معظمهم بالكاد تخطى عتبة العشرين من العمر. ضاقوا ذرعا، كما غيرهم، بالقذافي وسئموا بطشه وجبروته، وطالبوا حتى قبل أن تنفجر الثورة الشعبية برحيله هو وعائلته. كانت لديهم مطالب، فقرروا إيصالها على طريقتهم الخاصة، من خلال أغاني الراب. أنشأ أربعة شباب منهم في بنغازي عام 2008 مجموعة راب أطلقوا عليها اسم "ستريت بيت". أصبح اسمها اليوم "ريفولوشن بيت". يقول إسلام، 21 عاما، وهو أحد مؤسسي الفرقة ومهندس الصوت والمغني أيضا: "لقد حملت أغانينا ما كنا نشعر به من غضب من الأوضاع في مجتمعنا ونددنا بالظلم والفقر والفساد في ليبيا. لكن الخوف وصغر السن حالا دون التعبير عنها بصراحة قبل ثورة 17 فبراير. فاكتفينا بالإيحاء والإشارة، وكنا نؤلف الأغاني ونلحنها ونغنيها بما تيسر لنا من إمكانيات. وكانت الفرصة الوحيدة أمامنا لعرض أغانينا جامعة قاريونس في بنغازي, التي كانت تخصص أسبوعا في كل عام لاكتشاف المواهب، لكنها تراقب كلمات أغانينا قبل غنائها." يتابع إسلام: "كنا في عراك متواصل مع اللجان الثورية، وهي المجموعات التي تدين بالولاء والوفاء للعقيد القذافي ولها فروع في كل الجامعات والكليات وكانت تمنعنا من الغناء باللغات الأجنبية التي تعتبرها من "المظاهر الهدامة" كما ورد في الكتاب الأخضر كما كانت تمنعنا من استخدام آلة الغيتار باعتبارها دخيلة على الموسيقى الليبية وطالما أغرتنا لجان القذافي بالمال للتغني بقائد الثورة وصانع خير الأمة". ويعترف إسلام لفضائية فرانس 24 بأن أغاني مجموعته كانت مستهجنة نوعا ما قبل الثورة من قبل بعض فئات المجتمع "إلا أن وقع الثورة على هذا النوع من الموسيقى كان أشبه بالسحر حيث اكتشفت فئات من الجماهير موسيقانا ولم تعد مقتصرة على الشباب، أو على الشبان دون الشابات. فالكل يجد فيها اليوم متنفسا ويلمس فيها صدقا وواقعية". ويرى زميله معتز، في 23 عاما، أن الثورة الشعبية جعلت كل المواضيع متاحة اليوم مما أضفى على أغاني المجموعة واقعية أكبر وقربا أكثر من المستمع "بعد أن تلاشت كل الخطوط الحمراء التي كانت تعرقلنا". يضيف: "ميزة أغانينا أنها ملتزمة تطمح للأفضل وتطالب بالعدالة وهي مطالب مشروعة. وقد قمنا خلال الأيام الأولى للثورة في بنغازي بشحذ همم الثوار في حربهم ضد نظام القذافي ونحضر الآن أغاني ثورية جديدة لتحفيز عزائم الثوار في كافة ربوع ليبيا وتشجيعهم على طريقتنا الخاصة، فأغانينا هي قطعا أغاني الحرية والتحرر". ويشير معتز مفتخرا إلى أن شهرة أغاني المجموعة غزت مدنا مجاورة حيث يرددها الشباب اليوم في مدن قرنة والبيضاء وطبرق وأجدابيا. يشكو إسلام من "أن الإمكانيات محدودة حيث يمول الفريق نفسه بنفسه ويساهم كل فرد منه في تمويل المجموعة وتوفير المال اللازم لاقتناء المعدات التقنية المطلوبة, إلا أن الأوضاع المادية بدأت تتحسن، كما أن عددا من المعجبين قاموا بالتبرع ببعض المعدات". وقريباً تنظم "ريفولوشن بيت" أولى الحفلات الخاصة في ساحة الاعتصام في بنغازي، ساحة التحرير الليبية، مما سيعود على المجموعة بموارد هامة لتمكينها من المزيد من الشهرة و النجاح. شاهد أغنية "زنجة.. زنجة"