث من عمرهم على الاقل.