لا تضيع جماعة الإخوان الوقت، فهى تمضى فى طريق استحواذها على مفاصل الدولة دون أن تهتم بالغضب الشعبى بسبب سياساتها، فهى تصارع الزمن الآن من أجل السيطرة على كافة المؤسسات وتثبيت حكمها المعرض للانتزاع بعد فشلها فى تحقيق الوعود التى قطعتها على نفسها واختارت الجماعة ورئيسها أن يعطلوا دور المؤسسات الأمنية وثبات حالها عند مستوى معين من العمل حتى لا تنهار الدولة. الجماعة ترى فى الوضع الأمنى الحالى الوضع الأمثل لها فمصر الآن فى حالة اللا أمن وحتى عندما عمل الوزير السابق أحمد جمال الدين على رفع الحالة المعنوية للجنود والأفراد وجد نفسه خارج منظومة الحكم، خاصة أنه لم يستوعب مطالب الجماعة واختار أن يسير فى اتجاه آخر عكس رغبتها وهو ما لم يعجب الجماعة. ومنذ اليوم الأول لتولى الرئيس مرسى الحكم وهو يعلم أن معركته الأولى ستكون مع المجلس العسكرى الذى كان يملك صلاحيات هائلة وكان يحول الرئيس إلى منزوع الصلاحيات، واختار الرئيس أن يبارز أعضاء العسكرى وأن يبعدهم عن مشروعه السياسى فأصدر قراراً جمهورياً بعودة البرلمان إلى الانعقاد رغم صدور حكم بحله من المحكمة الدستورية العليا. كما أن الرئيس منذ اليوم الأول له حرص على أن يبتلع أعضاء «العسكرى» وأن يفرض سطوته عليهم، حتى إنه وقف فى قلب ميدان التحرير فى خطابه الأول أمام أهله وعشيرته ليقول بالنص «لن أتهاون فى انتزاع أى صلاحية من صلاحيات رئيس الجمهورية وليس من حقى أن أفرط فى الصلاحيات والمهام التى اخترتمونى على أساسها هذا عقد بينى وبينكم». وبالفعل، نجح الرئيس فى أن ينزع سلطاته من المجلس العسكرى وأصدر قرارات بتقاعد المشير طنطاوى وعدد من أعضاء المجلس العسكرى وهى خطوة وضعت حلولاً كثيرة لإشكالية ازدواج السلطة ووضعت كافة الصلاحيات فى يد الرئيس الذى انفرد بالحكم وبدأ بتنفيذ مخططه فى السيطرة على الاجهزة الأمنية وتعطيلها وتطويعها فى خدمته. بدأ الرئيس معركته مع الأجهزة الأمنية مبكرا فاختار الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزيرا للدفاع ظنا منه أنه سيكون رجله المطيع الذى يقيه شر غضبة الجيش من تصرفاته ولكنه اكتشف غير ذلك فيما بعد، وطلب مرسى تدخل الجيش فى الكثير من قضايا الداخل، منها قيامه بالعملية نسر التى لا يعرف أحد حتى الآن نتائجها، كما أنه أصدر قراراً جمهورياً بمنح الضبطية القضائية لضباط القوات المسلحة وأصدر أوامره لهم بتأمين عملية الاستفتاء. كما أن هناك العديد من قوات الجيش التى تؤمن المناطق الحيوية والمهمة فى البلاد. ولم يكتف الرئيس وجماعته بذلك، بل إن مرشد الجماعة تحرش بالجيش لقياس ردود أفعاله وأطلق تصريحات يهاجم فيها قيادات الجيش السابقة ووصفهم بالطيعين فى بالونة اختبار لمعرفة مدى تصرف الجيش فى حالة العدوان عليه ولكن الجماعة أدركت أنها لا تستطيع مقاومة غضب عناصر الجيش فتراجع المرشد عن تصريحاته مؤجلا الصراع إلى وقت لاحق. أكثر ما أثار خوف الجماعة من الجيش هو الدعوة التى وجهها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى إلى القوى السياسية للتحاور بعد أزمة الإعلان الدستورى والمظاهرات التى كست الشوارع ولكن الجماعة أوقفت الدعوة خوفا من نمو دور الجيش فى الحياة السياسية مرة أخرى وأبعدت الجيش عن العملية السياسية، وفى المقابل حافظت على امتيازاته فى الدستور الجديد كما هى فى دستور 1971. أما فى حالة الشرطة، فإن الجماعة لا تريد لها خيرًا حتى الآن وتتحرش بها فى كثير من الأوقات، بل ولا تريد منها الآن سوى أن تكون أداة فى يدها لفض المظاهرات وحماية مقراتها من غضب الثوار وهو ما لم يعجب قيادات الشرطة الذين أدركوا مخطط الأخونة ويسعون إلى هدمه لكن الجماعة