تطوع بعض الشباب المصرى للمحاربة فى صفوف المعارضة بإحدى الدول العربية ضد الحاكم تحت عنوان الجهاد فى سبيل الله يحتاج مننا جميعا أن نشعل الضوء الأحمر أو أن ندق ناقوس الخطر، لماذا؟، لأسباب كثيرة يمكن اختزالها فى خطورتها على استقرار وسلامة الوطن، وهذه الخطورة هى التى تدفعنا إلى التساؤل: هل المحاربة فى صفوف معارضة بإحدى الدول ضد حاكمها المسلم يعد جهادا فى سبيل الله؟، وهل الذى يقتل فى هذه المواجهات ينال درجة الشهادة؟، وهل الدولة المصرية فى عهد الرئيس مرسى ستفتح الباب على مصراعيه لشبابنا لكى يحاربوا ضد حكام الدول العربية؟، وهل يجوز شرعا أن يترك الشاب أسرته وعمله وبيته لكى يحارب فى صفوف مجموعة تسعى للحكم بالسلاح؟، هل الجهاد فى مفهوم جماعة الإخوان المسلمين أن يحارب المسلم أخاه المسلم؟، هل الجهاد فى سبيل الله أن أسفك دماء من يعتقد انه يجاهد هو الآخر فى سبيل الله؟. بالأمس نشرت بعض الصحف خبر استشهاد الشاب محمد محرز المحامى خلال قتاله فى صفوف المعارضة السورية، ذكرت جريدة الشروق فى صفحتها الأولى أن الشهيد هو شقيق ياسر محرز المتحدث الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين، وأشار الخبر إلى ان الشاب ذهب إلى سوريا منذ ثلاثة أشهر للجهاد مع كتائب الجيش الحر ضد قوات الرئيس بشار الأسد، وأكد الخبر أن الشاب قبل سفره حصل على فتوى من بعض مشايخ الأزهر الشريف سمحت له بالجهاد فى سوريا. وقد نشر موقع الحرية والعدالة رثاء وعزاء د.عصام العريان لأسرة الشاب كتبه على صفحته بالفيس بوك، أكد العريان فى رثائه: نحسبه شهيدا، وتقبله الله تعالى وعوض زوجته وابنته وأسرته خيرا، جزاء الصابرين المحتسبين.. خالص العزاء إلى أخى المهندس عبد المجيد وابني ياسر وأسرة الشهيد، وبخاصة أرملته الشابة التي شجعته على السفر حسبة لله تعالى..كل من يسأل الله الشهادة بصدق سيبلغه الله بفضله منازل الشهداء؛ تصديقا منا بحديث رسولنا صلوات الله وسلامه عليه». وقد تابعت مساء أمس الأول بقناة 25 يناير التابعة لجماعة الإخوان خبرا عن الشاب واتضح من الخبر أن العديد من الشباب التابعين لجماعة الإخوان سافروا للمشاركة فى القتال الدائر بين المعارضة والجيش السورى، وذكر الخبر أسماء وصور العديد ممن سبق واستشهد فى هذه الحرب. لا أخفى عليكم لقد شعرت بالقلق والفزع والأسى مما قرأت وشاهدت وسمعت، هل قتال المسلم للمسلم يعد جهادا فى سبيل الله؟، هل نص قوله تعالى: «إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين الحجرات 9»، هل هذا النص يخاطب الأفراد أم الجماعة أم الحكام؟. المتفق عليه انقسام الشعب السورى حوال حكم بشار الأسد، والمتفق عليه كذلك أن ألافًا من قوات الجيش النظامي تقف معه، كما أن هذه الآلاف من الجنود والضباط وضباط الصف يؤمنون بأنهم على حق وأنهم يجاهدون فى سبيل الله والوطن لحماية بلادهم، والذى يموت منهم فى القتال يحتسبونه شهيدا عن الله، فى المقابل المئات من المعارضة للحاكم يقاتلون لكى يرفعوا الظلم والبطش عنهم ولكى يقيموا دولة ديمقراطية أو إسلامية يسود فيها العدل، وهؤلاء كذلك يعتقدون أنهم يجاهدون فى سبيل الله والوطن، ويحتسبون قتلاهم شهداء عن الله تعالى، الفريق الحكومى يرى فى المعارضة إرهابيين وخوارج وقتالهم واجب شرعى ووطنى، والمعارضة ترى أن الحاكم ظالم وباطش وزنديق وربما كافر وقتاله واجب شرعى ووطنى، بين هذا وذلك هل يمكن أن انحاز لأحدهما؟. قد يتطوع أحد الشباب المصرى للقتال فى صفوف الجيش السورى النظامى معتقدا أنه يجاهد فى سبيل الله، وان موته فى هذه المواجهات سيجعله ينال الشهادة، وقد يتطوع أحد الشباب المصرى للقتال فى صفوف المعارضة معتقدا هو الآخر انه يجاهد فى سبيل الله وأن موته هو الفوز بالشهادة التي تدخله الجنة. أخطر ما فى هذه الإشكالية ان الحكومة المصرية برئاسة الرئيس محمد مرسى وعشيرته يفتحون الباب أمام الشباب المصرى للقتال ضد الحكام العرب تحت عنوان الجهاد فى سبيل الله، وهو ما يعنى أنهم لا يشجعون فقط على إزاحة حكام الدول العربية بل يشاركون فيها بالشباب تحت عنوان الجهاد، والأمر الثانى أن هؤلاء الشباب يعتقدون أن موتهم هو فوز بالشهادة، الأمر الثالث: ما مصير وشكل البلاد بعد عودة المجاهدين من سوريا وفلسطين والجزائر وأفغانستان وليبيا وغيرها من البلدان التي سيسافر إليها شباب جماعة الإخوان للجهاد؟، ما هو وضع العائدون من الجهاد والقتل والدماء؟، وماذا لو شكلوا جماعات سياسية بعناوين دينية؟، وماذا لو رفعوا السلاح لتحقيق مطالبهم؟، هل جماعة الاخوان ستحول مصر إلى جزائر جديدة أو إلى أفغانستان أخرى أو مالى؟، هل مصر ستكون «قاعدة للمقاتيل» تحت عنوان الجهاد ورفع راية الإسلام؟.