لسنا ضد الشرطة ونثمن دورها وتقدر ما تعانيه فى مواجهة انفلات أمنى واجتماعي، ولكن للصبر حدود، وما حدث مساء الجمعة الماضى من سحل مواطن وتعريته بالكامل، وعرض المشهد على الشاشة أمام الملايين، بالإضافة إلى عمليات قتل وضرب وأعمال عنف مختلفة ضد المتظاهرين مشاهد أبكت الملايين يوم الجمعة الدامى. لا شك أن السينما المصرية على مدى تاريخها جسدت تجاوزات الشرطة فى عصر الملك فاروق وعصور عبدالناصر والسادات ومبارك، ربما هناك بعض المبالغة فى بعض الأفلام لأسباب سياسية، ولكن المؤكد أن السينما استطاعت فضح تجاوزات الشرطة وعمليات التعذيب التى تصل فى بعض الأحيان للقتل ونحاول هنا أن نلقى الضوء على بعض الأفلام التى فضحت الشرطة فى العصور المختلفة. فيلم «فى بيتنا رجل» إنتاج 1962 بطولة عمر الشريف وزبيدة ثروت وحسين رياض ورشدى أباظة وحسن يوسف، إخراج بركات. وكان ميكس تجاوزات الشرطة والبوليس السياسى فى عصر الملك فاروق وجسد الفيلم تعذيب البوليس السياسى للمتهم فى قضية قتل رئيس الوزراء وتعذيب حتى من يعرفونه وشاهدنا ضربا وتعذيب لحسن يوسف ورشدى أباظة داخل السجن لإجبارهم على الاعتراف، كان هذا الأسلوب ما يسمى بالبوليس السياسى فى عصر الملكية. فيلم «ليل وقضبان» إنتاج 1970 بطولة سميرة أحمد ومحمود يس ومحمود مرسى وصلاح منصور، تناول هذا الفيلم قصة سجين تورط فى علاقة مع زوجة مأمور القسم وهو رجل قاسى القلب، وعندما علم بهذه العلاقة كان جزاء السجين إطلاق الكلاب البوليسية عليه لنهش لحمه فى مشهد صعب للغاية، وكان السجين يعمل كهربائياً ويتردد على بيت المأمور لإصلاح الأعطال، واستدرجته الزوجة. فيلم «الكرنك» إنتاج 1975 بطولة سعاد حسنى وكمال الشناوى ونور الشريف وفريد شوقى، تأليف نجيب محفوظ. جسد هذا الفيلم عملية التعذيب للسجناء فى عصر جمال عبدالناصر، وتعدد التعذيب بين الصعق الكهربائى، وإطفاء السجائر فى الأجساد. والضرب المبرح والضرب بالعصا حتى الموت واغتصاب النساء. فيلم «إحنا بتوع الأتوبيس» إنتاج 1977، بطولة عادل إمام وعبدالمنعم مدبولى وعقيلة راتب وسعيد عبدالغنى.. جسد هذا الفيلم أيضاً التعذيب فى السجون والقبض على المواطنين واعتقالهم دون سند قانونى، وتلفيق التهم والتعذيب للاعتراف بجرائم وهمية وكان الجديد فى هذا الفيلم إقدام الشاويش على قتل الضابط بعد أن تأكد أنه يعذب أبرياء. فيلم «زوجة رجل مهم» إنتاج 1987 بطولة أحمد زكى وميرفت أمين.. عبر هذا الفيلم عن تجاوزات الشرطة فى حقبة السبعينيات، ومدى سطوة رجل الشرطة ومباحث أمن الدولة، والقبض على المئات عقب مظاهرات 18 و19 يناير 1977 وإجبارهم على اعترافات وهمية كشف الفيلم عن سلطة رجال الأمن وشعورهم أنهم يحكمون البلاد، واضطر النظام فى تلك الفترة لإقالتهم لتحسين الصورة بعد الكشف عن التعذيب وإجبار الناس على الاعتراف. فيلم «البريء» إنتاج 1986 بطولة