ومازال الانهيار مستمراً يوماً وراء الآخر، وحال مصر يزداد سوءا علي سوء، والخراب يحل بشكل متلاحق ومؤسسات الدولة تتآكل طبقاً لخطة الجماعة الحاكمة وتسهيلاً للمخطط الخارجي الذي يسعي إلي أن تتحول مصر إلي دولة طوائف.. والعصيان المدني الذي انتشر في محافظات مصر واحدة تلو الأخري، انتقل يوم «الخميس» الماضي إلي وزارة الداخلية، فحالات التمرد التي تحدث الآن في أقسام ومراكز الشرطة دليل قوي علي أن مؤسسة الشرطة التي تصر جماعة الاخوان علي إسقاطها، قد نجحت بالفعل في ذلك.. لقد حاولت «الجماعة» بعد الثورة مباشرة أن تعجل بانهيار الشرطة وغابت الأجهزة الأمنية فترة طويلة، ونادي الشعب العظيم بعودة الأمن، ونجحت مطالب المصريين في أن تعود الشرطة، وفشل في البداية المخطط الإخواني الشيطاني في تغييب الأجهزة الأمنية. الآن «الجماعة» تمارس ألاعيب أخري من أجل إسقاط الداخلية، وتسعي جاهدة إلي أن تخلق مواجهة بين الشعب والشرطة، من خلال التعليمات التي تصدرها مؤسسة الرئاسة والجماعة إلي وزراء الداخلية خلال الفترة الماضية وآخرهم الوزير الحالي الذي تلقي تعليمات من الرئيس باستخدام العنف ضد المعتصمين والمتظاهرين، وقد اعترف الرئيس نفسه بذلك في مأساة بورسعيد، عندما أعلن أنه هو الذي أصدر التعليمات باستخدام العنف ضد المدينة الباسلة، مما تسبب في حرق المدينة واشتعال غضب الناس وإصرارهم علي الاستمرار في حالة العصيان التي يقومون بها. ما حدث في بورسعيد ومدن القناة هو بداية الشرارة التي أطلقها الرئيس، لخلق صدام بين المؤسسة الأمنية والجماهير الغاضبة، وانتقل ذلك إلي باقي محافظات مصر خاصة الدقهلية والغربية وبني سويف والشرقية وهكذا، فالهدف من هذا الصدام خلق العداوة بين الشعب والشرطة، لكن الشرفاء الوطنيين في جهاز الشرطة أدركوا حقيقة هذا المخطط الشيطاني، وانقلب السحر علي الساحر كما يقولون، وأدرك العاملون بجهاز الشرطة حقيقة هذا المخطط، نفذوا حالات التمرد التي كانت علي أشدها يومي الخميس والجمعة الماضيين، فعندما تغلق أقسام شرطة ومراكز وتقف قوتها علي أبوابها معلنين رفضهم سياسة الوزير التي تهدف في نهاية المطاف إلي تنفيذ مخطط الإخوان في تغييب الشرطة وانهيار هذا الجهاز الأمني، وهذا ما أدركه العاملون بالجهاز الذين ثاروا علي وزير الداخلية، سواءً داخل أقسام ومراكز الشرطة أو داخل قطاعات الأمن المركزي. الثورة العارمة داخل جهاز الشرطة ضد سياسة الوزير التي تنفذ مخطط الإخوان، تأتي من منطلق وطني يخشي فيه العاملون بهذا الجهاز الأمني من تغييب الشرطة وتنفيذ سياسة الأخونة التي تهدف إلي إحلال الميليشيات المسلحة بديلاً لهذا الجهاز، وهي الخطة التي تسعي إليها «الجماعة» بكل السبل، وخلال الشهور الماضية، كانت هذه الميليشيات تستعرض قوتها في هذا الشأن، وعمليات الحصار التي فرضوها علي مؤسسات كثيرة بالدولة كانت هي البداية أو لنقل عليها بروفة لما سيحدث.. وهذا كان أكبر دافع لأن تتحرك أجهزة الشرطة للتصدي لمخطط الإخوان الشيطاني، لأن تغييب الشرطة معناه إحلال الميليشيات علي الفور وتصبح مصر دولة طوائف دينية، ما بين إخوان وسلفيين وهكذا. ما حدث في أقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزي رسالة واضحة جداً للرئيس مرسي لأن يتخلي عن مخططاته الإخوانية التي يتلقاها من مكتب الإرشاد أو أن يتخلي عن الحكم استجابة لرغبة جماهير مصر التي خيب آمالها بعد وصوله إلي كرسي الرئاسة.. وعلي الرئيس أن يختار ما بين أن يكون رئيساً لكل المصريين أو يترك الحكم فوراً.