السيسي: السلام العادل حل وحيد لضمان التعايش الآمن والمستدام بين شعوب المنطقة    ارتفاع أسعار النفط 5% مع مخاوف تعطل الإمدادات    قندوسي: سأعود للأهلي وموقفي من الانتقال ل الزمالك.. وكل ما أُثير عن بلعيد غير صحيح    سجل لأول مرة في الدوري الأوروبي.. مرموش يقود فرانكفورت للفوز على بشكتاش بثلاثية    محمد رمضان: هدفنا سرعة حسم الصفقات.. وتوليت المهمة في توقيت صعب    متحدثة "يونيسيف": 300 ألف طفل لبناني دون مأوى بسبب الحرب    تحرك عاجل من الخارجية المصرية بشأن مقتل مصريين في المكسيك    حقيقة استقالة نصر أبو الحسن من رئاسة الإسماعيلي    فتح المتاحف والمسارح القومية مجانا احتفالا بنصر أكتوبر    الجيش الإسرائيلي يعترف بمقتل ضابط برتبة نقيب في معارك جنوب لبنان    رئيس «الإنجيلية» ومحافظ الغربية يشهدان احتفال المستشفى الأمريكي بمرور 125عامًا على تأسيسه    توتنهام يواصل عروضه القوية ويهزم فرينكفاروزي المجري    6 مصابين بينهم طفلان في حادث سيارة أعلى "أسيوط الغربي"    تطورات أحوال الطقس في مصر.. قائمة بدرجات الحرارة    رئيس وزراء العراق: التصعيد في لبنان وغزة يهدد بانزلاق المنطقة في حرب شاملة    إيرادات الأربعاء.. "X مراتي" الثاني و"عنب" في المركز الثالث    6 أعمال ينتظرها طه دسوقي الفترة القادمة    أسرتي تحت القصف.. 20 صورة ترصد أفضل لحظات وسام أبوعلي مع عائلته والأهلي    ريادة في تطوير العقارات.. هايد بارك تحقق نمو استثنائي في المبيعات لعام 2024    تحديد مدة غياب ماركوس يورنتي    اجتماع موسع لقيادات مديرية الصحة في الإسكندرية    ضبط 17 مخبزا مخالفا في حملة على المخابز في كفر الدوار    ممدوح عباس يهاجم مجلس إدارة الزمالك    المؤتمر: مبادرات الدولة المصرية بملف الإسكان تستهدف تحقيق رؤية مصر 2030    إيمان العاصي تكشف عن مفاجأة في الحلقات القادمة من مسلسل برغم القانون    أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات    مدير كلية الدفاع الجوي: خريج الكلية قادر على التعامل مع أحدث الصواريخ والردارات الموجودة في مصر    قافلة طبية لأهالي «القايات» في المنيا.. والكشف على 520 مواطنًا    تكريم أوائل الطلاب بالشهادات الأزهرية ومعاهد القراءات بأسوان    3 وزراء يفتتحون مركزًا لاستقبال الأطفال بمقر "العدل"    عضو المجلس العسكري الأسبق: مصر لديها فرسان استعادوا سيناء في الميدان والمحاكم - (حوار)    «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية    صندوق النقد الدولي يؤكد إجراء المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة    أمين عام الناتو يزور أوكرانيا ويقول إنها أصبحت أقرب لعضوية الحلف    "القاهرة الإخبارية": الحكومة البريطانية تطالب رعاياها بالخروج الفورى من لبنان    افتتاح المؤتمر الدولي السابع والعشرون لأمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس    شيخ الأزهر يستقبل سفير سلطنة عمان بالمشيخة    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    السيسي يؤكد دعم مصر لرئاسة موريتانيا الحالية للاتحاد الأفريقي بما يحقق أهداف شعوب القارة    رئيس الوزراء ورئيس ولاية بافاريا الألمانية يترأسان جلسة مباحثات مُوسّعة لبحث التعاون المشترك    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز سبل التعاون مع الوكالة الفرنسية للدعم الفنى    "الشيوخ": حسام الخولي ممثل الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    نحاس ودهب وعُملات قديمة.. ضبط 5 متهمين في واقعة سرقة ورشة معادن بالقاهرة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله بن بجاد العتيبى يكتب : أحداث مالي وبؤر الإرهاب
نشر في الوفد يوم 20 - 01 - 2013

لم ينته تنظيم القاعدة بعد، ولم يتم استئصال الإرهاب حتى الآن، بل إن بعض الجماعات الأصولية العنفية تجد في الربيع الأصولي في بلدان الانتفاضات العربية خير داعم لها يمنحها الحرية ويغذيها بالأمل بشأن كيف تعيد حربها على المسلمين والعالم جذعة، تقتّل هؤلاء وتغتال أولئك تحت رايات الدم المكللة بالعنف والمتدثرة بالآيديولوجيا.
