بقلم المستشار: عبدالعاطي محمود الشافعي واليوم.. سيدي المسيح عليك السلام تعيش مصر "عيد القيامة".. وغداً "عيد تحرير سيناء".. وكأنما جاء تتابع الأعياد في هذه الآونة بالذات ليذكر الناسين ويعلم الجاهلين أن شعب مصر الكنانة الذي بهر الدنيا منذ فجر التاريخ بحضارته.. أثار إعجاب العالمين بتماسكه وترابطه ووحدته.. هو شعب رسخت فيه فضائل الوفاء والصفاء والنقاء.. واعتنقت روحه قيم المودة والمحبة والإخاء.. مع قوة الإيمان بالإله الواحد.. فاطر الأرض والسماء.. تلك الفضائل السامية والقيم الراقية التي قرعت أسماع الدنيا ساعة ميلادك المجيد سيدي المسيح.. حين انطلقت الترنيمة الملائكية: »المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة« ولقد كان السلام وهو تاج كل القيم والفضائل وأمل كل البشر المتأخرين منهم والأوائل.. كان هو - السلام - هو رفيقك وحليفك في مسيرتك العلوية المقدسة ذات المجد الرفيع والشرف المبين منذ ولادتك حتي قيامتك وإلي يوم الدين.. ذلك قولك الحق.. الذي سجله لك وعنك آخر الكتب السماوية »والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً«.. والسلام هو إكسير الحياة.. وطوق النجاة.. وهو حب الوطن وحب الناس بعد حب الله. ولأن مصر الكنانة هي أرض المحبة والمودة والإيمان وواحة السكينة والاطمئنان اختارتها ووفدت إليها العائلة المقدسة دون سائر الأمصار والبلدان.. وآنذاك - سيدي المسيح - سعد بمقدمك شعب مصر.. وأحبك منذ كنت بالمهد صبياً.. وأنت من بعد قد أحببته.. ثم دعوت له حين بشرته بقولك »مبارك شعب مصر«.. وتفتحت لدعائك وبشارتك أبواب السماء.. ليتعاظم في مصر الأمن والأمان.. وتحل البركة ويزيد النماء.. وقبل انقضاء ستة قرون علي مولدك - سيدي المسيح - كان مولد أخيك محمد عليكما السلام جاء ليتمم ما بدأت من مكارم الأخلاق ويشيع كما فعلت بين الناس المحبة والسلام وينكر أهل الشقاق والنفاق.. وبهذه القيم النبيلة التزم شعب مصر علي مر العصور والأزمان.. يقدِّم للدنيا قاطبة المثل الأعلي في الأخوة الإنسانية.. في التراحم والتسامح.. ففي مصر المسيحية والإسلام يتواصلان.. والمسجد والكنيسة يتجاوران.. والهلال والصليب يتلازمان.. والتحدي الأكثر أن يعثر واحد من البشر علي أدني علامة فارقة بين المصري المسلم والمسيحي.. فهم جميعاً متشابهون في الجوهر والمظهر والعادات والسمات.. في الأسماء والألقاب.. في الطباع والصفات.. يجمعهم الإيمان الرشيد والالتزام المستنير بتعاليم السماء ويصون وحدتهم الولاء للوطن والغيرة عليه وقوة الانتماء.. وتؤلف بين قلوبهم العروة الوثقي من المحبة والمودة.. والصفاء والنقاء. وإذا كانت مصر الكنانة - سيدي المسيح - قد تميزت علي كل الأمم.. وتفردت بوحدة صفها، ومتانة نسيجها وتناغم وتراحم وتسامح وتكافل أهلها.. مما صارت معه وبحق.. هي المثل الأعلي والنموذج الأعظم للوحدة الوطنية.. والأخوة الإنسانية.. فقد استكثر عليها ذلك بعض شياطين الإنس دعاة الفتنة والبهتان والرجس فأخذوا يُصوبون إليها سهامهم المسمومة أو يشنون عليها حملات حقدهم المحمومة وانبرت منهم فئة ضالة مأجورة.. في حملة حقد خبيثة مسعورة.. تحاول التشكيك في مناخ العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص.. الذي يسود مصر الكنانة وتستميت كي تنال من نسيج شعب مصر.. وتنكر عليه قوته وتماسكه وعنفوانه. تُري - سيدي المسيح - هل أغضب دعاة الفرقة والبغضاء.. وأثار أضغانهم وحفيظتهم أن تظل مصر هي البلد الطيب الودود الآمن والأمين.. الذي باركته ودعوت له بالبركة قبل نحو ألفين من السنين.. والذي وصفه أخوك محمد بأن شعبه في رباط إلي يوم الدين.. وأنه يستحيل أن يقدر أحد علي أن يُفرق بين أهلها مسلمين ومسيحيين.. فراحوا يعبرون عن خُبث طويتهم.. ويفصحون عن سوء سريرتهم.. ويخترعون حكايات الزيف والزور والبهتان يدفعهم ويشد من أزرهم أعداء الإنسانية دعاة الهمجية إخوان الشيطان. سيدي المسيح.. لا تقلق علي مصر فإنها محروسة بعناية السماء وبقوة نسيج أبنائها الأبرار الشرفاء.. مؤمنة آمنة.. منذ باركت شعبها ومن قبلك أخوك يوسف دعا لها: »ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين«.. ومن بعد أخوك محمد.. وصفها وأرسى لها استقرارها وأمنها بقوله: »مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله«.. ولا تذهب نفسك عليهم حسرات.. علي هؤلاء الخونة المردة الحاقدين.. الذين لم يرضهم انتظام شعب مصر - مع إيمانه القوي - في نسيجه القوي المتين. ومن أرض مصر الكنانة وبلسان حال شعبها الصادق الأمين.. عليك السلام يوم مولدك ويوم قيامتك وفي كل وقت وحين. عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية