بعد تردد أنباء عن إلغاء دعم مرشحي الرئاسة، وهو حوالي نصف مليون جنيه لكل مرشح، مع السماح للمرشح أن يتلقى تبرعات نقدية من المصريين أو من الحزب الذي رشحه، وبهذا سوف يواجه كل مرشح مشكلة التمويل، فهذا النوع من الدعاية مكلف جداً، وحتى لو استمر الدعم فمبلغ النصف مليون جنيه لن يكون كافياً. ومن ثم فهذا قرار صائب سيجلب مرشحين جادين ويجعل الفيصل هو البرنامج الانتخابي، وليدعم كل مرشح من ماله الخاص وليس من مال الشعب المحتاج لكل جنيه للتنمية والإصلاح، وهذه الحالة صورة من صور الديمقراطية، وأيضاً لأن عدد المرشحين في زيادة مستمرة فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن شخصيات تريد المنافسة على عرش مصر، ولكن هذه التكلفة ربما تعيق بعض المرشحين عن توصيل برنامجهم الانتخابي بشكل مكثف ومنظم بالمقارنة بمرشح آخر تموله مؤسسات ورجال أعمال، مما يفتح المجال للتسابق بين المؤسسات ورجال الأعمال للاشتراك مع المرشحين في صفقات لتمويل الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة بشكل ربما يضغط على المرشح في حالة فوزه بمنصب رئيس الجمهورية بمنطق "هنجحك وتنفعني" أو لتقريب العلاقات مع باقي مرشحي الرئاسة لأنه حتما سيصل أحد منهم لعرش مصر، والحل الآخر للتغلب على مشكلة التمويل أن يقوم المرشح بجمع التبرعات من مصادر مختلفة وهذا ما حدث فعلاً لبعض المرشحين. سيرفع الجميع شعار " ساعدوني وتبرعوا لأصبح رئيسكم ياولاد الحلال من قدم شيء بعد السلطة التقاه تبرعوا حتى أًًصبح رئيسكم ياولاد بلدي أخوكم في حاجة لصوتكم وفلوسكم" وعندما ينجح هذا المرشح سيخرج هذا الشعب العظيم بدعابات ساخرة سيقول البعض "الريس دا عليه ألفين جنيه ثمن بوسترات والذي منه"، وسوف تتراكم الديون على الرئيس ويصبح لدينا الرئيس المخلوع والرئيس المديون، وعندما يتحدث الرئيس يزاحمه أحد المواطنين قائلاً( ياريس ياريس أنا الحاج محمد اللي نظمت مسيرتك في بلادنا والولد ابني اللي كان بيوزع صورك وبرنامجك بعد صلاة الجمعة وفي الميدان عايزين نوظفه وظيفة حلوة كده ومن أشكال الدعاية ( انتخب مرشحنا للرئاسة برعاية شركة (-------) للصناعات الغذائية حصرياً قناة (-------) تنفرد ببرنامج المرشح الفلاني "مع مرشحنا أنت في الأمان جيبك مش مفلس ولا أمين شرطة عليك يغلس شقتك مننا ووظفتك عندنا" قام المرشح الفلاني بتأجيل مؤتمره في محافظة كذا بسبب عدم وجود تكاليف السفر والدعاية الانتخابية . هى مشاهد طريفة وغريبة على المجتمع المصري والعربي إذاً، فلأول مرة يتم التبرع لشخص حتى يصبح رئيساً للدولة فقد تعودنا أن يأتي علينا الرؤساء بالبراشوت، ولكن ذلك قمة الديمقراطية عندما يكون الرئيس شخصاً عادياً بلا ممتلكات وبلا مليارات في البنوك، وهو أيضاً مشهد يوضح ضرورة أن يكون الإعلام محايداً، وأن يقتصر دوره على التوعية والعرض فقط، وأيضاً يوضح مشكلة التمويل فقمة الديمقراطية عندما يتحاور الرئيس مع جماهير كبيرة ويستمع إلى صوت الشعب قبل توليه السلطة حتى يعرف آلامه واحتياجاته، فقد سئمنا من رؤساء البراشوتات، وجميل أن يكون الرئيس من أهلك وناسك أو زميلك في العمل أو جارك أكل معك وتشاجر معك، ومن الطبيعي أن يتبرع المواطن البسيط لإنجاح حملة المرشح الذي يراه الأفضل والأنسب لهذه المرحلة من وجهة نظره والذي يحقق أحلامه واحتياجاته. وربما يكون الدعم بتوفير وتسهيل أدوات الدعاية بدعم شخصي من المواطنين من محبي ومؤيدي هذا الشخص، وهو ما حدث بالفعل مع حمدين صباحي حيث قام أحد مؤيديه بمحافظة كفر الشيخ بطباعة 80 ألف لوحة "بوستر" عليها صورة الصباحى دون علم الصباحي بذلك، ورغم مميزات أن يتكفل المرشح والحزب بتكاليف الدعاية الانتخابية ، إلا أنني أخشى أن يكون الإعلام منحازا لبعض المرشحين، وأخشى من نفوذ رجال الأعمال، والمؤسسات، وشركات الدعاية, في تدعيم مرشحي الرئاسة باستغلال ذلك للظهور الإعلامي، أو باستغلاله بطرق ملتوية بعد فوز المرشح بمنصب رئيس الجمهورية، وأخشى أيضا أن يظلم بعض المرشحين، أو يمنع أصحاب الكفاءات من الترشح للمنصب بسبب ضعف التمويل .