قال الدكتور محمود محمد الطنطاوي، بقسم التربية الخاصة- كلية التربية جامعة عين شمس، يُعد اضطراب التآزر النمائى واحدا من أكثر اضطرابات مرحلة الطفولة شيوعاً، وعلى الرغم من ذكر هذا الاضطراب في الأدبيات الطبية والتربوية، إلا أن الباحثون ما زالوا يسعون إلى تكوين وجهة نظر تكاملية عن الكيفية التي يمكن بها تشخيص هذا الاضطراب والمداخل العلاجية المناسبة لعلاجه. أضاف الدكتور " محمود" انه يشبه اضطراب التآزر النمائى جبل الثلج الذى يظهر منه جزء صغير للغاية بينما يوجد الجزء الأكبر مغمورا تحت الماء، فالجزء المرئي في حالة اضطراب التآزر النمائى هو الصعوبات المرتبطة بقصور التناسق الحركي، بينما الجزء غير المرئي هو الصعوبات الأساسية في الانتباه والذاكرة وبعض المهام التي تتطلب مهارات إدراكية، ومع مرور الوقت يصبح الجزء المرئي أقل ظهورا ولا يلاحظه الآخرون ويصبح الجزء غير المرئى أكثر ظهورا، لذلك عندما يدخل الطفل مرحلة المراهقة والنضج قد تتحسن المهارات الحركية بينما يستمر قصور الجوانب المعرفية واضحاً جليا. وعرف "الطنطاوى" اضطراب التآزر النمائى بأنه اضطراب يحدث في مرحلة الطفولة نتيجة قصور التكامل الحسى، يؤثر على قدرة الطفل في تخطيط وتنفيذ المهارات والقيام بالمهام الحركية المعتادة، وفى هذا الاضطراب لا يعانى الطفل من ضعف العضلات أو الشلل، حيث تظهر الأعمال الحركية الإرادية الهادفة بشكل غير متسق، في حين تظهر الأعمال الحركية اللإرادية بصورة طبيعية. وعن أسباب اضطراب التآزر النمائى فإنه لا تزال حتى الآن الأسباب المؤدية إليه غير معروفة ولكن يبدو أنها ترتبط بقصور الجهاز العصبي المركزي، ويحدد بعض الباحثين أسباباً أخرى غير متجانسة منها الولادة المبكرة، واضطراب التكامل الحسى، وقصور السيطرة المخية للنصفين الكرويين، ومشكلات المخيخ، وعيوب القشرة المخية، وعيوب الجسم الثفنى. ويعتقد البعض أن اضطراب التآزر النمائى يحدث نتيجة انقطاع المسارات العصبية التي تربط بين المناطق البصرية والمناطق الحركية، بينما يفسر البعض الآخر حدوثه نتيجة قصور العلاقات المكانية، لذلك أدرج بعض الباحثين اضطراب التآزر النمائى على أنه اضطراب ضمن اضطرابات التفكير المكاني. ويشترك الأطفال ذوو اضطراب التآزر النمائى في بعض الخصائص منها: - صعوبات الحركة ومتابعة الحركة أثناء بعض الأنشطة مثل التمرينات الرياضية، أو أداء المهارات الحركية الدقيقة التي تتضمن الكتابة اليدوية. - الإحساس بالخشونة أثناء أداء المهام الحركية. - صعوبات في معالجة المعلومات ومهارات الاستماع. - صعوبات في متابعة العمل المكتوب وصعوبة متابعة الخطوات في المهام العملية. - صعوبات الفهم. - مشكلات الإمساك بالقلم، ومعدل الكتابة البطيء. - مشكلات الكفاءة الأدائية لليد ويتضح ذلك أثناء الكتابة والنسخ واستخدام أدوات المائدة تأخر تطور اللغة المنطوقة. وتتمثل الخصائص الأكاديمية للأطفال ذوى اضطراب التآزر النمائى فيما يلى: - يعانى الأطفال ذوي اضطراب التآزر النمائى من صعوبات جمة في القراءة ويرجع ذلك إلى صعوبة تذكر أصوات الكلمات أو صعوبات