رغم قيام الثورة وسقوط المخلوع، إلا أن ملفات الفساد في وزارة الزراعة مازالت من الأشياء المسكوت عنها، مما يثير غضب وحيرة آلاف العاملين والباحثين. ورغم تغيير أكثر من وزير في وزارة الزراعة خلال العامين الماضيين، الا أن هناك الكثير من الغموض وعدم الشفافية في التعامل مع ملفات اهدار المال العام الى الدرجة التي وصلت الى احالة بعض الأوراق الى النيابة الادارية وبدء التحقيقات في أكثر من قضية بدون معرفة الى ماذا انتهت التحقيقات.. وخلال الأيام الماضية تجددت الأحاديث حول ملف مسكوت عنه في معهد أمراض النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية مع تعرض مبنى المعهد لخطر السقوط رغم حداثة عهد بنائه.. وعلى عهدة الدكتور هشام عبد المقصود الباحث في معهد بحوث أمراض النباتات الذي ذهب الى الدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة ليسأله عن أسباب عدم إصداره القرارات اللازمة لازاحة المتسببين في اهدار المال العام، فقال له: «أنا توليت الوزارة واستلمتها بهذه الأوضاع».. أما سبب سؤال الدكتور هشام عبد المقصود هذا السؤال للدكتور صلاح عبد المؤمن - وهو رجل مشهود له بنظافة اليد واللسان - فهو أن وزير الزراعة أحد أبناء معهد بحوث أمراض النباتات وعلى علم بالملفات المسكوت عنها التي تثير غضب الباحثين بل إنه - والعهدة على رواية الدكتور هشام عبد المقصود - هو أحد الذين شاركوا - قبل توليه وزارة الزراعة - في التوقيع على مذكرة قدمها الباحثون ترصد العديد من وقائع اهدار المال العام والمخالفات المالية، فإذا كان الدكتور صلاح عبد المؤمن يعرف وعن يقين هذه الوقائع يصبح سكوته بعد توليه المسئولية كارثة ومصيبة. الدكتور هشام عبد المقصود يسير ومعه ملفات مدعمة بالمستندات عن العديد من المخالفات المالية في المعهد، ولا يعرف مصير التحقيقات التي تمت فيها.. فاذا كانت هذه الأوضاع مقبولة قبل الثورة، فإن السكوت عنها بعد الثورة يصبح جريمة سواء بالصمت أو التجاهل ومن بين الأوراق التي يحملها د. عبد المقصود خطاب رسمي صادر من د. عبد المحسن تهامي عبد الغني مدير معهد بحوث أمراض النباتات، وموجه الى مدير البنك التجاري الدولي يطلب فهي تسييل خطاب الضمان رقم I.g.T072 -38689 بمبلغ 15900 جنيه لحساب الشركة الموردة لأجهزة علمية للمعهد، جميعها لا يعمل بسبب سوء التصنيع.. بل انها اجهزة غير مطابقة للمواصفات!! وهنا يظهر سؤال مهم للغاية: ما هو الاجراء الذي تم اتخاذه ضد اعضاء اللجنة التي استلمت هذه الأجهزة غير المطابقة للمواصفات والتي لا تعمل جميعها؟ هل تمت احالة هؤلاء الى التحقيق وتوقيع الجزاءات المناسبة عليهم أم أن المال العام الذي ليس له صاحب يصبح نهباً بهذه الطريقة السهلة؟ أوراق أخرى في جعبة د. عبد المقصود عبارة عن مذكرة من مدير عام الشئون المالية والادارية في المعهد حول مستندات مشروع ميرك المانجو، وتؤكد المذكرة أن عملية مراجعة مستندات الصرف للمشروع توضح وجود 14 مخالفة من أهمها: شراء مستلزمات المشروع من السوق المحلي احياناً بالجنيه وأحياناً بالدولار وهذه مخالفة للتعليمات المالية لأن الشراء من السوق المحلي يكون بالجنيه، وحتى جميع المشاريع البحثية الممولة من الدول الأجنبية يتم تحويل التمويل الى الجنيه المصري، وتتضمن المخالفات الشراء بالأمر المباشر للمشروع خاصة بالدولار، وصدور شيكات لنفس الأجهزة مرة بالجنيه ومرة بالدولار!! كما تتضمن المخالفات صرف سلفة ولا تتم تسويتها بالكامل وشراء اجهزة بالأمر المباشر في فترة لا تتعدى 10 أيام بدون مناقصة وعن طريق تجزئة المشتريات بمبلغ اجمالي أكثر من 30 ألف جنيه.. وأشارت المذكرة الى أن احدى الشركات رفضت ارسال صور من فواتير الشراء لمطابقتها بصور الفواتير لدى المعهد، الا أن الشركة رفضت وبررت ذلك بأنه طلب الاستاذ الدكتور المسئول عن المشروع!! وتظل الأسئلة البديهية المطروحة قائمة.. لماذا السكوت يا وزير الزراعة.. والتحقيقات انتهت أم مازالت مستمرة أم دخلت الثلاجة؟