كما هو معروف فلم تزل مواطن النشاط الإرهابي والفعل القاعدي المضر والمدان والمجرم تتنقل بحسب مساحات الفوضى التي تتيحها لها عوامل الزمان والمكان وحجم الاضطرابات السياسية وضعف سلطة الدولة، حيث تخلق هذه مجتمعة المحضن الملائم والبيئة الخصبة لانتشاء الفيروس العنفي وتفشيه، وما يجري اليوم في مالي ليس غريبا إلا على غير المتابع، فهو يأتي ضمن سلسلة التنقلات لجماعات العنف الديني التي باضت وفرّخت في مثلث الإرهاب الممتد ما بين الجزائر وموريتانيا ومالي منذ سنين ذات عدد.
يجب أن يكون هذا حاضرا لدى أي متابع لما يجري هناك هذه الأيام خاصة في وجود ماكينة ضخ ضخمة تحاول قراءة المشهد هناك تحت شعارات إسلاموية بالية لطالما رفعها تنظيم القاعدة و«الإرهابيون إلا ربع» الموالون له من وراء ستار، وهي تتحدث عن الاستعمار واستهداف الإسلام والمسلمين ونحوها من عبارات الحشد والتجييش التي جربها الإسلامويون كثيرا من قبل في العديد من المناطق التي كانت بؤرا لتجمعهم في فترات مختلفة.
الإرهابيون مجرمون وقتلة، فهم لا يرعوون عن الدم والقتل، ويمارسون أبشع أعمال العنف والإرهاب ضد المسلمين في تلك البلاد، وهم كما هو معروف من تاريخهم لا يكتفون بوجودهم وسيطرتهم على منطقة معينة فحسب، بل إنهم يخططون من هناك لنشر العنف والإرهاب في بلدان المسلمين وفي أرض الله كلها، فدعاوى البعض بأن جل مرادهم تطبيق الشريعة في تلك البقعة هي دعاوى تدافع عن الإرهاب، وهي عارية عن الصحة وحديث لا زمام له ولا خطام، هؤلاء مسلحون فرضوا أنفسهم بالقوة العسكرية على أهل تلك المنطقة واضطهدوهم ونكلوا بهم، وهم يريدون تطبيق الشريعة على طريقة تنظيمات العنف الديني في الجزائر طوال التسعينات حيث القتل المريع والفتاوى الحمراء القانية باستباحة دماء النساء والأطفال والمسلمين والمسالمين.
الجماعات والتنظيمات والحركات التي تنشط في ذلك المثلث الإرهابي كلها تذكر الجميع بتاريخ حركات العنف الديني الدموي وتاريخ تنظيم القاعدة الأسود، فالأسماء قبل كل شيء تظهر ذلك بوضوح وتبينه بجلاء، فمن أهم الحركات النشطة هناك «حركة التوحيد والجهاد» و«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي» و«جماعة أنصار الدين»، وأخيرا وليس آخرا «جماعة الموقعون بالدم» التي قامت بخطف جزائريين مسلمين ومدنيين أجانب في الغرب الجزائري الأسبوع الماضي.
كما أنه وعلى العادة فإن تشكيل هذه التنظيمات يكون دائما من عدة جنسياتٍ يجمعها العنف والآيديولوجيا الصارمة، فكما صرح مصدر جزائري فإن خاطفي الرهائن (الموقعون بالدم) ينتمون لجنسيات مصرية وجزائرية وتونسية وليبية، وبالتأكيد ثمة غيرها من الجنسيات التي لم يكشف عنها بعد، ولم يسمع أحد من قبل بتنظيم ل«القاعدة» يكون مقتصرا على جنسية بلد واحد، فهم لا يؤمنون بالأوطان أصلا.
