رئيس مجلس الدولة يشدد على سرعة نظر القضايا لتحقيق العدالة الناجزة    وزير الكهرباء يغادر إلى روسيا للمشاركة في اجتماعات وزراء طاقة دول البريكس    رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الأعلى للأمن السيبراني    تأكيد مشاركة 45 وزيرًا و70 رئيس مدينة حتي الآن.. تفاعل دولي ومحلي واسع لاستضافة مصر المنتدى الحضري العالمي 4 فبراير المقبل لتدشين حقبة جديدة للتنمية العمرانية    البنك المركزي المصري يقبل ودائع بقيمة 848.4 مليار جنيه    الحجز عن طريق أجهزة المدن.. تفاصيل طرح شقق جديدة الأحد المقبل- صور وفيديو    لماذا لا تريد إسرائيل وحزب الله إطلاق مصطلح 'حرب' على الصراع الحالي بينهما؟    جيش الاحتلال يؤكد اغتيال قائد المنظومة الصاروخية في حزب الله إبراهيم القبيسي    وزير الخارجية والهجرة يتسلم الجائزة المقدمة إلى الرئيس السيسي لجهوده في حشد التمويل لمشروعات تدعم التكامل الإقليمي    في عمر ال29 عامًا.. نجل زيدان يعتزل كرة القدم    الكاف يكشف عن طاقم حكام مباراة مصر وموريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    وزارة الرياضة تنفذ سلسلة من الأنشطة المتنوعة للنشء بمراكز الشباب    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بميدان الرماية    3 مصابين في تصادم ميكروباص بعدة سيارات بميدان الرماية    أهالي "كفر الأشقم" بالشرقية يسغيثون: بقالنا 3 سنين من غير مياه | صور    إيقاعات سعيد الأرتيست فى حفل تنمية المواهب بالأوبرا    الطاهرى: طاقم "القاهرة الإخبارية" فى بيروت يوزع المياه لنازحى الجنوب.. فيديو    هيئة الكتاب تشارك ب500 عنوان فى معرض الكتاب بنقابة الصحفيين    مريم الجندي: الاختيار 2 أهم خطوة في مسيرتي    وزير الثقافة يكرم السوبرانو فاطمة سعيد لفوزها بجائزة الثقافة الأوروبية    طريقة عمل الكفتة المشوية، لغداء سريع التحضير ومغذي    منظمة الصحة العالمية | 30 ألف حالة اشتباه ب«جدري القردة» في إفريقيا    صحة مطروح: تقديم 93 ألف خدمة طبية ضمن المبادرة الرئاسية "بداية"    أحمد عيد عبدالملك يحذر لاعبي الزمالك من «خدعة كولر»    بكتيريا «الإيكولاي».. انتبه لأطفالك في المدرسة    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    تين هاج: أنا مشجع لفريق تفينتى ولم أرغب فى مواجهته    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لمصر ولن نسمح لأي دولة بالتصرف وفق أهوائها    المشاط تلتقي ممثلي «منتدى الشباب» ضمن قمة المستقبل 2024 بنيويورك    رابط إعلان نتيحة تقليل الاغتراب والتحويلات لطلاب الشهادات الفنية 3 و5 سنوات    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    «إلغاء الوجبات المجانية على الطائرات».. توجه عالمي لشراء المأكولات قبل السفر (تفاصيل)    أحكام بالسجن والغرامة ل9 متهمين في قضية انقلاب قطار طوخ    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    طقس الفيوم.. انخفاض درجة الحرارة والعظمى تسجل 33°    عاجل| السيسي يصدر توجيها جديدا بشأن تنمية جنوب سيناء    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    حبس عاطل ضبط وبحوزتi مواد مخدرة قبل ترويجهم على المتعاطين بالمنوفية    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    باستخدام كبرى العلامات التجارية.. التحقيق في واقعة ضبط مصنع أسمدة منتهية الصلاحية بالغربية    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    وفاة الفنان محمود صفا وزوجته في حادث سير مروع    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    شوبير يعلق على قائمة الأهلي للسوبر الأفريقي: لا صحة لوجود حارسين فقط    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسامة غريب يكتب:يومان وليلة في لندن (4)
نشر في الوفد يوم 13 - 01 - 2013


غريب
كان الهواء البارد يدخل الى المقهى مفتوح الأبواب من كل جانب فشعر عادل بأنه يكاد يتجمد، وكان أخشى ما يخشاه هو ان يمرض أو يصاب بنزلة برد تفسد عليه أيامه، فقام يتمشى في المحطة حتى يسري بعض الدفء في أطرافه وأخذ يتأمل المعمار الجميل الذي يحمل سمات العصر الفيكتوري بكل أبهته وبهاه.
مال على دكة وأرخى جسده فوقها محاولاً ان يغفو، لكن البرد حرم جفونه النوم فقام يتمشى في طرقات المحطة وهو شديد العصبية، وأحس بالندم على مجيئه في هذه الظروف، وشعر ان روحه قد تطلع قبل ان يطلع النهار.
بعد قليل توجه الى دورة المياه وكانت كبيرة ومتسعة للغاية وخالية من أي مخلوق، ثم وقف مواجهاً المرحاض يقضي حاجته.
