اعتبر الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقاله اليوم الجمعة بصحيفة " الإندبندنت" ان الصحوة العربية لم تبدأ في تونس هذا العام بل بدأت في لبنان عام 2005. وأشار فيسك في مقاله تحت عنوان "طال الزمن" إلى ان الثورات لا تبدأ بحادثة مثيرة واحدة، كتدمير كنيسة أو إشعال رجل النار بنفسه( في اشارة الى اشعال الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في نفسه). ويرى فيسك ان بداية الصحوة العربية بدأت مع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، في 14 فبراير 2005، وخروج آلاف اللبنانيين على أثر تلك الحادثة للمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان. ويقارن فيسك بين أقوال المتظاهرين في العالم العربي ، ونقل عن احد المتظاهرين قوله :"الرئيس بشار الاسد يكذب وأؤكد لكم! هناك أكثر من 6000 سجين سياسي في سوريا فماذا يعني الإفراج عن 260 مجانا". وتابع : "الاسد قال إنه سيحارب الفساد هل سيعتقل ابن عمه رامي مخلوف وشقيقه ماهر الاسد؟". وشدد "في سوريا ونحن لا نتظاهر من أجل الغذاء أو المال، ونحن نريد تغيير النظام برمته وشنق كل عائلة الأسد". واعتبر فيسك ان قصة الثورة في تونس ومصر واليمن وليبيا واحدة وان التظاهرات المؤيدة للحكومة وهمية، مشيرا الى ان كل الدول العربية لجأت في قمع ثوارتها الى العنف عن طريق ارتداء الشرطة لملابس مدنية واللجوء الى نظام البلطجية، قائلا:" ان هذا الاسلوب استخدمه مبارك واستخدمه بشار في اللاذقية". وأشار الى انضمام الجيش الى المتظاهرين في مصر، معتبرا ان السيناريوا يتكرر في اليمن مع انضمام قادة الجيش للمحتجين، قائلا:" لكن الذئاب لا تتحول إلى قطط". وعرض فيسك أمثلة على ذلك من خلال الوثيقة الصادرة عن الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، وزير الداخلية السعودي، وهي عبارة عن نص للتعليمات التي تقول الصحيفة إنه كان قد أصدرها لقوات الأمن والشرطة السعودية للتصدي لما كانت المعارضة قد أطلقت عليه "ثورة حنين" التي دعت إليها في وقت سابق من العام الحالي. وينقل فيسك عن الأمير نايف قوله في الوثيقة لوصف المتظاهرين: "هذه المجموعة من الأفراد الضالين تنشر الشر في الأرض، فلا تظهروا لهم الرحمة. اضربوهم بقبضات من حديد، فمن المسموح لكافة الضباط والعناصر استخدام الرصاص الحي". ويضيف بقوله: "هذه أرضكم، وهذا دينكم. فإذا أرادوا تغيير ذلك واستبداله، فعليكم أن تردُّوا عليهم. نشكركم، ونتمنى الكم التوفيق". وأضاف فيسك:" ان الامر الغريب في الثورات العربية أن الحكام المستبدين - سواء كانوا يحملون اسم بن مبارك اوالأسد، أو حتى آل سعود - يقضون وقتا طويلا في التجسس على الأجانب ويحشدون الوثائق عن تجاوزات شعبهم". ونقل وروى اريك رولو، مراسل صحيفة لوموند في إيران، الذي أصبح في وقت لاحق السفير الفرنسي في تونس، كيف ان الجنرال بن علي، وزير الداخلية التونسي بين عامي 1985 و 1986، اعرب عن رغبته في الحصول على أحدث معدات الاتصالات الفرنسية من باريس للتجسس. وتطرق فيسك الى لقطة من المظاهرات المصرية في ميدان التحرير قائلا " الغريب انه على الرغم من أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان منشىء الديكتاتورية العسكرية في مصر إلا ان الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير كانوا يتحدثون عنه ويذكرون اسمه بكل احترام ". متابعا:" لم يكن هذا لأنهم نسوا تركته ولكن لأنه، بعد عقود من الحكم الملكي والحكم الاستعماري البريطاني، كان ناصر أول زعيم منح مصر احترام الذات". وتابع فيسك : " كانت هدى عبد الناصر على حق عندما قالت "الناس يعتقدون أن شباب اليوم ليس لهم في السياسية، ولكن ثبت أنههم على خطأ، ناصر لا يزال في صميم الأساطير الثورية في مصر والعالم العربي بأسره، وهذا هو السبب في أنك رأيت صورا لعبد الناصر ترفع عالية في ميدان التحرير ".