أحمد زكى ومحمود عبدالعزيز وإلهام شاهين، إخراج عاطف الطيب.. جسد الفيلم شخصية فلاح مصرى مطلوب للتجنيد، وعندما يتم الفرز يحول إلى حراسة المعتقلات لقوة بصره، ويؤمر من رؤسائه بضرب وتعذيب المثقفين المعتقلين ويكشف أن كل المثقفين أبرياء ويدفع حياته ثمناً لهذا الموقف. فيلم «التحويلة» إنتاج 1996 بطولة فاروق الفيشاوى ونجاح الموجى وأحمد عبدالعزيز ووفاء عامر.. يتناول القبض على مجموعة من الأبرياء وتعذيبهم فى السجون بصورة وحشية ويتغلب المساجين فى النهاية على الضباط فى مشهد انتقامى. فيلم «عمارة يعقوبيان» إنتاج 2006 تأليف علاء الأسوانى بطولة عادل إمام ونور الشريف ويسرا وخالد صالح وسمية الخشاب وإسعاد يونس وخالد الصاوى، إخراج مروان حامد .. هذا الفيلم فضح ممارسات أمن الدولة فى عصر مبارك والقبض على المتظاهرين الأبرياء وتعذيبهم لأقصى درجة ووصل الأمر إلى حد الاعتداء الجنسى على الشباب وقسوة المعاملة بصورة كبيرة تحت شعار الحفاظ على أمن الدولة، مما اضطر أحد الذين تم تعذيبهم لقتل الضابط الذى أشرف على تعذيبه والاعتداء عليه بإطلاق وابل من الرصاص عليه عند خروجه من مكتبه وقتل على الفور. فيلم «أبو على» إنتاج 2005 بطولة كريم عبدالعزيز ومنى زكى وطلعت زكريا وخالد الصاوى. جسد خالد الصاوى فى هذا الفيلم شخصية الضابط صاحب السلوك غير السوى الذى يلفق قضية لأحد الأبرياء ويهرب المتهم البريء تحت وطأة الشرطة، وفى النهاية يتغلب المتهم البريء على الضابط الظالم. يوضح الفيلم قسوة رجال الشرطة فى عصر مبارك، وقتلهم للأبرياء فى المطاردات. فيلم «هى فوضى» إنتاج 2007 بطولة خالد صالح ومنة شلبى وهالة فاخر ويوسف الشريف، إخراج يوسف شاهين وآخر أعماله. يتناول فساد الشرطة من خلال شخصية أمين شرطة الذى يفرض سيطرته على أهل المنطقة التى يسكنها، يفرض إتاوات على الأهالى ويقوم بتعذيبهم داخل السجن، ويقوم بعلاقات جنسية مع النزيلات داخل السجن ويمارس جميع الانتهاكات، وفى النهاية تقوم ثورة على الشرطة وينجح الأهالى فى الانتقام من أمين الشرطة الفاسد. ولكن هناك حقيقة يجب أن نذكرها أن السينما لم تكن ضد الشرطة على طول الخط، وهناك العديد من الأفلام أظهرت الوجه الإيجابى للشرطة، أبرزها «كلمة شرف» الذى جسد فيه الفنان الكبير أحمد مظهر دور عميد شرطة يغلب الإنسانية على القانون وفيلم «بطل من ورق» الذى جسد فيه صلاح قابيل شخصية رجل الشرطة كما يجب أن تكون، ولا ننسى الفنان الكبير الراحل كمال الشناوى الذى أبدع فى تجسيد شخصية وزير الداخلية فى فيلم «الإرهاب والكباب» ومدى حكمته وعدم تهوره فى التعامل مع أزمة احتلال مجمع التحرير. وأيضاً دور رجال الشرطة فى محاربة الإرهاب من خلال فيلم «الإرهاب» لنادية الجندى وصلاح قابيل. السينما فى معظم الأحيان تعكس الواقع وربما تحدث بعض المبالغة ولكن تبقى السينما مرآة للواقع فى كل العصور.