تذكرت فيلم أيام السادات.. وأنا أتابع جلسة الحوار الوطنى التى دعا إليها الرئيس مرسى وحضرها مع ممثلين عن «13» حزباً سياسياً من «70» حزباً فى مصر حالياً، لبحث ضمانات نزاهة انتخابات مجلس النواب.. كان «السادات» فى الفيلم قد استقبل بعض أساتذة الجامعات فى منزله، ودعاهم على غداء مكون من الفطير والعسل والجبن، وبينما كان الأساتذة يلهطون الأكل قال أحدهم للسادات الذى جسد دوره الفنان القدير أحمد زكى: ياريس الشعب محتاج مزيداً من الحرية والديمقراطية، فتوقف السادات عن الأكل وقال له: جالس مع الرئيس فى بيته وبتاكل فطير وعسل من إيديه وعاوز حرية وديمقراطية أكثر من كده. وفى حوار مرسى مع ممثلى الأحزاب قال أحدهم له: ياريس نحن بنتهم فى الخارج بأن مرسى يحاور مرسى! وفى نهاية جلسة الحوار، عقب الرئيس على كلمات بعض المتحدثين، وقال للدكتور محمد محيى الدين ممثل حزب غد الثورة: ما انت جالس معى وبتحاورنى أهه، إيه حكاية أحاور نفسى؟! جلسة الحوار كانت ستنتهى نهاية غير سعيدة، وخرجت عن الخط الدرامى الذى رسمه لها الدكتوران باكينام الشرقاوى وأيمن على مساعدا الرئيس، قام خلالها المهندس يونس مخيون رئيس حزب النور بأكثر من دور، وهدد بالانسحاب عندما اكتشف أن ترتيب الكلمات سيجعله يتحدث بعد انصراف الرئيس، أما عن الدور الأول الذى أداه مخيون فكان عاماً طالب فيه بتحصين الانتخابات دستورياً وتوفير المناخ السياسى وتشكيل حكومة محايدة لإجراء الانتخابات، أما عن الدور الخاص، فكان يتعلق بشكل غير مباشر بأزمة حزب النور مع الرئاسة على خلفية إقالة الرئيس لمستشاره الدكتور خالد علم الدين أحد قيادات حزب النور، حيث اعترض «مخيون» على إجهاض مبادرة حزبه للمصالحة الوطنية ولم الشمل، وعلى عدم استشارة حزبه فى تحديد مواعيد إجراء الانتخابات، وأعرب عن مخاوفه من استغلال موارد الدولة لصالح فصيل معين فى الانتخابات، وقدم مذكرة إلى الرئيس عن تعيين الكثيرين من حزب معين ويقصد طبعاً الحرية والعدالة فى معظم المحافظات مما يتنافى مع عدالة التوزيع،كماأعرب عن مخاوفه من عملية تعيين الجهاز المعاون للقضاء فى الانتخابات بطريقة عشوائية، وعلق الرئيس على كلام مخيون قائلاً: إذا كان عند مخيون كلام يقلقه فأنا مستعد للجلوس معه! انفعال «مخيون» وهدوء «مرسى» وصمت «الكتاتنى» مؤشر على انفراط عقد تحالف التيار الدينى، وأن صراعاً سينشأ بين الحرية والعدالة والنور على كعكة مجلس النواب، ويسعى النور إلى التكتل مع تيارات دينية أخرى للحصول على الأغلبية البرلمانية والحكومة وتبقى الرئاسة للحرية والعدالة، بعد مقاطعة أحزاب جبهة الإنقاذ للانتخابات. الكلام الذى قاله الدكتور ثروت بدوى خطير، هو يريد إعلان حالة الطوارئ فى مصر بالكامل، ومحاكمة القضاة الذين يتدخلون فى السياسة، وقال إن لجنة الدستور، كانت ستضع دستوراً عظيماً لولا تدخل المعارضة فى فرض نصوص معينة، والمستشار الخضيرى قال: إن ضمانات نزاهة الانتخابات لن تنفذ إلا بتوافر الإرادة السياسية وضرب مثالاً قائلاً: اللى خايف من تزوير الانتخابات عامل زى اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى، ولكنه أى الخضيرى سلم مذكرة إلى الرئيس مرسى تتحدث عن الدوائر الانتخابية وقال لو أصاب الدوائر الحالية أى عوار فسيكون قانون الانتخابات باطلاً. عموماً أى كلام عن نزاهة الانتخابات يعتبر «كلام معقول» وطالما شبهه المستشار الخضيرى بالنفخ فى الزبادى، فإننا نذكره بالزبدة، وكلها مشتقات ألبان، فحديث الليل مدهون بزبدة تطلع عليه الشمس يسيح، واللجنة العليا للانتخابات إذا كنا وكانوا يذكرونها بالنزاهة والحيدة، فإن ذلك ليس خافياً عليها، ولكن أين آليات تطبيق ذلك. لجنة الحوار أخذت بالتوصيات السهلة التى يعرفها الجميع، كما كان يتحدث عنها النظام السابق ويفعل عكسها، وتجاهلت اللجنة كلاماً آخر معقول طالب به البعض فى الحوار وهو تشكيل حكومة محايدة لإجراء الانتخابات وإعادة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية العليا للتأكد من تنفيذ مطالبها، ولم تجب اللجنة عن السؤال الصعب وهو كيفية تنفيذ إجراء الانتخابات فى ظل حالة الاحتقان والعصيان.