كم ثمن المواطن المصرى اليوم؟ كم ستدفع الحكومة تعويضاً لشهداء ومصابى قطار البدرشين؟ دم المصرى أصبح رخيصاً جداً، لا يجد من يقدره، رغم أنه دم حر قام بأعظم ثورة فى التاريخ! دم المصرى لا يساوى حالياً قيمة الزيت والسكر الذى يتم توزيعه أيام الانتخابات لاستغلال حاجة الفقراء وشراء ذممهم للتكويش على السلطة! ارتفعت قيمة كل شىء، زادت الأسعار، صعد الدولار، وسقط الجنيه ومعه المواطن المصرى، وسالت الدماء على الأسفلت فى حوادث طرق مروعة أثناء حشرهم فى علب سردين يقودها صبية وأحياناً مخمورون، وفى قطارات سكك حديد غير آدمية، وفى عبّارات بحرية ونهرية متهالكة، وفى مراكب صيد خلال رحلة البحث عن لقمة العيش. وقبل أن تجف الدموع على تلاميذ المعهد الدينى بأسيوط الذين دهسهم قطار الصعيد، وقعت كارثة أخرى أكثر بشاعة مساء أمس الأول أمام كوبرى أبوربع بالبدرشين، حيث انفصلت عربتان من قطار يقل مجندين قادماً من أسيوط إلى القاهرة، وانقلبتا عدة مرات، واصطدمتا بقطار بضائع يقف فى الاتجاه الآخر، وقتل فى الحادث حوالى «20» مجنداً وتناثرت أشلاؤهم فوق القضبان، وأصيب أكثر من مائة آخرين، وتم نقلهم إلى المستشفيات، بعضهم فى حالة سيئة، هؤلاء الجنود هم من الأسر الفقيرة هم جنود السخرة والمراسلة، يتم حشرهم فى وسائل غير آدمية أثناء توزيعهم على المناطق التى يؤدون فيها فترة تجنيدهم، ولا يختلف حالهم عن حال زملائهم من جنود الأمن المركزى الذين يتم حشرهم فى لوريات مثل علب السردين، رغم التنبه إلى ذلك بعد الحادث المروع الذى وقع وسط سيناء منذ شهور قليلة، وراح ضحيته أكثر من «22» مجند أمن مركزى. طبعاً سيتم البحث عن كبش فداء كالعادة لتحميله مسئولية وقوع حادث البدرشين، وبالمناسبة البدرشين مشهورة بوقوع حوادث القطارات منذ كارثة قطار عيد الأضحى الذى قتل فيه مئات المواطنين من أهل الصعيد أثناء سفرهم لقضاء العيد مع أسرهم، وبالمناسبة أيضاً فإن النائب العام أحال صباح أمس الأول عامل مزلقان قرية المندرة وملاحظ بلوك الحواتكة للمحاكمة بتهمة القتل الخطأ فى كارثة قطار أسيوط، هذا كل ما حدث فى هذه القضية، لبسها الفقراء، كما يموت الفقراء فى الحوادث أيضاً، وخرج منها وزير النقل السابق رشاد المتينى بالاستقالة، كما سيخرج كبار المسئولين من الكارثة الحالية. أين الحكومة؟ لا توجد حكومة حتى نطالب بمحاسبتها، حكومة لا لون ولا طعم ولا رائحة لها، مطلوب أن يتقدم الدكتور هشام قنديل باستقالته فوراً، ويعلن أن بقاءه فى منزله، ليس أفضل من الدماء التى سالت بدون ذنب. من يحاسب الحكومة؟ لا أحد يحاسبها منذ حل مجلس الشعب فى يونيه الماضى ولا حتى مجلس الشورى له حق محاسبتها، الدكتور أحمد فهمى رئيس الشورى قال: دورنا مقصور على التشريع فى هذه الفترة ومحاسبة الحكومة من اختصاص مجلس النواب، ومجلس النواب كما قال فهمى لن يشكل قبل «4 شهور». أما وزير النقل الدكتور حاتم عبداللطيف فقد تولى منصبه منذ أيام ولا يمكن محاسبته حالياً، ولكنه قرر فى موقع الحادث نفس كلام سابقه المستقيل، قال: نعترف بأن منظومة السكة الحديد متهالكة وتحتاج إلى تطوير، نفس الكلام قاله «المتينى» ولم يطور شيئاً حتى وقعت كارثة قطار أسيوط؟ متى يتم التطوير، الله أعلم، لكن أعتقد أن الوزير حاتم سيستقيل؟ مشاكل السكة الحديد أصبحت أكبر من أى حكومة خاصة إذا كانت حكومة قنديل.