التهجئة أو بسبب الصعوبات البصرية الإدراكية، وفى كثير من الأحيان يجد الطفل صعوبة في تركيز الانتباه، ونقل الانتباه من مثير لآخر، كما يجد صعوبة في العودة إلى المكان الذى يقرأ فيه داخل الصفحة مما يجعل عملية القراءة تحدث ببطء، وقد يقرأ الطفل بسهولة حتى تعبر عيناه خط المنتصف في الصفحة ومن ثم تفقد المكان وتبدأ في التحرك من مكان لآخر. كما يعانى الأطفال ذوو اضطراب التآزر النمائى من مشكلات جمة في الكتابة اليدوية وتظهر عيوب الكتابة اليدوية واضحة عند مراجعة أعمالهم، ومن أهم مشكلات الكتابة لديهم ما يلى: - القبض على القلم باليد بصورة خاطئة. - وضع ورقة الكتابة في موضع غير ملائم. - قصور التآزر بين العين واليد. - كتابة الأحرف بشكل غير صحيح. - كتابة أحرف غير مكتملة. - عدم تناسق حجم خط الأحرف. - الخلط بين الأحرف الكبيرة والأحرف الصغيرة. - ضعف محاذاة الكتابة على الصفحة. - عدم الكتابة على السطر المحدد حيث يلاحظ صعود وهبوط الكلمات. - التباعد غير الملائم بين الكلمات، إما تكون الكلمات بدون مسافات أو توجد مسافات ضيقة جدًا أو مسافات واسعة جدًا. - كما يعانى الكثير من أطفال ذوي اضطراب التآزر النمائى من صعوبات نوعية في المعالجة الرياضية وقد يستخدم مصطلح صعوبات الرياضيات ليصف مشكلاتهم، ويشير مصطلح صعوبات الرياضيات النمائية إلى اضطراب يؤثر على قدرة الطفل على تعلم الرياضيات، بحيث يكون المستوى الصفي للطفل في الرياضيات أقل من عمره العقلي. أما عن أنماط اضطراب التآزر النمائى فيرى الباحثون أنها تنقسم إلى الأنماط التالية: النمط الحركي العقلي: ويعانى فيه الطفل من مشكلات في الزحف والحبو، والبطء في أداء المهام، وصعوبة تقليد الإيماءات والإشارات، والتوازن الجسمي الدينامي، والتكامل الجسمي المكاني، والكتابة اليدوية (لا يقصد بها عسر الكتابة)، وتشوهات النغمة الصوتية. النمط البصرى المكاني: ويعانى فيه الطفل من مشكلات في حل الألغاز، ومشكلات التكامل البصرى الحركي، والتكامل المكاني، والحساب. النمط المختلط: ويعانى فيه الطفل من النمط الحركي العقلي والنمط البصرى المكاني. ويمكن علاج اضطراب التآزر النمائى من خلال بعض الأساليب الحديثة التي تم استحداثها من أجل علاج هذا الاضطراب حيث يرى بعض الباحثين أهمية تقنية الرسوم المتحركة المعروفة باسم Rotoscopy في تنمية المهارات الحركية لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب التآزر النمائى، كما تفيد هذه التقنية في تحسين مهارات الكتابة اليدوية. كما أشار بعض المتخصصين إلى فعالية بعض ألعاب وبرامج الكمبيوتر مع الأطفال الذين يعانون من قصور كبير في مهارتهم الحركية، وتقوم هذه الألعاب على مبادئ تعليمية جديدة وهى أن الأطفال الذين يعانون من قصور في مهارتهم الحركية ينبغي عليهم التعلم من خلال الألعاب التي يتجسد فيها التفاعل بدون لمس من خلال كاميرا ما، ومما سبق يتضح علاقة اضطراب التآزر النمائى بمستوى التحصيل الدراسي لدى الطلاب وأن الطلاب الذين يعانون من هذا الاضطراب معرضون لخطر المشكلات الأكاديمية وتدنى مستواهم الدراسي.