لقد أكدنا في حزب الوفد وسنظل نؤكد أن مصر بحاجة إلي دستور جديد يعيد السيادة إلي الشعب، فالدستور الحالي الذي تجاوزه الزمن لا ينفع معه التعديلات العرجاء المزمع إدخالها عليه من قبل نظام الحكم الحالي الذي يحتاج إلي التغيير قبل تغيير الدستور، لقد خرج علينا أذناب النظام وأبواقه بالتهليل لطلب الرئيس مبارك بتعديل 34 مادة من الدستور مبشرين الشعب المغلوب علي أمره بأنه سوف يحيا حياة ديمقراطية لا مثيل لها، وذلك علي خلاف الحقيقة، فالتعديلات المزعومة لا تمثل الحد الأدني لطموحات الشعب، بل إنها تمثل ردة إلي الوراء واعتداء صارخاً علي بعض المواد التي تمثل علامات مضيئة في هذا الدستور وهي المواد 41، 44، 45 وهي من أهم مواد الحريات العامة والتي قال عنها محمود أباظة، رئيس حزب الوفد، في كلمته في مجلس الشعب، وبحق إن الحريات العامة تسمو علي الدستور والحرية هي التي تعطينا الدستور وليس العكس. كما سيمتد العبث إلي المادتين 88 و136، فالمادة 41 تمثل ضمانة حقيقية لحرية المواطنين وتحول دون المساس بتلك الحرية من قبل السلطة التنفيذية إلا بأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة ولضرورة يقتضيها التحقيق ولمدة محدودة فرجال النظام يريدون القبض علي أي مواطن وتقييد حريته ومنعه من التنقل أو السفر دون حاجة إلي الحصول علي إذن بذلك من القضاء أو النيابة العامة وهو الأمر الذي يشكل إهداراً صارخاً لحرية المواطنين وكرامتهم، كذلك المادة 44 من الدستور التي تمثل سياجاً من الحماية لمنازل المواطنين والتي تنص علي أنه للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون. فماذا يريد النظام من إهدار تلك المادة إلا أن يمنحوا سلطتهم التنفيذية المستبدة حق انتهاك حرمات منازل المواطنين التي هي مكمن ومستودع أسرارهم دون قيد أو شرط أو إذن من السلطة القضائية المغضوب عليها هذه الأيام من أهل النظام وأيضاً المادة 45 التي تنص علي أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها ومراقبتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفقاً لأحكام القانون، فماذا يريد هذا النظام من تلك المادة أيضاً هل يريدون استباحة أسرار المواطنين وانتهاك حرماتهم بالتنصت علي هواتفهم والاطلاع علي مراسلتهم دون الحصول علي إذن بذلك من السلطة القضائية المختصة وهي هنا القاضي وليست النيابة العامة وذلك نظراً لخطورة الأمر وتعلقه بأدق أسرار المواطنين، نعم إنهم يريدون ذلك حتي يصبح المواطنون رهائن لدي السلطات الأمنية والتنفيذية وذلك من أجل عيون قانون الإرهاب الذي يريدون فرضه علينا وإرهابنا به بدلاً من إرهابنا بقانون الطوارئ فالعملية هي إحلال قانون يرهبنا علي الدوام بدلاً من قانون ظل يرهبنا طوال خمسة وعشرين عاماً مضت.. ونحن نقول لهؤلاء الحكام فليذهب قانون الطوارئ وأصحابه إلي الجحيم ومن قبله قانون الإرهاب المزعوم ولتبقي تلك المواد بحالتها دون إهدارها بنص جديد تعدون له العدة وذلك حفاظاً علي حريات المواطنين وكرامتهم فقانون العقوبات المصري كفيل بمعاقبة أي مجرم أياً كان جرمه بدءاً من الحبس وانتهاء بعقوبة الإعدام فلسنا بحاجة لقانون الإرهاب، نحن بحاحة لمزيد من الحريات. أما عن المادة 88 من الدستور والتي تشترط الإشراف القضائي علي الانتخابات فالنظام الهمام يريد استبدال الإشراف القضائي بلجنة مستقلة للإشراف علي الانتخابات وأن تتم الانتخابات في يوم واحد بزعم أنهم يخشون علي هيبة القضاء من التعرض للبلطجة، فمن الذي مارس البلطجة في الانتخابات؟! إن الذي مارس البلطجة هم أنصار النظام وحزبه وليس الشعب الذي يكن كل الاحترام لرجال القضاء العظام، يا أهل الحكم إنكم بهذا التعديل المزعوم تريدون تزوير إرادة الأمة والحيلولة دون تداول السلطة وضمان بقائكم في كراسي الحكم إلي الأبد، والذي يؤكد ذلك أيضاً أن أحد رجال النظام الرشيد وهو رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري المستشار عبدالرحيم نافع، قال، علي حد تعبيره (أن الأمريكان اتغاظوا)، من الإشراف القضائي علي الانتخابات وهاجم القضاة بدعوي أنهم يعرقلون الانتخابات داخل اللجان الفرعية ونحن نقول لسيادته إذا كنتم تخشون غيظ الأمريكان فنحن شعب مصر لا نخشاهم فمصر ملك لشعبها وهو صاحب السيادة فيها وهو مصدر السلطات فليس لأمريكا ولا غيرها من الحكام التابعين لها الحق في أن يفرضوا علينا الطريقة التي تدار بها الانتخابات، كما أن القضاة لا يعرقلون الانتخابات داخل اللجان الفرعية وإنما هم يمنعون التزوير الذي دأب النظام وحزبه علي اقترافه في حق الشعب أما عن المادة 136 من الدستور التي تقيد سلطة رئيس الجمهورية في حل مجلس الشعب بحيث لا يجوز له حل المجلس إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب علي ذلك إنهم يريدون إعطاء رئيس الجمهورية سلطة حل المجلس دون استفتاء الشعب وفي ذلك ترسيخ للاستبداد والدكتاتورية واختزال إرادة الشعب في إرادة رئيس الجمهورية وهو ما يفضح زعمهم من أن التعديلات سوف تقلص من سلطات رئيس الجمهورية لصالح سلطات رئيس الوزراء فهذا ضحك علي الذقون فمن الذي يعين الحكومة ورئيسها ومن الذي يقيلهم من مناصبهم إنه رئيس الجمهورية، فبالله عليكم حكومة ورئيسها مصيرهم في يد رئيس الجمهورية هل يمكنهم أن يرفضوا له طلباً أو يعترضوا علي قرار له؟!! إن فعلوا فمصيرهم العزل! فأي تعديلات هذه إنها مسرحية هزلية ألفها وأخرجها ولعب دور البطولة فيها نظام حكم نشأ وتربي علي ترسيخ الاستبداد والفساد والقهر واحتقار الشعب. إن هذا النظام لا يستأهل أن يحكم شعباً عظيماً بحجم شعب مصر. عزيزي القارئ، هذا المقال سبق نشره بجريدة »الوفد« أوائل عام 2007 السكرتير العام المساعد لحزب الوفد رئيس اللجنة العامة للوفد بدمياط