اغتيال شكرى بلعيد، أحد رموز المعارضة الوطنية فى تونس، مؤشر خطير على دخول ثورات الربيع العربى دائرة العنف، والنفق المظلم بعد فشل تيار الإسلام السياسى، فى تقديم نموذج حكم يقوم على المواطنة واتباعه سياسة الإقصاء ولجوئه إلى الاغتيالات والتصفية الجسدية. أنصار حزب حركة النهضة الإسلامى الذى يرأسه راشد الغنوشى متهمون بالتحريض على تصفية قيادات المعارضة، وعلى رأسهم بلعيد الذى سقط برصاصات غادرة، بعد أن قالوا له تعال إلى هنا إذا كانت عندك رجولة، ومصر هى تونس، ما يحدث هناك يحدث هنا.. نخشى أن تحدث سلسلة اغتيالات فى مصر تستجيب للفتاوى السوداء التى نسمعها يومياً من أمثال محمود شعبان، الذى دعا إلى قتل المعارضين للرئيس وزعم أن حكمهم فى شرع الله القتل، والشيخ وجدى غنيم الذى طالب الرئيس مرسى بأن «ينشف» ويكون قوياً، و«ميخافش» من معارضيه، وأقسم برب الكعبة أنه يقولها علناً ويحرض على قتل المجرمين الحرامية البلطجية!. مصر وصلت إلى مرحلة العنف ولا أحد يحاسب المحرضين عليه، مطلوب أن يأمر النائب العام بالتحقيق مع شيوخ فتاوى الاغتيال، ومنعهم من الظهور فى الفضائيات لوقف نزيف الدم. مشايخ القتل لم يكفوا عن التحريض على العنف كما حدث أمام مدينة الإنتاج الإعلامى عندما وقف «حازمون» يطلبون الإذن الرئيس قائلين له: إدينا إشارة واحنا نجيبهم لك فى شيكارة»، و«امسك مدفعك الرشاش» وغير ذلك من عبارات التحريض على التصفية الجسدية. شكرى بلعيد تنبأ بعملية اغتياله قبل 24 ساعة، كان «بلعيد» قد عقد مؤتمراً صحفياً يوم «الثلاثاء».. انتقد فيه حزب حركة النهضة التونسى، واتهمه بإضعاف المؤسسة الأمنية والجيش، والتآمر على تونس، ووجه أصابع الاتهام إلى رابطات حماية الثورة التى شكلها حزب النهضة، معتبرها ميليشيات حركة النهضة، وأكد أنها ستسعى إلى القيام باغتيالات قريبة، وكان هو أول أهدافها. التيار الذى اغتال بلعيد فشل فى مواجهة الفكر بالفكر، والكلمة بالكلمة، فقرر أن يحسم الصراع بالدم. وفجر اغتيال بلعيد ثورة ثانية فى تونس، وعمت المظاهرات صفاقس وسوسة وقفصة وسيدى بوزيد للتنديد بحزب النهضة، وردد المتظاهرون الهتافات ضد الغنوشى وحزبه قائلين «خبز.. ماء.. النهضة لا».. وأشعلوا النيران فى بعض مقرات النهضة. ولد شكرى بلعيد «49 عاماً» فى جبل الجلود بولاية تونس وعمل محامياً، وبعد الثورة كان الناطق الرسمى لحركة الوطنيين الديمقراطيين، وكان عضواً فى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وترشح فى انتخابات المجلس الوطني التأسيسى على قائمة مشتركة مع حزب الطليعة العربى الديمقراطى تحت اسم ائتلاف الكرامة، إلا أن الائتلاف لم يوفق، وانتخب بلعيد أميناً عاماً لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وهو تيار اشتراكى يؤمن بحقوق المواطنين، وبالفكر الاشتراكى فى مواجهة الرأسمالية والإمبريالية. الظروف فى مصر وتونس متشابهة منذ قيام ثورة الياسمين هناك، وثورة «25 يناير» هنا، أحداث العنف فى تونس، يقع مثلها فى مصر، حتى حالة الطوارئ التى فرضت هناك، عندنا مثلها فى مدن القناة، هناك احتجاج على الحكومة الحالية فى تونس، وتم إجراء تعديل وزارى لاختيار وزراء تكنوقراط بعد ثورة المعارضة على اغتيال بالعيد، وعندنا رفض شديد لحكومة قنديل ومطالبات بإقالتها وتعيين حكومة جديدة محايدة، عندهم محرضون على العنف والقتل باسم الإسلام وعندنا جهلة يدعون إلى قتل المعارضين، نحذر من الدخول فى هذه الدائرة التى تقضى على الأخضر واليابس. مطلوب أن ننبذ العنف، وفتاوى القتل التى تضاعف من التدهور والارتباك، والحفاظ على النفس التى يقدرها الله أكثر من الكعبة، مطلوب استنكار لفتاوى القتل، ومحاكمة أصحابها بتهمة التحريض على القتل.