لو علم رجل الاقتصاد طلعت حرب أن شركات كفر الدوار ستتحول إلي خرابات تنعق فيها الغربان ما فكر في إنشائها لتكون عمادا قويا للاقتصاد المصري. لقد تحولت القلعة الصناعية والتي كان يغزو إنتاجها الأسواق العالمية لمنتجاتها الراقية ذات الأذواق العالية والجودة، وكان مصدراً مهماً من مصادر الحصول علي العملة الصعبة، لكنها تحولت بفعل فاعل من الأرباح العالية إلي الخسائر الفادحة وتقلصت أعداد العاملين بها من 50 ألف عامل إلي أقل من 14 ألف عامل معظمهم يحضرون إلي الشركة دون أي عمل لتوقف الماكينات سواء لتعطلها وعدم صيانتها أو لعدم وجود المواد الخام اللازمة للتشغيل. التقت «الوفد» مع شعبان البغدادي، رئيس نقابة العاملين بشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار، والذي أكد أن الشركة تعاني من عشرات المشاكل التي تحيط بها من كل جانب وتحتاج إلي تدخل عاجل من الحكومة قبل وقوع الكارثة التي باتت قريبة جدا وينتظر أن تغلق الشركة أبوابها في القريب العاجل لعدم القدرة علي سداد مرتبات العمال وهو ما يعني تصاعد الاحتجاجات بين أوساط العمال للمطالبة بحقوقهم. وأشار البغدادي إلي أن أهم المشاكل التي تعاني منها الشركة تتمثل في عدم وجود سيولة نقدية مما يترتب عليه قصور شديد في المواد الخام مثل القطن وقطع الغيار وكذلك تراكم الديون المستحقة لهيئة التأمينات والتي وصلت إلي 220 مليون جنيه، بالإضافة إلي 36 مليون جنيه شهريا والتي تتمثل في 16 مليون جنيه للمرتبات الشهرية للعاملين و10 ملايين جنيه أقطان ومستلزمات إنتاج، و10 ملايين جنيه كهرباء وضرائب، في حين أن متوسط البيع الشهري 20 مليون جنيه فقط، مشيرا إلي أن الشركة القابضة ترسل شهريا 5 ملايين جنيه دعماً للمرتبات ولكنه توقف فجأه منذ عدة أشهر دون أي أسباب، وبعد اتصالات مكثفة بالوزراء المعنيين وافقوا علي دعم 30 مليون جنيه لعدد 26 شركة غزل ونسيج نصيب كفر الدوار منها مليونا جنيه فقط تساهم في شراء الأقطان وباقي مصروفات الشركة متوقفة لعدم وجود سيولة. وأكد رئيس نقابة العاملين أن الشركة عاجزة عن سداد تكاليف علاج العاملين بالمستشفيات الخارجية للحالات التي ليس لها علاج بمستشفي الشركة، مشيرا إلي أنه سبق أن تم بيع أراضي فضاء في عهد الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الأسبق وإنشاء صندوق اعادة هيكلة لدعم الشركات، وكان من الأولي ان يتم دعم كل شركه بما تم بيعه من أراضيها للمستثمرين حيث بيعت هذه الأراضي بغير قيمتها السوقية مما أدي إلي إهدار أموال الدولة والشركه ولو يتم ضخ أي مبالغ في إعادة هيكلة الشركة. وأضاف: إن الشركة تحتاج إلي دعم فوري يقدر ب 300 مليون جنيه وتعيين ما يقرب من 3 آلاف عامل وشراء أنوال نسيج حديثة وبرم وتمشيط وكرد بمراحل الغزل والتي لم يتم تجديدها منذ بداية الشركة عام 1938 وهذا هو السبيل الوحيد لإعادة الشركة إلي سابق عهدها. واختتم البغدادي حديثه متسائلا: هل عدل من الدولة أن تنظر إلي القطاع الخاص وتهمل القطاع العام، وخاصة قطاع الغزل والنسيج الذي يعتبر القاطرة التي تفتح المجالات للتصدير وتوفير العملة الصعبة واستيعاب البطالة حيث إنه القطاع الذي يوجد به كثافة عمالية. وفجر شوقي سليمان، عضو نقابة العاملين بالشركة مفاجأة حول خسائر الشركة و4 مليارات و700 ألف جنيه ديوناً متراكمة علي الشركة وهو ما يعادل 44 مثل رأس المال، فضلا عن 134 مليون جنيه خسائر عن السنة المالية الأخيرة. وطالب بإلغاء بيع الأراضي الفضاء والتي تم بيعها بطريقة غير قانونية ب 5 ملايين جنيه فقط، وبأقل من أسعارها السوقية بمئات الملايين من الجنيهات. وطالب سليمان المستشار طلعت إبراهيم النائب العام بفتح التحقيق مع المسئولين الذين قاموا ببيع الأراضي إلي أعضاء الحزب الوطني المنحل والذين خالفوا كراسة الشروط والتي نصت علي أن ينتهي المشتري من المباني وبداية الإنتاج خلال ثلاث سنوات وهو الأمر الذي لم ينفذ ولا تزل الأراضي في مراحل التسقيع. وأشار شوقي إلي وجود أجهزة طبية قيمتها 5 ملايين جنيه كانت القوات المسلحة قد تبرعت بها إلي مستشفي الشركة منذ عام 2007 ورغم مرور 6 سنوات إلا أن هذه الأجهزه لاتزال حبيسة الكراتين مما يعرضها للتلف والصدأ لعدم توافر مبلغ 70 ألف جنيه لتركيب تلك الأجهزه داخل أقسام المستشفي لكي تقدم خدماتها الطبية إلي عمال الشركة، وكذلك توفير نفقات عرض العاملين علي مستشفيات خارجية بتكاليف باهظة تتحملها الشركة، موضحا توقف مصنعي 1 و2 بقطاع النسيج عن العمل نهائيا، كذلك توقف جزء من مصنع 1، مصنع 2 بقطاع الغزل ويؤكد محمد السنهوري، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالشركة أن سوء الأوضاع داخل الشركة وراءها العديد من المشاكل والمعوقات المتراكمة في السنوات الماضية مما أدي إلي توقف معظم المصانع داخل الشركة، حيث إن معظم الماكينات تكنولوجيا قديمة منذ عام 1960 في (الفسكوز، النايلون، خيوط البوليستر) وكذلك الإغراق من المستورد من الألياف الصناعية (ألياف البولي إستر) وبسعر أقل من تكلفة المنتج المحلي بالشركة. وأيضا فرض رسوم جمارك علي المواد الخام المستوردة جميعها من الخارج وهي حوالي 16 مادة بترولية علي الرغم من دخول البوليستر إلي البلاد دون جمارك مما يؤدي إلي رفع تكلفة إنتاج البوليستر بالشركة، ولهذا تسببت الإدارات الفاشلة في تحويل الأرباح الى خسائر في الشركة التي أنشئت عام 1970 وكانت تصدر إنتاجها الى الأسواق الخارجية والعالمية.. فهل يتدخل أحد لإنقاذ قلعة صناعية كبرى؟!.