نشرت هذه الصحيفة يوم الجمعة الماضي حوارا مع سندة أبو عمامة، الناطق الرسمي باسم «جماعة أنصار الدين»، في حوار يوضح التوجه الإرهابي القاعدي لهذه الحركة.. فالمصطلحات والمفاهيم التي استخدمها واضحة الدلالة وجلية التعبير عن توحد الخطاب الإرهابي وتوحد مفرداته بين إرهابيي الأمس وإرهابيي اليوم، فهو طالب العلماء والفقهاء بأن يكونوا «في مستوى الجهاد وفي مستوى الولاء والبراء وفي مستوى الكفر بالطاغوت»، وهي ذاتها ركائز خطاب تنظيم القاعدة، كما لم ينس الحديث عن شيخهم وشيخ معظمهم في المغرب العربي علي بلحاج، مما يؤكد على استمرارية في النهج العنيف السابق ذاته.
أشار كاتب هذه السطور في 26 سبتمبر (أيلول) 2011 لاحتمالية انتشار تنظيم القاعدة بما يمثله من حركات العنف الديني تحت ظلال الفوضى والاضطراب إلى منطقتين، كانت أولاهما «من مثلث (الجزائر - موريتانيا – مالي) وعبر الصحراء الجزائرية، ليصل لجنوب ليبيا وشمال النيجر وتشاد، وصولا إلى الشمال الغربي للسودان، ومع الأخذ في الاعتبار اضطراب تلك الجهة من السودان واضطراب ليبيا وكثرة المسلحين فيها من الجماعات الإسلامية فإن تلك البؤرة قد تكون موضع قلق حقيقي»، وهو ما سبق لكاتب هذه السطور أن أشار إليه في فترة أقدم في 2008 بالتأكيد على أن ثمة «خطرا يتم اكتشافه يوما بعد آخر، وهو لجوء تنظيم القاعدة إلى أفريقيا للتجنيد، خصوصا في المنطقة الواقعة في مثلث (موريتانيا - الجزائر – مالي)» في تحقيق نشر في صحيفة «الوطن» السعودية.
إن هذه الحركات العنفية تتحرك دائما تحت شعارات عامة وهويات كبرى لم يعد لها وجود في واقع السياسة، أي الدول وحساباتها للأرباح والخسائر.. شعارات من مثل الالتجاء للإسلام العام وتحشيد المسلمين عبر استخدام مفاهيم كالأمة الإسلامية أو الشعوب الإسلامية.. وهم يصرون على ذلك لأن واحدا من أهم المبادئ التي يرتكزون عليها والتي أخذوها - كغيرها - من جماعات الإسلام السياسي هو مبدأ «الأممية» التي لم يعد لها وجود فاعل على الأرض بعد ترسخ الدولة الحديثة واقتصار التعامل العالمي على العلاقات بين الدول والتكتلات السياسية المعترف بها.
السياسة لها لغة ومنطق ورائد، والآيديولوجيا كذلك، فالسياسة لغتها المصالح ومنطقها العقل ورائدها التطوير والتنمية، أما الآيديولوجيا فلغتها الغيب ومنطقها الوهم ورائدها التعصب. قد تجمح السياسة وتخطئ لكن لغتها ومنطقها يعيدانها إلى الطريق الصحيح، فهي لا تأنف من الاعتراف بالخطأ وإصلاحه، لكن الآيديولوجيا ليست كذلك، فهي تعتبر نفسها مقدسة وبالتالي لا يمكن أن تخطئ لدى نفسها ومعتنقيها، فتستمر دائما على أخطائها وتجرجر أذيالها على خيبات إثر خيبات وانحدار تلو انحدار، من دون أن تمتلك أي قدرة على التصحيح والتغيير فضلا عن التطوير.
لم تزل للإرهاب أذيال لم تقطع، ولتنظيم القاعدة آيديولوجيا لم يتم الانتهاء من تفكيكها ورفضها، لكن كل جهد يبذل في هذا الاتجاه هو جهد في الاتجاه الصحيح الذي ينبغي أن يستمر وصولا للقضاء على هذه الظاهرة المؤذية وكل تجلياتها وملحقاتها.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.