ابتسم وهو يستدعي صورة الرجل الذي أخافه منذ قليل وجعله ينصرف في فزع بعد ان كان المسكين قد تصور أنه اقترب من هدفه وان تخاريف عادل قد تصلح مدخلاً للحصول على موافقته!.
فجأة انتبه على صوت حفيف ثوب وراءه وأحس بأن هناك من يراقبه، فمال بعنقه يستطلع الأمر وتسمّر لدى رؤيته رجلاً طويلاً ضخماً يقف خلفه الى اليمين ويطل عليه في شغف وهو يدفع الماء من مثانته الى حائط المرحاض.
أصيب برعب مفاجئ فتوقف اندفاع الماء وقام بشد سحّاب بنطلونه ثم استدار ليواجه المتلصص الأثيم الذي يراقب المتبولين فوجده أصلع الرأس عريض المنكبين وعلى وجهه ابتسامة عريضة.ألجمته الحيرة فظل ينظر الى الرجل المبتسم وهو لا يدري ماذا يفعل.. وتساءل بينه وبين نفسه: لماذا كلهم مبتسمون؟ وما سر هذه الغبطة على وجوههم؟.. انه لم يصادف رجلاً من هذا النوع الا وكانت ابتسامته الواسعة تملأ وجهه.ترى هل هذا هو السبب في اطلاق اسم أو صفة gay ومعناها (مرح) على هذا النوع من البشر؟.. حقيقة كلهم مرحون ولاد الجزمة.. فهل هذا المرح أصيل فيهم قد زودتهم به الأقدار حتى تكون حياتهم سهلة؟ وهل هو مؤشر على سعادة حقيقية؟.
الله يخرب بيتك يا نجم.. أين أنت بحق الشياطين والأبالسة.. أين أنت بحق المثليين والشواذ؟ أحس أنه يشبه صابر بطل رواية «الطريق» لنجيب محفوط الذي تعلقت آماله في الحياة بالعثور على أبيه.
مر بجوار الرجل وغادر دورة المياه وهو يشعر باشمئزاز عظيم واستقر رأيه على الذهاب الى الفندق وليكن ما يكون.. لا يريد مشتريات.. لا يريد ملابس.. يريد فقط ان يتدثر وان ينام بعد ان يأخذ حمّاماً ساخناً.
لكن رده عن عزمه استمرار هطول الأمطار في الخارج، كما ان الساعة قد قاربت الرابعة، وكلها ساعة واحدة على الأكثر وتبدأ الحركة وتفتح الحوانيت ويمتلئ المكان بالناس.. اصبر يا عادل.. اصبر.. هكذا قال لنفسه.
أشرقت الشمس وبدأ الناس يتوافدون على المحطة وكان التعب قد هده فاستسلم للنوم وهو يجلس متكوراً على دكة خشبية، فقام وأخذ يتمطي ويتثاءب ثم توجه الى مكتب الأمانات فأخذ حقيبته وأخرج منها فرشاة الأسنان والمعجون وثياباً جديدة ودخل الحمّام ثم خرج في حالة طيبة وتوجه الى الاستعلامات يسأل عن بيوت الشباب فأعطته الموظفة بعض العناوين.سألها ان تكمل جميلها وتتصل بأحد هذه البيوت لتتأكد من وجود مكان خال.قامت الفتاة بجولة تليفونية ثم مطت شفتيها في يأس وأخبرته ان كل بيوت الشباب مشغولة بسبب اقتراب موعد الكريسماس.
خرج من المحطة حائراً وسار على مهل يتأمل المتاجر المحيطة بمحطة فيكتوريا ثم عبر الطريق وشاهد أوتوبيسات السياح ذات الطابقين تقف أمام مبنى كبير يصطف أمامه الناس ثم أبصر لافتة مكتوب عليها «قصر باكينجهام».. هذا هو اذاً القصر الملكي الشهير.سار بحذاء القصر ثم أبصر حديقة الى الجهة الأخرى فمضى اليها ووجد اسمها حديقة سان جيمس.اشترى ساندوتش وكوباً من الشاي وجلس أمام البحيرة الصناعية التي يسبح فيها البط وتحلق حولها طيور النورس في منظر بديع.
بعد ان أشبع ناظريه من الطبيعة الجميلة غادر الحديقة وعبر بوابة أفضت به الى طريق فوجد الى يساره ميدان «ترافالجر» الشهير الذي يسميه العرب ميدان الطرف الأغر.ضحك على هذه التسمية العجيبة، وتذكر ان هناك من العرب من يشتط فيسمى «شكسبير» شاعر الانجليز العظيم «الشيخ زبير» بعد ان يزعم أنه كان في الأصل عربياً!!.
جلس في الميدان الذي يملأه الحمام ويتجول فيه في طمأنينة يلتقط فتات الطعام من أيدي الناس دون ان يخشى منهم أي غدر أو حركات نذالة.. و طاف بخياله ان هذا الحمام لو حط على الأرض دون طيران لخمس ثوان فقط بأحد الميادين في القاهرة لوجد نفسه محشواً فريك بعد دقائق!.
استغرب لأنه أحس نفسه سعيداً ونسي ليلة الأمس الطويلة المزعجة.يبدو ان الليل يشترط السكينة والجدران الأربعة.. فان غابوا تحول الى عذاب.أما النهار فجميل بصخبه وضوضائه وازدحام طرقاته بالناس والسيارات.
نقلا عن صحيفة االخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.