تقف بالمرصاد للشرطة وتريد أن تقتص منها فقامت بتغيير الوزير السابق وستفعل نفس الأمر مع الوزير الحالى فى التغيير الوزارى القادم بعد الانتخابات البرلمانية. الجماعة أيضا تريد بقاء الحالة الأمنية فى مصر الآن عند الموقف الحالى حتى تمكن رجالها من اختراق الجهاز وتنشر شبابها فى كليات الشرطة، وأيضا لتتمكن من فرض الحرس الثورى بعد إضعاف دور الشرطة وإبعاد الجيش عن القضايا السياسية وبالتالى تنجح خطتها فى فرض الحرس الثورى الإخوانى ليكون تشكيله من ميليشياتها وفرقها الأمنية المدربة. الرئيس وجماعته أيضا أخضعوا جهاز المخابرات تحت سيطرتها أو على الأقل ضمنوا ألا يسير عكس إرادة الرئيس خاصة بعد استبعاد رئيس الجهاز السابق اللواء مراد موافى وتولى اللواء محمد رأفت شحاتة بدلا منه. وحسب رأى الخبير الأمنى محمود قطرى فإنه من الواضح جدا أن الجماعة تسعى إلى السيطرة على مفاصل الدولة وإلى أخونة جهاز الشرطة والمؤسسات الرئيسية فى الدولة فالجماعة تتسم بالغموض فى عملها ودائما تتآمر من أجل مصالحها ويرجع سبب ذلك إلى أن الجماعة ظلت لفترة طويلة جدا تصل إلى 80 عاماً تعمل تحت الأرض وأغلب صراعاتها كانت تحت الأرض وكل المؤامرات كانت تحت الأرض أيضا. وأشار إلى أن كل ما يتردد عن الحرس الثورى الإخوانى صحيح الآن، خاصة أن زيارة مسئول المخابرات الإيرانية إلى مصر ليس لها ما يبررها الآن والدليل الأبرز أن الجماعة تعطل تقدم الشرطة فى عملها وتسعى إلى أن تبقى فى الوضع التى تسير عليه الآن، فالرئيس مسئول عن عدم تطوير المنظومة الأمنية حتى الآن ولم يلتفت إليها رغم أن هناك عشرات المشاريع التى عرضت عليه ولكنه لم ينظر إليها. وقال: إننا الآن أمام معادلة صعبة تسعى الجماعة من خلالها إلى فرض الحرس الثورى وكان عليها أن تهتم بعودة الأمن، ولكنهم ينظرون إلى السيطرة على مفاصل الدولة أكثر من اهتمامهم بقضايا المواطن المعيشية ولكنى أرى أن مخططهم سوف يفشل خاصة أن هناك حالة من الوعى الكامل داخل جهاز الشرطة وداخل المجتمع المصرى بمخططات الجماعة. وأشار إلى أن الإخوان لديهم ميليشيات منظمة وفرق أمنية مدربة فى أفغانستان ولديهم أسلحة متطورة، فالسلاح أصبح منتشراً فى مصر الآن وتلك الميليشيات ظهرت فى أحداث الاتحادية ومن الممكن أن يكون مخطط الجماعة لهدم الشرطة مخططاً لصوملة مصر أى تسير فى اتجاه التجربة الصومالية وأراهن على فشلهم فى فرض الحرس الثورى أو حتى أخونة الشرطة. وأكد أبو العز الحريرى المرشح الرئاسى السابق أن مكتب الإرشاد هو من يحكم مصر الآن والحالة التى عليها الجماعة ليست حالة حكم بل هى اختطاف للدولة وممارسة كل أشكال الخروج على الشرعية والدستور، فالجماعة تدير مخططات هدم الدولة والسيطرة عليها فهى فى حالة عداء مع الشعب وتريد أن تمسك بالسلطة فى يديها والرئيس مرسى يمارس كل ألوان الانقلاب على الدولة. وأشار إلى أن الجماعة لديها حرس خاص وفرق أمنية مدربة تحاول من خلال تلك الفرق أن تجبر الشعب المصرى على الخضوع تحت سيطرتها وستنفذ ذلك من خلال الحرس الثورى الإخوانى، ومن هنا جاءت فكرة الصفقة مع إيران وتعطيل مؤسسات الدولة الأمنية من خلالها، فإيران تريد أن تعود إلى الساحة المصرية وترتكب خطيئة كبرى، أنها جاءت على أرضية جماعة معادية للشعب، وهذا يجعل العلاقات المصرية الإيرانية على المحك مرة أخرى. وأشار إلى أن أكبر دليل على تهميش الجماعة للداخلية هو منعها من تأمين زيارة المسئول المخابراتى الإيرانى وهذا يشوه الصورة تماما ولكن الجماعة التى تظن أنها أبعدت الجيش وأنه يقف على الحياد فهى مخطئة تماما لأن الجيش لن يقف على الحياد نهائيا لو تطور الأمر إلى مزيد من الصدام مع المجتمع.